واشنطن - أ ف ب - طلبت الولاياتالمتحدة ان تؤمن أنقرة محاكمة قضائية تتسم «بالشفافية» وتحترم المعايير الدولية لرئيس الاركان التركي السابق الجنرال ايلكر باشبوغ الذي وضع قيد السجن الاحتياطي اول من امس بتهمة محاولة اسقاط الحكومة عبر تشكيل وقيادة منظمة ارهابية. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فكتوريا نولاند: «نتابع باهتمام التطورات الاخيرة في هذا الملف، ودعونا الحكومة التركية الى التأكد ان التحقيقات في هذا النوع من القضايا تجرى بشفافية، وان كل المتهمين يتمتعون بمحاكمات مطابقة للمعايير الدولية». وشكل سجن الجنرال باشبوغ المرحلة الاخيرة في النزاع القائم بين الجيش والسياسيين الاسلاميين المحافظين في السلطة، والذي ادى خلال السنوات الاخيرة الى سجن عشرات من الضباط لا يزالون في الخدمة او هم متقاعدون في اطار تحقيقات حول مؤامرات مفترضة تستهدف الحكومة. وأثار مثول الضابط المتقاعد امام القضاء ارتياحاً في الاوساط القريبة من حزب «العدالة والتنمية» التي رأت في ذلك اختراقاً حاسماً في مجال الديموقراطية. وصرح بيتر ستانو الناطق باسم المفوض الأوروبي المكلف شؤون التوسعة ستيفان فولي بأن «الاتحاد يرى أن اعتقال باشبوغ يشكل فرصة من أجل ترسيخ تركيا دولة القانون»، علماً أنه لم يكن وارداً قبل سنوات اعتقال ضابط بهذه الرتبة، لكن نفوذ الجنرالات تراجع تدريجياً مع إجراء أنقرة إصلاحات لتعزيز السلطة المدنية ومحاولتها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ولطالما اعتبر الجيش التركي، الثاني على صعيد العدد في الحلف الأطلسي (ناتو)، حامياً للدستور العلماني في البلاد، ونفذ ثلاثة انقلابات بين عامي 1960 و1980 وأرغم الحكومة على الاستقالة عام 1997. ويرى محللون أن هذا الاعتقال يؤكد تراجع النفوذ السياسي للجيش. لكنهم ينتقدون القسوة المعتمدة في حق المتآمرين المفترضين ويتساءلون ما إذا كان اجتهاد الجهاز القضائي نجم عن خضوعه لحكومة متسلطة أكثر وأكثر. وكتبت رحات مينغي في صحيفة «وطن»: «بالطبع إذا كان هناك جريمة هناك عقاب. لكن الاعتقاد بأنه يمكن مثل هذه الشخصية الفرار وإيداعه السجن يعني إسقاط افتراض البراءة». وأضافت أن «سجن شخصية تولت منصباً مهماً يعني سوء تفسير القانون الذي لا ينص على الاعتقال إلا إذا كان هناك احتمال لفرار المشبوه. وتابعت أن «الحرية هي المبدأ والحبس الاحترازي الاستثناء. ويقول الخبراء إن الاستثناء أصبح القاعدة». وقال إيدين أنغين الصحافي والكاتب الذي انتقل إلى ألمانيا بعد انقلاب عام 1980: «لا أتعاطف اطلاقاً مع الجنرالات ولا مع باشبوغ، لكن لماذا أودع السجن كمجرمي الحق العام؟». وقال سينان أولغن المحلل في مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الأجنبية: «يمكن بسهولة انتقاد هذه الاعتقالات، لأنها غير مبررة فالجميع يعلم أن هؤلاء المشبوهين لن يفروا». وتابع: «ما يثير الصدمة هو أننا نلاحظ أن هذه المحاكم الخاصة تقرر بصورة منهجية ومن دون استثناء وضع هؤلاء المشبوهين في السجن»، مشيراً إلى أن القضاة الذين يعارضون سجن المشبوهين يحالون على محاكم أخرى.