بعد أسابيع من التردد على المرسم بات بإمكان ياسمين الفريحي ان تمارس أولى خطوات النقد الفني، على رغم انها لم تتجاوز العاشرة من عمرها. فلقد خضعت ياسمين اضافة الى سبعة أطفال آخرين من الجنسين إلى دورات مكثفة تلقت عيونهم خلالها تدريبات على «رؤية نقاط الضعف، والقوة في أعمالهم والتعبير عنها بأنفسهم» على حد قول صاحبة المرسم التشكيلية زهرة بوعلي. أسست بوعلي مرسمها قبل 12 عاماً، ومنذ ذلك الوقت وهي تعكف على تقديم دورات لإعداد «تشكيليين وتشكيليات جُدد». وتفخر زهرة بان من بين من تخرجوا من مرسمها الملحق بمنزلها في مدينة الظهران، «أسماء بارزة» فعلى الكرسي الذي تجلس عليه ياسمين اليوم جلست قبل سنوات التشكيلية تغريد البقشي. أما كرسي الطفلة إكرام الشخص فكان مكاناً مفضلاً للتشكيلية نوال العجمي. إنصات وهدوء وتركيز وتأمل، هذه هي حال يوسف محمد هادي وهو يستمع بأذنيه إلى بوعلي فيما يسرح بصره في لوحة تقرأ فيها المدربة المهارات الأساسية للتشكيل، لكن ليوسف رؤيته النقدية والتي يقدمها ويناقش فيها زملاءه وزميلاته في الدورة، وإن كانت نبرة صوته تميل إلى الطفولة لكن منطقه يبدو أكبر من سنه، معبراً عن قطعه مراحل لا بأس بها من امتلاك «ثقافة بصرية». والحال ذاتها تنطبق على عبير العباد وفرح اليوسف ولينا محمد هادي. ويخضع هؤلاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و12 إلى دورة تدريبية مدتها ثمانية أسابيع بمعدل مرة في الأسبوع. تقوم بوعلي من خلالها بتدريب عيون الأطفال على النظر إلى الأشياء بطريقة مختلفة، وتعلمهم «التعامل مع خامات وأساسيات الرسم المبسطة من لون وخطوط وكتلة وتكوين وضوء وظل» مشددة على «أهمية تعزيز الثقة في النفس وتنمية الحس الفطري الفني نحو الأشياء والمواضيع التي يعمل الأطفال على رسمها» مشيرة إلى أن الخطوة التالية «تكمن في تحفيز الخيال الإبداعي لديهم وتعزيز التعبير الحر عن الأحاسيس، من خلال فتح أفق مختلف لإمكانات التعبير الفني». وتضيف: «دربت فتيات من جميع المراحل الدراسية وجامعيات ومعلمات وموجهات في التربية الفنية وموهوبات أصبحن في ما بعد فنانات تشكيليات». وخصصت أخيراً منهجاً تعليمياً لكل فئة عمرية، يتكون من دورات عدة. إضافة إلى «تقديم دورات متخصصة وورش عمل لفئات عمرية أخرى بحسب المستوى والحاجة». وتشير بوعلي إلى أن هدف تأسيس المرسم كان رغبتها في «المساهمة في إيصال الفن التشكيلي إلى الأجيال الشابة ورعاية المواهب الجيدة ورفع مستوى التذوق الجمالي لديهم». وتعزو رغبتها تلك إلى قناعتها بأهمية «تنمية الإبداع في مراحل عمرية مبكرة». وتتابع: «هذه التجربة كشفت عن وجود الكثير من المواهب الجميلة وحاجتها إلى الرعاية والتأسيس الصحيح، في ظل غياب شبه كامل للبنى التحتية للفن التشكيلي». كما كشفت أيضاً عن معوقات على مستوى التعليم أو مستوى الثقافة البصرية للأسرة والمجتمع. مؤكدة عزمها على مواصلة تطوير المرسم وإضافة نشاطات تشكيلية أخرى مثل معامل للطين والخزف وللحفر والطباعة.