أدى إعلان النتائج الأولية للدورة الثانية للسباق الرئاسي في أفغانستان التي أجريت في 14 حزيران (يونيو) الماضي، إلى انقسام حاد بين أنصار المرشح الطاجيكي الخاسر عبدالله عبدالله، ومنافسه البشتوني أشرف غاني الذي أعلنت مفوضية الانتخابات فوزه مبدئياً. وحشد عبدالله آلافاً من أنصاره لرفض النتائج التي زعم أن «تزويراً كبيراً شابها، عبر إضافة أكثر من مليون ناخب لإعلان فوز غاني، وهو ما لا نقبل به ولن نسمح بتمريره، لذا سنعمل على تشكيل حكومتنا لحكم البلاد». ونشرت صور عبد الله في الدوائر الرسمية ل 15 ولاية وشوارعها كونه الرئيس المنتخب. كما أنزل أنصاره صورة ضخمة للرئيس المنتهية ولايته حميد كارزاي من قاعة المجلس القبلي (جيرغا) غرب كابول، ووضعوا صورة زعيمهم بدلاً منها. ويحاول عبدالله تضخيم الخلاف والضغط على اللجنة الانتخابية والأممالمتحدة للتراجع عن إعلان فوز غاني بالرئاسة، وقبول الطعون التي قدمها من أجل إعلان فوزه. ويشكل نيل عبدالله 46 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى في مقابل 43.5 في المئة في الثانية، النقطة المحورية في الخلاف على النتائج، ذلك أن غاني حصل في الجولة الأولى على 33 في المئة من الأصوات في مقابل 56.4 في المئة في الثانية. لكن كثيرين يعتقدون بإمكان فوز غاني بلا تزوير باعتبار أن أصوات البشتون التي توزعت في الجولة الأولى، تجمعت وصبت في مصلحته بعد ظهور الخلاف العرقي. كما أن اختيار غاني الجنرال الأوزبكي عبد الرشيد دوستم نائبا له، ضمن للمرشح البشتوني تأييد ولايات في الشمال، حيث يسكن الطاجيك والأوزبك والتركمان وأقليات أخرى. وقررت الإدارة الأميركية إيفاد وزير الخارجية جون كيري إلى كابول الجمعة للقاء الرئيس كارزاي والمرشحين الرئاسيين. وحذرت عبدالله من تشكيل حكومة آحادية أو تنفيذ أي خطوة تؤدي إلى تقسيم أفغانستان، داعية الفريقين إلى التعقل والتريث، وانتظار النتائج النهائية التي ستعلنها لجنة الانتخابات بالتعاون مع الأممالمتحدة. واتصل كيري بالمرشحين، وطالبهما بضبط أنصارهما والعمل لتهدئة الأمور. كما أبلغ عبدالله أن الولاياتالمتحدة لن تسمح بالاستيلاء على السلطة في أفغانستان، بالقوة أو بطرق غير شرعية. واستبعد محللون أفغان إعلان عبدالله فصل الولايات الشمالية ذي الغالبية الطاجيكية إذا فشل في تولي الرئاسة، بسبب افتقاده القوة العسكرية المنظمة لتنفيذ هذا الأمر، ووجود القوات الأجنبية في البلاد والتي لن تسمح بتقسيمه. كما أن وجود نائب قوي لغاني هو الجنرال عبد الرشيد دوستم الذي يتمتع بنفوذ قوي في الشمال، لن يتيح الانفصال. وفي كلمة وجهها إلى المرشحين، انتقد كارزاي تسرّع عبد الله وتهديده بتشكيل حكومة وإعلان عصيان مدني، وقال: «أدرك عبدالله خسارته فأتهم لجنة الانتخابات بالتزوير». لكن مراقبين يرون أن كارزاي هو المستفيد الأكبر من الخلاف على الانتخابات، مرجحين وقوفه مع حكومته خلف عملية تزوير كبيرة شهدها فرز الأصوات، وتسريبهما أيضاً أخبار التزوير لعبد الله عبد الله من أجل تأجيج الصراع بينه وبين غاني، وتوجيه رسالة للأفغان والغرب بأن كارزاي سيبقى سيد اللعبة، والأفضل لإدارة البلاد. ويقترح أنصار كارزاي استحداث منصب رئيس وزراء يتولاه زعيمهم، وتسند إليه غالبية الصلاحيات التنفيذية، مع جعل منصب الرئيس شرفياً ويعطى لعبدالله أو غاني، فيما يرأس المرشح الآخر البرلمان أو مجلس الشيوخ. على صعيد آخر، قتل 16 شخصاً على الأقل بينهم 4 من جنود الحلف الأطلسي (ناتو)، في تفجير نفذه انتحاري من حركة «طالبان» في ولاية بروان (شمال شرق).