برز عدد كبير من الشركات في العراق بعد عام 2003، على رغم الأوضاع الأمنية السيئة التي كانت سائدة وتعوّق أعمالها. وأكدت عضو اللجنة الاقتصادية والاستثمار في مجلس النواب العراقي نورة البجاري في تصريح إلى «الحياة»، أن الإحصاءات الأخيرة لدائرة مسجل الشركات في وزارة التجارة العراقية، تشير إلى ارتفاع عدد الشركات المسجلة إلى 60 ألفاً، بينها 1100 شركة عربية وأجنبية». وتأسست نسبة كبيرة من هذه الشركات للفوز بعقود التجهيزات والمشاريع من القوات الأميركية، فيما تعود ملكية عدد كبير منها إلى أحزاب وشخصيات نافذة تحصل على حصة الأسد من المشاريع الحكومية، وتنحصر مهمتها في الفوز بالعرض وبيع المشروع لشركة منفذة في مقابل أرباح خيالية. ولاحظت البجاري أن ازدياد عدد معظم هذه الشركات سُجل بعد عام 2003، إذ «لم يتجاوز 8 آلاف شركة منذ بدء العمل بقانون تسجيل الشركات العراقي منذ عقود وحتى عام 1990، فيما ارتفع عام 2003 إلى 23 ألفاً، وسُجلت بعد هذا التاريخ 37 ألف شركة أي خلال ثماني سنوات فقط». ولم تتأكد حتى الآن، من أن «هذه الشركات تعمل كلها على أرض الواقع أم أنها عبارة عن مسميات وهمية استغلها بعضهم للتحايل على القوانين». ولفتت إلى وجود شركات «لا تحمل التخصص كما هو معمول به عالمياً، فهي تقدم على مشاريع بناء وتجهيز وزارات واستيراد بضائع متنوعة وتصدير نفط». مشروع قانون وكشفت عن «مساعٍ تبذلها اللجنة والسلطة التنفيذية ممثلة بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، لتعديل قانون الشركات القديم أو استبداله بقانون جديد، وهو ما ترغب فيه الحكومة، على رغم اعتراض البرلمان الذي يعتبر أن القانون القديم يفي بالغرض ويمكن استبداله لاحقاً». وعزت رئيسة شركة «الغد» أمل الزبيدي، سبب تسجيل هذا العدد الكبير من الشركات، إلى «تعليمات أصدرتها القوات الأميركية والحكومات المحلية في المحافظات، ألزمت كل مَن يرغب في الحصول على عقود وتقديم عروض لمشاريع، امتلاك شركة مسجلة في وزارة التجارة». وأوضحت أن «شروط التسجيل كانت سهلة جداً، إذ يتطلب ذلك تقديم طلب ووثائق ورصيد ضئيل في أحد المصارف لمحامين تخصصوا بهذا الأمر». ولفتت إلى أن معظم الشركات المسجلة بعد عام 2003 «لا يملك مقار لعملها، والمستغرب أن معظمها مسجل بأسماء نساء وهن إما زوجات أو أخوات أو بنات من يديرونها، ويعود السبب إلى الحصول على فرصة أكبر للفوز بعقود القوات الأميركية التي كانت تفضل إحالة المشاريع إلى شركات تملكها نساء كدعم لهذه الشريحة، وتبيّن أن غالبيتهن لا يعلمن حتى أسماء شركاتهن لاحقاً». جهات نافذة وكشف مصدر مسؤول في الدولة ل «الحياة»، أن نسبة من هذه الشركات «تعود إلى جهات نافذة تعمل في شكل خفي، إذ تحصل على معظم المشاريع التي تحيلها الوزارات ومن ثم تبيع العقود لشركة منفذة أخرى». وأشار الخبير القانوني علي الحطاب، إلى أن وزارة التجارة ومن خلال دائرة الرقابة، «تعمل سنوياً على إلغاء عشرات الشركات وسحب إجازاتها»، معتبراً أنه «إجراء قانوني في حال لم تقدم الشركات تقريراً سنوياً عن نشاطاتها وتفاصيل أعمالها». وأكد إمكان «وصف معظم هذه الشركات بالموقتة، وستواجه خطر الإلغاء قريباً». وأعلن وجود «لجان، مكلفة متابعة عمل الشركات المسجلة وإحالة المخالفة للقوانين إلى المحاكم لإلغائها وسحب الإجازة». لكنه اعترف أيضاً بأن عدد الشركات المسجلة «تجاوز 60 ألفاً، بينها أكثر من 1020 شركة عربية وأجنبية». وأوضحت مسؤولة دائرة تسجيل الشركات الأجنبية في وزارة التجارة هدى هادي، أن عدد الشركات الأجنبية والعربية «وصل إلى 1100».