قال نائب رئيس الجمهورية العراقية طارق الهاشمي إن اتهامه بالتورط في أعمال إرهابية: «استهداف سياسي يقف وراءه رئيس الوزراء نوري المالكي»، وأخذ على القضاء العراقي عدم استقلاليته، معرباً عن استعداده للمثول أمام المحكمة في إقليم كردستان. وكشف الهاشمي قائمة اتهامات ضده قدمها المالكي إلى رئيس الجمهورية قبل عامين، بينها التورط في تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء عام 2006، والهجوم الانتحاري الذي تعرض له منزل نائب رئيس الوزراء السابق سلام الزوبعي وإصابته حينها بجروح خطيرة. إلى ذلك، انتقد الهاشمي تصريحات الرئيس باراك أوباما الذي قال إن قواته تركت في العراق ديموقراطية وقضاءً نزيهاً. وقال خلال مؤتمر صحافي في أربيل، عقب اجتماعه مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إن الاعترافات التي بثها تلفزيون»العراقية» الحكومي لعناصر حرسه الليلة قبل الماضية «لم تكن رصينة وهي وغير متماسكة». وكان الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء الركن عادل دحام أبرز مذكرة القبض على الهاشمي، وقال إنها صادرة من لجنة قضائية خماسية شكلها مجلس القضاء الأعلى، على خلفية الاعترافات التي أدلى بها ثلاثة من أفراد حرسه، اعترفوا بمسؤوليتهم عن عمليات مسلحة داخل بغداد بأوامر منه، تضمنت اغتيال عدد من المسؤولين الحكوميين ومن قوات الأمن والجيش ومدنيين. وأشار الهاشمي إلى أن «الهدف واضح والقصد معلوم وهو التشهير. أنا اليوم أدفع ثمن موقفي الوسطي وسبق أن دفعت في سبيل ذلك دماء شقيقي وشقيقتي اللذين استشهدا على يد الإرهاب ولم أطالب بالقصاص من القتلة». وأضاف: «هذا الملف بيد المالكي جملة وتفصيلاً». واعتبر الاعترافات التي عرضت «مخالفة للقانون، والإشارة إلى الاشتباه بتورط نائب الرئيس مخالفة دستورية وفق المادة 93». وتنص المادة 93 على أن المحكمة الاتحادية تختص ب «الفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء»، ويعد منصب نائب الرئيس جزءاً من موقع الرئاسة وتم استحداثه وفق مبدأ التوافق الوطني وله جزء من صلاحيات الرئيس. وزاد: «من الغريب إنهاء التحقيقات خلال 48 ساعة في قضايا قديمة». وتساءل: «كيف جمعت الأدلة والحقائق في هذه الفترة الوجيزة في حين تحتاج الى شهور». ولمح الى «تورط أحزاب وقوى متنفذة بأعمال مسلحة وبقتل الناس بالكاتم والمفخخات، وقسم منهم محسوب على الأجهزة الأمنية وأطراف في الحكومة، وهذا الأمر ليس جديداً بل ذكرته وثائق ويكيليكس. وعلى البرلمان التحري عن هذه الحقائق». وعرض التلفزيون الحكومي ثلاثة من عناصر حماية الهاشمي بينهم أحمد شوقي الذي قال إنه من الفوج الخاص بحماية نائب الرئيس وهو ملازم أول أما الثاني فاسمه مروان. واعترفا باغتيال المدير العام في وزارة الصحة والمقدم إحسان فاضل من وزارة الداخلية، وموظف كبير في وزارة الخارجية وضباط في الجيش وشرطة المرور، واستهدفا موكباً تابعاً لرئيس منظمة بدر هادي العامري، ما أدى إلى مقتل أحد أفراد حمايته المدعو رعد، بمسدسات كاتمة للصوت وعبوات ناسفة زرعت على الطرقات. وطعن الهاشمي باستقلالية القضاء العراقي وقال إنه «فقد استقلاليته منذ سنوات، ولدي أدلة وبراهين، منها تغاضيه عن الرشاوى في وزارة التجارة». واعتبر الإجراءات التي اتخذتها لجنة مكونة من 5 قضاة شكلها مجلس القضاء الأعلى بطلب من رئيس الجمهورية للتحقق من صحة الاتهامات التي وجهتها وزارة الداخلية إليه «غير مهنية»، مشيراً إلى أن «اللجنة لم تجر تحقيقاً أولياً بل استندت إلى التحقيقات التي قامت بها استخبارات وزارة الدفاع». وأوضح أنه «لم يسمح للمحامين بأداء مهمتهم فانسحبوا نتيجة المضايقات التي تعرضوا لها». وطالب الهاشمي بنقل مقاضاة حرسه المعتقلين إلى محاكم في كردستان، مؤكداً أن هذا الأمر «من صلاحيات رئيس مجلس القضاء الأعلى، وحينها أنا مستعد للمثول أمام أي قاض شرط توافر العدالة ولدي اعتراض على التحقيقات الأولية التي أجرتها استخبارات الدفاع وعمليات بغداد والشرطة الاتحادية ويجب أن يكون التحقيق الأولي في كردستان وأنا طوع أمرهم. كما أطالب بأن تكون (هذه المحاكمة) بحضور ممثلين عن جامعة الدول العربية واتحاد المحامين العرب». واتهم دولاً لم يسمها بالوقوف وراء خلافه مع الحكومة وقال: «لدي أكثر من دليل ووثيقة تؤكد تورط دول بالدفع في هذا الاتجاه». في واشنطن عبر الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني عن القلق تجاه التطورات السياسية الأخيرة في العراق، لا سيما إصدار مذكرة لاعتقال الهاشمي بتهمة مساعدة الإرهاب. وأكد أن «الولاياتالمتحدة تدعو الأطراف السياسية في العراق إلى حل خلافاتها عن طريق الحوار وفي إطار القانون». وأعرب الرئيس جلال طالباني عن استيائه لعرض إفادات عدد من منتسبي حماية الهاشمي. وقال في بيان إن «هذه الإجراءات وإعلانها في هذا الشكل والوقت هي خارج ما جرى الاتفاق عليه في ضوء اتصالات رئيس الجمهورية بمختلف الأطراف خلال اليومين الماضيين، خصوصاً أن الأمر يتعلق بنائب رئيس الجمهورية ما يمس مباشرة مركز الرئاسة وهيبتها ومكانتها». وشدد على «أهمية احترام عمل وتخصص القضاء العراقي والثقة به وعدم التدخل في شؤونه من جانب، وعدم الطعن بقراراته من جانب آخر». واتهم رئيس «القائمة العراقية» اياد علاوي المالكي بالعمل على تقويض العملية الديموقراطية في البلاد وتصفية الحسابات السياسية مع قائمته وقال في تصريحات في عمان أمس إن «العملية السياسية يتم تقويضها أمام أعين العالم»، محذراً من أن ذلك «قد يعيد العراق إلى الطائفية في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة حالة من الغليان». وقالت عضو «العراقية» النائب وحدة الجميلي في تصريحات صحافية أمس إن «القائمة العراقية ستطعن بقرار القضاء العراقي القاضي باعتقال الهاشمي كون الأمر سياسياً وليس قانونياً». وأوضحت أن «الاعترافات التي عرضت لعناصر من حماية الهاشمي كانت تحت الضغط والتعذيب»، مبدية استغرابها «سرعة حسم الموضوع في يوم واحد».