جرت العادة عند بعض أهالي المدينةالمنورة على تجهيز السفر الرمضانية المخصصة لزوار المسجد النبوي قبل دخول شهر رمضان المبارك، بوضع الموازنة المقررة لتجهيز السفرة طوال الشهر، ثم يوزع المبلغ المقرر على أعضاء المجموعة المشاركة فيها، لتتساوى المبالغ ثم يقومون بشراء الحاجات قبل رمضان بوقت باكر، وعند دخول الشهر يشارك الجميع في دعوة الضيوف وتجهيز السفرة، إلى جانب رفعها من الموقع عند الانتهاء من الإفطار. وأبدى عدد من الصائمين من زوار المسجد النبوي الشريف إعجابهم وابتهاجهم بالمشاهد الإنسانية التي يجسدها أهل المدينةالمنورة من خلال هذه السفر الرمضانية داخل المسجد النبوي الشريف وخارجه، والمحتوية على أفضل أنواع التمور والمأكولات والمشروبات الباردة والساخنة على مدار الشهر، إذ يعدونها والابتسامة تملأ محياهم، معربين عن سعادتهم الغامرة بهذه التظاهرة الجميلة والإنسانية غير المستغربة من أهل طيبة الطيبة. ويقول زائر قادم من خارج المملكة: «بصفتنا زواراً ومعتمرين، ننظر بكل فخر واعتزاز لهذا الكرم الكبير غير المستغرب من أبناء هذا البلد الطيب، الذي تعودنا عليه ونحرص على الإفطار يومياً في المسجد النبوي لقدسية المكان ولتوافر جميع حاجات الإفطار، مدللين على ذلك بروعة تجمع الصائمين من جميع الجنسيات على امتداد المائدة الرمضانية، يفطرون وفي وحدة إسلامية رائعة تجسد أروع صور التلاحم والانتماء إلى هذا الدين العظيم، وهم يشاركون بعضهم البعض الإفطار في المسجد النبوي». وتمثل السفر والموائد الرمضانية التي تُمد قبيل الإفطار في المسجد النبوي والساحات المحيطة به، وفي جل مساجد وجوامع المدينةالمنورة، واحدة من قنوات الخير التي يقوم بها أبناء المملكة. وأوضح مدير العلاقات العامة في وكالة الرئاسة لشؤون المسجد النبوي عبدالواحد الحطاب أن الوكالة تنظم الإفطار داخل المسجد النبوي وفي ساحاته بتهيئة السبل للقائمين على هذه السفر بتحديد مواقع لهم، كما تستقبل الزوار على مدار الساعة وتهيئة الأجواء المناسبة للعبادة من حيث الفرش وتوفير حافظات المياه الباردة من مياه زمزم البالغ عددها 13 ألف حافظة داخل المسجد، فيما جهزت خارجه 30 خزاناً للمياه و2500 حافظة للمياه الباردة. ولفت إلى أنه يتم استقبال موائد وسفر الصائمين بعد انتهاء صلاة العصر، من خلال أبواب معلومة من جهات المسجد الأربع، لدخول السفر المحتوية على التمر والقهوة ولبن الزبادي والخبز، ويوجد مراقبون للإشراف على ألا يخالف أحد بدخول أشياء غير مسموح بها، مشيراً إلى أن الأطعمة توضع بعد مد السفر داخل المسجد حتى وقت أذان صلاة المغرب ويبدأ إفطار المصلين، في حين يتم قبل إقامة الصلاة رفع هذه السفر وبقايا الأطعمة بطريقة سريعة، بتعاون ما بين العمالة والمشرفين وما بين أصحاب السفر. وأفاد الحطاب بأن ترتيب السفر الرمضانية التي تمد خارج المسجد النبوي وساحاته يتم من خلال تقسيم الساحات إلى مربعات للصائمين الرجال، وأماكن خاصة للنساء، وممرات واسعة لعبور المشاة والعربات الخاصة بالخدمة، إذ تحوي هذه السفر الأطعمة الساخنة المراقبة من أمانة المنطقة مثل الرز واللحوم بأنواعها، إضافة إلى الفواكه والعصيرات المعلبة والتمر ولبن الزبادي والقهوة وحافظات مياه زمزم التي توفرها الوكالة، لافتاً إلى أن المكان بأكمله تشمله عمليات التنظيف بعد إفطار الصائمين وقبل إقامة الصلاة لتهيئته لأداء صلاة العشاء والتراويح. من جانبهم، تناول أصحاب الموائد والقائمون عليها استعداداتهم الباكرة لهذا العمل في كل عام، إذ يقوم بعضهم بإعداد الإفطار بأنفسهم في منازلهم من خلال شراء وجلب أفضل أنواع التمور المميزة والمشهورة في المدينةالمنورة، ويتم تنظيفها وتخزينها في ثلاجات كبيرة وتوفير كل المستلزمات لهذا الشهر الفضيل. وشرح أحد القائمين كيفية الاستعداد لهذا العمل، الذي يتشرفون به منذ وقت باكر يصل إلى شهرين، وورثوه عن أبائهم وأجدادهم، مؤكدين أنهم سيورثونه لأبنائهم بقصد الأجر والقبول من الله سبحانه وتعالى، سيراً على ما اعتاد عليه أهل المدينةالمنورة. وشددوا على أنهم يقدمون من خلال هذه الموائد داخل المسجد النبوي أفضل أنواع التمر للصائمين، إضافة إلى الماء والقهوة ولبن الزبادي والخبز المدني المميز المعروف باسم «الشريك»، فضلاً عن «الدقة المدنية» المعروفة. وأجمع عدد من أصحاب الموائد الرمضانية على أنهم يتشرفون بتجهيز السفر الرمضانية منذ زمن ربما يصل إلى 40 عاماً، منهم من تتعدد سفرهم داخل المسجد في مواقع مختلفة، أما خارج المسجد النبوي في الساحات فتختلف بعض الموائد عن الأخرى.