بعد إعلان الحكومة الألمانية شراء 8.7 في المئة من أسهم مصرف «هيبو ريل استيت» المهدد بالإفلاس، ارتفعت قيمة سهمه مع افتتاح بورصة فرانكفورت أمس لفترة من الوقت من 0.87 إلى 1.70 يورو، ما فسره مراقبون ماليون إشارة إلى بدء استعادة المستثمرين ثقتهم في إمكان إنقاذ هذا المصرف، الذي لم تعد برلين تستبعد تأميمه بالكامل. وأوضحت المستشارة أنغيلا مركل، في كلمة أمام مؤتمر لحزبها الديموقراطي المسيحي السبت الماضي، بعد سجالات شهدها الحزب أخيراً حول التأميم كفكرة اشتراكية، أن حكومتها «لم تصدر قانوناً يسمح بالتأميم من أجل المصارف، بل لمصلحة الطبقة المتوسطة والمواطنين، ولكي لا ينهار الاقتصاد كله». ورأت أن من واجب الدولة «التدخل في حال لم تعد القوى الذاتية قادرة على التعافي من ذاتها»، وأكدت أن على الحكومة «وضع الأموال العامة المدفوعة نصب أعينها والحفاظ عليها لأنها أموال دافعي الضرائب». يُشار إلى أن صندوق «سوفّين» الذي أنشأته الحكومة الألمانية قبل 6 شهور لإنقاذ القطاع المالي والمصرفي في البلاد، وخصصت له نحو 480 بليون يورو، قدم 102 بليون يورو حتى الآن إلى مصرف «هيبو»، من دون أن يتمكن الأخير من التعافي. ولا يزال المصرف يحتاج إلى مساعدة مالية، على ما أعلن رئيسه أكسل فيندت، رافضاً تحديد حجمها. فيما قدّر محللون ماليون، أن «تتراوح بين 6 و10 بلايين، خصوصاً بعدما كشف المصرف قبل يومين، أن خسارته بلغت 5.5 بليون يورو العام الماضي، وهي أكبر خسارة تصيب مؤسسة ألمانية. من هنا يأتي تأكيد المستشارة الألمانية أن حكومتها «تحتاج إلى تولي قرار مصير المصرف، حتى لا تُبدد هذه الأموال العامة». كما أكد وزير الاقتصاد الألماني كارل تيودور تسو غوتنبرغ أمس، أن تبعات إفلاس المصرف «ستكون أشد بكثير من تبعات إفلاس «ليمان براذرز». واعتبر أن التأميم هو «الحل الأخير الذي سيُلجأ إليه». وكان «سوفّين» اشترى 20 مليون سهم من «هيبو رييل استات» بقيمة 60 مليون يورو، أي 3 يورو للسهم الواحد لمساعدة المصرف على زيادة رأس ماله وتعزيز سيولته. وثمّن فيندت خطوة صندوق الدعم، لكنه شدد على أن عودة نشاط المصرف، «تتطلب أن تفرض الدولة رقابتها الكاملة عليه». وتواجه الدولة مشكلة تتمثل في وجود المساهم الأميركي «جي سي فلاورز» الذي يملك 24 في المئة من الأسهم، ويرفض بيع حصته بالسعر الحالي للسوق، بعدما كان اشترى السهم الواحد بأكثر من 22.5 يورو، كما يفضل التريث في انتظار تحسن السعر. وتضمن عرضه الأخير حصوله على 3 يورو لكل سهم، لكن الحكومة الألمانية لا تزال ترفض وتصر على الشراء تبعاً لسعر السوق، على اعتبار أنها غير مسؤولة عن ربح المستثمرين وخسارتهم، كما أن الأموال التي ستتصرف بها هي عامة تتحمل المسؤولية عنها». وأبلغت مصادر حكومية معلومات إلى «فلاورز»، أن في حال واصل المماطلة في البيع فستطبق برلين «قانون الإنقاذ الاستحواذي» الذي يسمح لها بنزع ملكية المساهمين الكبار، بغض النظر عن حجم مواقعهم في المصرف وقدرتهم على وضع «فيتو» لمنع تجاوز مصالحهم. لكن رئيس اتحاد الصناعة الألمانية هانس بيتر كايتل حذر من اللجوء إلى نزع الملكية، معتبراً أن الحكومة «تخاطر بالإطاحة بالمبادئ الأساسية للاقتصاد الحر»، ما يمكن أن يدمر ثقة المستثمرين الألمان والأجانب في مكانة ألمانيا كبلد جاذب للاستثمار».