انطلقت فعاليات الأسبوع الثقافي الرمضاني المصاحب لمهرجان جدة التاريخية «رمضاننا كدا»، الذي تنظمه مجموعة أصدقاء التراث العمراني مساء الأربعاء الماضي، وسط حضور كبير من المثقفين والمهتمين. وقدمت أولى محاضراته الباحثة السعودية هداية عباس بعنوان: «صفحات من تاريخ العمارة في الحجاز 1850-1920»، وتناولت العهدين العثماني والهاشمي وعناصر الحضارة في الحجاز وجدة، مقدمة شرحاً مفصلاً حول مبنى الجامع العتيق وبيت الجوخدار، وبيت نور ولي ووقف الشافعي، وبيت بن حمد ورباط باناجة وشحاتة، مشيرة إلى أنه «من الضروري قراءة المعمار الحجازي ضمن سياقه التاريخي حتى يمكن التعرف على أثر كل الحقب الحاكمة وبصماتها في النموذج العمراني». من جانبه، اعتبر نائب رئيس مجموعة أصدقاء التراث العمراني بجدة أحمد الهجاري، ضم منطقة جدة التاريخية إلى قائمة التراث العالمي من منظمة «يونيسكو»، «اعترافاً دولياً بالآثار الحضارية في المملكة عامة وجدة خاصة»، مرجعاً ذلك الفضل إلى الاهتمام والرعاية من الدولة، وأضاف أن «الأسبوع الثقافي يقام للمرة الثالثة على التوالي، وتشارك فيه نخبة من المتخصصين والباحثين». يذكر أن الفعاليات تستمر حتى العاشر من رمضان وبرعاية من شركة أبوداود، ويحاضر فيها القنصل الفرنسي لويس بلين ومها عبود باعشن وسمير برقة وآخرون، وتبدأ من بعد صلاة التراويح في بيت الفنون والتراث «بيت الجمجوم» بشارع العلوي. وكانت «جمعية أصدقاء التراث العمراني» تأسست عام 1433ه بقرار من رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان ومقرها البغدادية، وتهدف إلى رفع الوعي بالاهتمام بالتراث العمراني بمدينة جدة، عبر تقديم مشاريع تساعد في تغيير البنية السكانية والمهنية للمنطقة التاريخية، ودعم جميع المشاريع للمحافظة على التراث العمراني بالمنطقة التاريخية. من ناحية اكتسبت فعاليات «رمضاننا كدا» شعبية جارفة على مدار الأيام الثلاثة الماضية، وفرضت المنطقة التاريخية الأثرية نفسها على الجميع، ولم يقف التوافد والحشود على أهل جدة وزوارها، بل تجاوز ذلك بكثير، ووفق الإحصاءات التي سجلها مركز المعلومات السياحية الإحصائية (ماس) التابع للهيئة العامة للسياحة والآثار أمس وصل عدد زوار الفعاليات إلى 31.500 ألف زائر، لتؤكد سير فعاليات «رمضاننا كدا» نحو النجاح، وأن فكرة ووقت إقامتها تسجل لابن جدة البار محافظها الأمير مشعل بن ماجد، كذلك نوعية الفعاليات واختلافها، وتوافق الجهود بقيام الجهات أعضاء اللجنة التنفيذية بأدوارهم كل في ما يخصه، وحسن التنظيم في دور الشركة المنظمة والجهات الراعية والمتطوعة، مع إقامتها في المنطقة التاريخية، كل ذلك يعطي بعداً سياحياً عالمياً من الطراز الأول. وعلى رغم ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة بمعدلات عالية، شهد ميدان البيعة والمنطقة التاريخية وباب المدينة إقبالاً كثيفاً من الشباب، ومن الواضح أن النجاح الذي لازم الفعاليات كان دافعاً وراء توافدهم، كنوع من الترفيه وزيارة المنطقة الأثرية العالمية. ومن الفعاليات اجتماع العم يوسف سندي ورفاقه من كبار السن لأداء دور الصهبة، وهي دور حجازي يؤدى بالكفوف، وتعالت نغماته الرائعة وجزله الشجي، ولم يعُقه الكبر والمرض من مشاركة الكل هذه المناسبة الغالية والليالي الرمضانية الممتعة، ولم تختف جولات المسحراتي أيضاً وسط الحضور بطبلته، ولم يضِع غناؤه الجميل الذي أسعد الصغار والكبار وسط الزحمة والكثافة العددية.