ميلانو - أ ف ب - تراجعت تكاليف الاقتراض بالنسبة إلى ايطاليا وإسبانيا في شكل كبير أمس في اول مزاد تعقده الدولتان لبيع سنداتهما الحكومية هذه السنة، ما يعد مؤشراً على تحسن ثقة السوق. وتراجعت معدلات الفائدة على السندات الايطالية استحقاق 12 شهراً الى نسبة 2.735 في المئة من 5.952 في المئة في آخر مزاد جرى في كانون الاول (ديسمبر)، بينما انخفضت معدلات الفائدة على السندات الاسبانية استحقاق ثلاث وأربع وخمس سنوات الى ما دون أربعة في المئة. نتائج المزادين وتمكنت ايطاليا من جمع 12 بليون يورو، فيما تمكنت اسبانيا من جمع نحو 10 بلايين يورو، اي ضعف المبلغ الذي كانت تستهدفه. ورأى محللون ان نتيجة المزادات تعكس انخفاضاً في القلق الذي يعتري السوق وكذلك تأثير الاموال التي أمنها البنك المركزي الاوروبي للبنوك بمعدلات فوائد منخفضة الشهر الماضي، ما شجع بعض المقرضين على شراء السندات. وقال محلل في بنك «يونيكريديت» الايطالي ان المبيعات «سارت على نحو جيد». وأشار الى ان المزاد الايطالي «يعكس تحسناً كبيراً في مشاعر السوق وكذلك تأثيرات السيولة الهائلة المتوافرة» في النظام المصرفي. وقال رانفير سنغ، الرئيس التنفيذي لشركة «رانسكواك» لتحليلات السوق، ان المزاد الاسباني «كان جيداً جداً»، لكن المبيعات تعززت بفضل اطلاق البنك المركزي الاوروبي قروضاً جديدة مدتها ثلاث سنوات بمعدلات فائدة منخفضة للغاية. وقال سياران اوهاغان، خبير السندات في «بنك سوسيتيه جنرال» الفرنسي، ان المزاد الاسباني يظهر ان «التوترات التي تعانينها اسبانيا منذ اشهر بدأت تخف». دعا رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروزو الى زيادة الاموال الطارئة لدول منطقة اليورو، فيما دعا رئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي اوروبا الى ان تستهدف تحقيق النمو من اجل الخروج من ازمة الديون الطويلة التي تعاني منها. وقال باروزو خلال زيارة الى كوبنهاغن ان «المفوضية الاوروبية تناشد وضع اقصى اجراءات الحماية الممكنة. فذلك مهم لكسب ثقة المستثمرين في قدرة اليورو على التغلب على هذه الازمة». وتحظى العملة الاوروبية الموحدة (اليورو) حالياً بآلية دعم موقتة هي «صندوق الاستقرار المالي الاوروبي» الذي يضم نحو 250 بليون يورو من اصل قدرات إقراض اولية تبلغ 440 بليون يورو. ولا يعتبر ذلك المبلغ كافياً لمساعدة دول كبيرة مثل ايطاليا وإسبانيا في حال تعرضت لمشكلات مالية، ولذلك يجرى حالياً نقاش حول امكانية تعزيز هذا الصندوق الموقت أو تقوية آلية «صندوق الاستقرار الاوروبي» الدائم الذي سيبدأ العمل به في تموز (يوليو) المقبل. وتعارض المستشارة الالمانية انغيلا مركل ضخ الاموال في مزيد من الصناديق. وقال مونتي لميركل خلال زيارته برلين أول من أمس ان ايطاليا تحتاج الى مساعدة ملموسة لخفض تكاليف الاقتراض التي ارتفعت في شكل كبير في الاشهر القليلة الماضية، محذراً من انه اذا لم يتم ذلك، فإن ذلك سيعود بعواقب على الاتحاد الاوروبي. وأمس قال المفوض الاوروبي السابق ان على اوروبا بذل مزيد من الجهود لتشجيع النمو الاقتصادي من طريق الاقتداء ببريطانيا وبولندا، ملمحاً الى ان على البنك المركزي الاوروبي لعب دور اكبر في المستقبل. وقال: «ان ما يهم اوروبا الآن ليس ضبط الموازنات فقط، بل ان من المهم للغاية تجاوز ذلك والاستثمار في الطاقة السياسية البناءة في النمو». وأضاف: «يجب ان نستغل القدرات الكاملة للقارة المتكاملة لتحقيق مزيد من النمو. وهذا الامر لم يحدث حتى الآن». قمة أوروبية ويستضيف مونتي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ومركل لإجراء محادثات ثلاثية في روما الاسبوع المقبل قبل قمة للقادة الاوروبيين في 29 كانون الثاني (يناير) لمناقشة ازمة الديون التي ستهيمن على القمة. وتعهد مونتي، استاذ الاقتصاد المرموق، ان يعيد لإيطاليا، التي تعد ثالث اكبر اقتصاد في منطقة اليورو، دورها العالمي الكبير. وقال: «يجب ان تلعب ايطاليا دوراً ناشطاً في المساعدة في اعادة اوروبا الى طريق النمو والاستقرار». وأصبحت ايطاليا التي تعاني من جبل من الديون يبلغ 1.9 تريليون يورو (2.4 تريليون دولار)، واقتصاد يتجه نحو الركود وارتفاع تكاليف الاقتراض في شكل كبير، العامل الرئيس في قلق المستثمرين من ازمة الديون في منطقة اليورو خلال الاشهر الاخيرة. ويواجه ذلك البلد عاماً صعباً في اسواق الدين حيث انه يحتاج الى جمع نحو 450 بليون يورو. واستجابت اسواق المال في شكل ايجابي لمزادات السندات أمس، حيث سجلت بورصة ميلانو ارتفاعاً كبيراً زاد عن 3 في المئة، بينما ارتفعت بورصة مدريد بنسبة 1.53 في المئة. كما انخفضت تكاليف الاقتراض في اسواق السندات الاوسع في شكل كبير. كما وردت أنباء جيدة اخرى من ايطاليا مع ارتفاع الانتاج الصناعي في تشرين الثاني (نوفمبر) على رغم ان الحكومة لا تزال تتوقع ان ينكمش الاقتصاد.