ينشغل الرئيس التركي عبد الله غل بدرس كل الجوانب القانونية والسياسية للتعديل في قانون محاكمة العسكريين الذي أقره البرلمان الأسبوع الماضي، قبل ان يصادق عليه او يعيده الى البرلمان معلناً رفضه له. واستدعى غل وزير العدل سعد الله ارغين وجميل شيشيك نائب رئيس الوزراء، وبحث معهما لأكثر من ثلاث ساعات القانون في صيغته الجديدة وتفاصيله، بعد لقاء جمع غل برئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الخميس الماضي، تناول الموضوع ذاته وأكد خلاله اردوغان تشبثه بالتعديل وطالب الرئيس بالمصادقة عليه من دون تردد، معتبراً ان القانون يستهدف تصفية الانقلابيين من الجيش او ردعهم على الأقل. لكن في المقابل يتعرض غل لضغوط من الجيش ومن «حزب الشعب الجمهوري» الذي يرأس المعارضة البرلمانية الرافضة للقانون، اذ اكد رئيس الحزب دنيز بايكال ان حزبه سيحيل القانون الجديد الى المحكمة الدستورية، اذا صادق عليه غل. وكان رئيس الأركان الجنرال ألكر باشبوغ تحفظ على التعديل الذي اقره البرلمان، بحجة تغلغل عناصر جماعة فتح الله غولان الإسلامية في اجهزة الأمن والقضاء، تحت ستار «حكم حزب العدالة والتنمية»، مشيراً الى أن القانون سيفسح المجال للجماعة الإسلامية كي تضع سيفاً على رقبة الجيش وتسعى الى الانتقام منه وتسوي عداوات سابقة قديمة معه. لكن بعض الوزراء يشيرون الى امكان اجراء تعديلات طفيفة على القانون، لا تغيّر في اساسه ولكنها قد تزيل بعض تحفظات الجيش وتمنع تداخل الصلاحيات والصراع عليها بين المحاكم العسكرية والمدنية. في الوقت ذاته، يسود انطباع لدى وسائل الإعلام التركية والمحللين بوجود ضغوط كبيرة على غل من أجل رفض القانون، كي لا يبدو وكأنه يقف الى جانب الحكومة ضد الجيش، خصوصاً بعد الإفراج عن الضابط دورسون تشيشيك الذي امرت المحكمة المدنية بحبسه على ذمة التحقيق في قضية تنظيم «ارغينيكون» الانقلابي، بعد أقل من 24 ساعة على الأمر باعتقاله. وفسّر كثيرون تراجع قاضي المحكمة سريعاً عن قرار الاعتقال، بوجود ضغوط من المؤسسة العسكرية لرفض تطبيق هذا القانون ورفض اخضاع الضباط العسكريين للمحاكم المدنية، خصوصاً أن المحكمة العسكرية كانت حققت مع شيشيك وأطلقته بحجة عدم وجود أدلة إدانة كافية.