دبي - أ ف ب - تساهم الموسيقى والرسم والأفلام القصيرة والكرتونية التي تلد من رحم العنف في سورية بإبقاء الثورة حية بعد تسعة اشهر على اندلاعها، اذ يقوم فنانون بنشر ابتكاراتهم يومياً عبر الانترنت دون الكشف عادة عن هويتهم. وفي ما بات التعبيرَ الابرز عن التحدي للنظام، يقوم المتظاهرون السوريون يومياً برقص الدبكة وبأداء الأغاني الفلكلورية مع تغيير كلماتها لتشمل مطلبهم الديموقراطية. وقال الكاتب المسرحي السوري وليد قوتلي، إن «الثورة كسرت حاجزي الصمت والخوف، وهذا بحاجة الى تعبير وكلام ليرفع الناس اصواتهم». واعتبر قوتلي ان «المخزون (الفني الثائر) موجود وبعد كل هذا الضغظ الهائل انفجر هذا المخزون. هو مخزون حضاري وإنساني مهم ومتراكم عبر أكثر من أربعين سنة من الكبت والضغط والتعسف». ويقوم الناشطون بالتصويت عبر موقع «فايسبوك» للتسمية التي يتم اطلاقها على كل يوم جمعة، وهو اليوم الذي يشهد اكبر التظاهرات. وقال الناشط أزهر الاصفر الذي يشرف على هذه العملية: «إن مدراء الصفحات الرئيسية للثورة يقومون باقتراح مجموعة من المسميات، استناداً إلى الأحداث الرئيسية التي شهدها الأسبوع، ويتم اختيار التسمية في النهاية بالتصويت عبر الإنترنت». وأضاف أزهر: «بناء على الاسم الذي يتم اختياره، يتم تصمصم شعار (لوغو)، كما يتم انتاج شريط فيديو كليب للترويج لتظاهرات الجمعة». واختار الناشطون هذا الاسبوع تسمية جمعة «بروتوكول الموت»، في اشارة الى استمرار القتل بالرغم من توقيع الحكومة السورية على بروتوكول ارسال مراقبين الى سورية. وبعد تصميم الشعار، يتم اعتماده كصورة رئيسية في جميع الصفحات المؤيدة للثورة تقريباً على فايسبوك. ومن جهة اخرى، تنتشر الأغاني المؤيدة للثورة بكثافة عبر الانترنت، وهي تنتمي إلى أساليب موسيقية متنوعة تتراوح من الأغاني الفلكلورية إلى موسيقى الراب. وقد انتشرت بين مؤيدي الثورة اغان تستخدم ألحان الأغاني الفولكلورية الشهيرة لتضع عليها كلمات مناهضة للنظام، بما في ذلك «دلعونا الحرية». وتم انشاء صفحة على فايسبوك تحت مسمى «مهرجان سورية الحرة الأول للأفلام»، ويستطيع المشاركون من خلاله التصويت لاختيار افضل فيلم قصير حول الاحتجاجات. ففيلم «حذاء الجنرال» مثلاً للمخرج أكرم آغا، يصف من خلال الرسوم قيام قوات الجيش بقمع الرجال والنساء والاطفال، الى ان يرمي طفل طابته باتجاه الجيش فتكبر تدريجياً وتطيح بالعسكر وتحرر البلاد. كما تنتشر أفلام تستخدم الدمى المتحركة، ويتم استخدام شخصيات برنامج «افتح يا سمسم» الاميركي المدبلج للعربية، لإجراء حوارات ساخرة. وفي احد الاعلانات الخاصة بالثورة، تم تغيير اسم برنامج «من سيربح المليون» الشهير الى «من سيقتل المليون». وقال قوتلي: «الاغاني كانت عفوية، لأن هناك احساساً في اللاوعي بأنه يجب ان تترافق الثورة التي فيها قتل وذبح واغتصاب مع جانب يغذي الروح ويستنهض الجمالية... ليس بالشعارات فقط. الشعار تحول الى ترتيل وغناء مهم جداً». من جهة أخرى، قال الرسام علي فرزات، الحائز جائزة ساخاروف التي منحها إياه البرلمان الاوروبي عن رسومه الكاريكاتورية التي تم بسببها ضربه من قبل موالين للنظام الصيف الماضي: «عندما يرى الانسان حريته من خلال فوهة البندقية ينتهي هذا الخوف من الموت». وقال إن ما يقوم به الناشطون هو «مقاومة ساخرة»، مشدداً على ان «الفن ينبع من نبض الشارع وهمومه». وأكد فرزات: «عندما تسخر من القاتل تكون قد تجاوزت حالة الخوف». وقال قوتلي إن «عفوية الثورة خلقت عفوية الفن الذي هو تعبير من نوع آخر عن الثورة». وعما اذا كان يمكن ان تتحول الثورة في سورية الى ثورة فنية، قال فرزات: «عندما تكون هناك ثورة حقيقية فالأمور كلها تسير بالتوازي».