واشنطن، نيويورك، سان فرانسيسكو - رويترز، أ ف ب - بعد شهرين على تفكيك معسكر حركة «احتلوا وول ستريت» في نيويورك، التي انطلقت في أيلول (سبتمبر) الماضي في احتجاجات ضد الرأسمالية الجامحة، تجهد الحركة للمثابرة أثناء الشتاء وتحصي أموالها ودعمها، آملة بانتعاش في الربيع. وتجمّع مساء الخميس حوالى 20 شخصاً في موقع المعسكر القديم في حديقة زوكوتي بحي وول ستريت النيويوركي، لعقد جمعية عامة وسط درجات حرارة بلغت اثنتين تحت الصفر. ونظراً إلى قلة عددهم لم يحتاجوا إلى مكبرات صوت لسماع ما يقال. وكانت الساحة خالية يراقبها شرطيان يرتعدان برداً، وثلاثة من الحرس الخاص. وقال العامل في مصنع للكيماويات الناشط في الحركة شون ماكيون: «لم نعد نفعل كثيراً ولم يبق لدينا كثير من المال»، لكنه أصرّ على البقاء متفائلاً. وهو من الذين قرروا في جمعية عامة الأسبوع الماضي «تجميد» نفقات «احتلوا وول ستريت»، باستثناء الضرورية منها لتجنّب إفراغ صناديق الحركة. أزمة سيولة؟ ومن الهبات التي بلغت 730 ألف دولار منذ تشرين الأول (أكتوبر)، على ما أعلنت الحركة على موقعها الإلكتروني، لم يبق أكثر من 270 ألفاً، وفق ماكيون، وجمّدت 100 ألف دولار لتسديد كفالات متظاهرين قد يتعرضون للتوقيف. وتتخذ المسألة المالية أهمية حساسة، فالبعض يخشى من وقف الحركة تمويل 130 مناصراً تؤويهم كنائس نيويورك، كما يرفض آخرون قطعياً مساعدة فروع الحركة الأخرى في البلاد مالياً، التي يبلغ عددها نحو 60 فرعاً وفق موقع المدوّنات السياسية «فايردوغ ليك». وقال الناطق باسم الحركة بيل دوبس إن المال «ضروري جداً»، لكنه «ليس كل شيء». وأشار إلى أن المئات لا يزالون منخرطين وناشطين في الحركة التي تندد بتفاقم التفاوت ووزن المال في السياسة الأميركية. وتابع: «بالأمس كنا أمام مسرح أبولو في هارلم في نيويورك حيث كان (الرئيس الأميركي باراك) أوباما متوجهاً لحضور أمسية لجمع التبرعات، للتنديد إفساد المال الانتخابي»، ثم تحدث عن تظاهرة أخرى أول من أمس رفضاً لقرار المحكمة العليا الذي سمح عام 2010 بتمويل الشركات الحملات الانتخابية في شكل غير محدود. وأضاف: «إننا نبني حركة ونبذل جهوداً حثيثة استعداداً للربيع»، متحدثاً عن الأول من أيار (مايو)، المتوقع أن يشهد زيارة الحركة شمال شرقي البلاد. وأوضح: «أن بناء حركة مقاومة في الولاياتالمتحدة عملية مثيرة للاهتمام، فينبغي أن يدرك الناس ما يحصل، وأن يتعلّموا كيفية تنظيم تحركات، لكن الأمر يتطلب وقتاً». وكل أسبوع يرصد موقع «احتلوا وول ستريت» العشرات من مجموعات العمل، ف «تتسع قاعدة الحركة»، وفقاً لدوبس. وانتشرت شعارات الحركة إلى حد كبير على غرار «نحن ال99 في المئة». وعلى رغم تضاؤل التغطية الإعلامية للحركة وتقلّص تظاهراتها في الشتاء، يريد دوبس الإيمان بأن الربيع «سيجلب معه زخماً سياسياً جديداً». «مورغان ستانلي» و «ويلز فارغو» وعلى رغم الامتعاض الشعبي من المكافآت الدسمة لمسؤولي المصارف بعد بدء أزمة المال عام 2008، أفاد مصدر أمس بأن جيمس غورمان، الرئيس التنفيذي لمصرف «مورغان ستانلي»، حصل على مكافأة قيمتها 10.5 مليون دولار لعام 2011. وعلى رغم من أن المكافأة تقل 25 في المئة عن مكافأة العام السابق، أثار النبأ امتعاضاً في صفوف حركة «احتلوا وول ستريت». وسترحَّل كل مكافآت غورمان ما بين سنتين وثلاث سنوات، بما في ذلك مكافأة في صورة أسهم بقيمة 5.1 مليون دولار وردت تفاصيلها في إشعار إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مساء أول من أمس. وقيّد عشرات المحتجين أنفسهم في أبواب مصرف «ويلز فارغو» في سان فرانسيسكو أول من أمس، في حين احتشد المئات من المتظاهرين أمام مقار محاكم فيديرالية في أنحاء عدة من الولاياتالمتحدة احتجاجاً على حملات تبرّع للشركات. واستهدف المحتجون في سان فرانسيسكو تعطيل حيّ المال في المدينة، من ضمن ما يسمى بحركة «احتلوا وول ستريت في الغرب»، وضمت أهدافهم 22 فرعاً مصرفياً وغيرها من المكاتب المختصة في قطاع المال. واعتقلت الشرطة 11 محتجاً قيّدوا أنفسهم بمدخل خلفي لمقر «ويلز فارغو» بتهمة التعدي على ممتلكات الغير، لكنها سمحت لمحتجين آخرين بالبقاء مقيّدين في أبواب أخرى للمبنى. وقال قائد شرطة سان فرانسيسكو ريتشارد كوريا إن الحركة سلمية واتخذت مصارف عدة خطوات لتخفيف الأثر. وأضاف أن «ويلز فارغو» أبلغ الكثير من موظفيه بالعمل من المنزل. ومنعت الحواجز وحراس أمنيون محتجين يستهدفون مباني أخرى في حي المال من سد مداخلها. وفي مناطق أخرى من الولاياتالمتحدة، خرج محتجون تحت راية «احتلوا المحاكم» مستهدفين 150 دار قضاء في الذكرى السنوية الثانية لقرار المحكمة العليا الأميركية الشهير حاملين شعار «مواطنون متّحدون ضد اللجنة الفيديرالية للانتخابات»، الذي يقول المحتجون إنه سمح بعمليات إنفاق غير محدودة على حملات الشركات.