علمت «الحياة» أن المجلس العسكري الحاكم في مصر يرفض إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بذريعة أن «الفراغ الدستوري يعطي للرئيس المقبل صلاحيات مطلقة تعيد البلاد إلى العهد البائد»، على رغم أن المجلس الاستشاري المعاون الذي كان شكله العسكر سيناقش هذا الطرح في اجتماع مقرر غداً السبت. وشدد «الإخوان المسلمون» أمس على رفضهم القاطع لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة للخروج من الأزمة السياسية التي أعقبت مقتل 15 شخصاً وجرح أكثر من 700 في مواجهات بين الجيش ومتظاهرين أمام مقر الحكومة. وطرح نواب وسياسيون وقوى شبابية اقتراحاً بإجراء الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل أو تسليم السلطة إلى رئيس البرلمان المنتخب. ولقي الاقتراح الأول ترحيباً من مرشحين محتملين للرئاسة بينهم عمرو موسى كما أيده رئيس الحكومة السابق عصام شرف، لكن جماعة «الإخوان» رفضت الطرحين بعد تردد مبدئي. وعلى رغم أن الانتخاب المبكر للرئيس سيتم وفق شروط محددة في الإعلان الدستوري الذي كان أصدره المجلس العسكري في آذار (مارس) الماضي وقلص بعض الصلاحيات الواسعة للرئيس في دستور 1971 الذي تم إلغاؤه، إلا أن مصدراً عسكرياً أكد ل «الحياة» أمس رفض المجلس تبكير موعد انتخابات الرئاسة، معتبراً أن ذلك «معناه وجود رئيس من دون وضع دستور جديد للبلاد، وأيضاً من دون تحديد صلاحياته، الأمر الذي يعني صلاحيات مطلقة له وهو ما يعيدنا إلى النظام السابق». وشدد على أن «الجيش يعمل ويسعى حالياً إلى التهدئة من دون الدخول في صراع مع أحد سواء الليبراليين أو الإسلاميين، إذ أن كل طرف يسعى إلى الزج بالآخر في مقدمة الصراع مع العسكر». واتهم مطالبي العسكر بتسليم السلطة فوراً بأنهم «يبحثون عن مصالحهم الشخصية من دون البحث عن حلول واقعية للأزمة التي نعيشها». وينسجم رفض المجلس العسكري تقديم موعد الانتخابات الرئاسية مع موقف الإسلاميين الذين ضمنوا غالبية مقاعد مجلس الشعب (الغرفة العليا في البرلمان). وأعلنت جماعة «الإخوان» في بيان أمس رفضها إجراء الانتخابات الرئاسية قبل انتخابات مجلس الشورى، وإن كانت «مع تقصير الفترة الانتقالية إلى أقل مدة ممكنة». وطالبت ب «أن تتم عملية نقل السلطة بعد تكوين مؤسسات دستورية تستطيع تسلّم السلطة، وأن تتم الإجراءات بتوافق مع الأحكام الدستورية التي استُفتي عليها الشعب، احتراماً لإرادة الشعب... وإذا توافرت هذه الشروط، فنحن مع أي اقتراح يحقق سرعة نقل السلطة». وعلى النهج نفسه، سار حزب «النور» السلفي الذي أكد الناطق باسمه يسري حماد «رفض انتخاب رئيس من دون تحديد صلاحياته في الدستور الجديد للبلاد»، معتبراً أن «حصول ذلك من شأنه أن يأتي إلينا بدكتاتور جديد». وعلى رغم الإجماع بين العسكر والإسلاميين، فإن اقتراحات إعادة صياغة ترتيبات تسليم السلطة ستكون على طاولة المجلس الاستشاري الذي يعقد اجتماعاً اليوم في معهد إعداد القادة العسكري. وقال عضو المجلس الدكتور أحمد كمال أبو المجد ل «الحياة»: «سنناقش الاقتراح بتقديم الانتخابات الرئاسية، لنرى ما له وما عليه». وأضاف: «في حال الاتفاق على الاقتراح داخل المجلس، سنطرح نقاشاً حوله مع كل القوى السياسية في مصر ومع المجلس العسكري... نسعى إلى الخروج بالبلاد من أزمتها». لكنه أقر بأن «الوصول إلى توافق في هذه المرحلة بات أمراً صعباً... ما يحدث الآن على الساحة ليس حواراً قائماً على التوافق وإنما يقوم على أرباح وخسائر كل فريق. نحن نتعامل مع رؤى وأجندات لأصحاب مصالح خاصة».