رسمت دول مجلس التعاون الخليجي خلال 2011 مواقفها السياسية تجاه العديد من القضايا المهمة، الإقليمية والدولية، في إطار عدد من الأسس والمرتكزات، القائمة على حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، ودعم القضايا العربية والإسلامية، وتطوير علاقات التعاون مع الدول والمجموعات الدولية. وواصل المجلس جهوده في مجال تنسيق وتوحيد المواقف والجهود السياسية، في عدد من المواضيع المهمة مثل علاقات دول المجلس مع إيران وتمسك دول المجلس بمواقفها الثابتة والمعلنة بشأن القضايا الرئيسية المهمة كقضية الجزر الإماراتية ودعم حق السيادة لدولة الإمارات العربية المتحدة عليها، والتأكيد على مواقف دول المجلس الثابتة لنبذ الإرهاب، بأشكاله وصوره كافة، ومهما كانت دوافعه ومبرراته، وأياً كان مصدره، فيما أيدت كل جهد إقليمي ودولي يهدف إلى مكافحة الإرهاب، وتطورات النزاع العربي. الشأن اليمني كان لدول المجلس دور فاعل وإيجابي منذ بداية تطور الأوضاع في اليمن، منطلقة في ذلك من الأهمية الاستراتيجية لليمن، ومن مبدأ الأمن الجماعي لدول الجزيرة العربية، ومن خلال العلاقات المميزة التي تربط دول المجلس باليمن، وبهدف إيجاد حل للأزمة التي تمر بها، يرضي جميع الأطراف والفعاليات، وتابعت دول المجلس مشاوراتها مع الجانب اليمني، وقامت بجهود حثيثة لهذا الغرض، إذ التقى وزراء خارجية دول المجلس بوفد اللقاء المشترك وشركائه، في أيلول (سبتمبر) الماضي في الرياض، ثم التقى بوفد من حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه في الشهر نفسه في العاصمة الإماراتية وتم خلال هذين اللقاءين الاستماع إلى وجهات نظر الجانبين، وتبادل الرأي مع أعضائهما، فيما أجرى سفراء دول مجلس التعاون في صنعاء اتصالات مع الأطراف المعنية كافة، وتقدمت دول المجلس بناء على دراسة معمقة لموقف الجانبين إلى مشروع اتفاق لمساعدة الأشقاء في اليمن على حل الأزمة. وتضمنت المبادئ في حل الأزمة أن يؤدي الحل الذي سيفضي عن هذا الاتفاق إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، وأن يلبي الاتفاق طموحات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح، ويتم انتقال السلطة بطريقة سلسة وآمنة تجنب اليمن الانزلاق للفوضى والعنف ضمن توافق وطني، وتلتزم الأطراف كافة بإزالة عناصر التوتر سياسياً وأمنياً، إضافة إلى التزامها بوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات تعطى لهذا الغرض. ووفقاً للخطوات التنفيذية التالية، يعلن رئيس الجمهورية نقل صلاحياته إلى نائب رئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة ولها الحق في تشكيل اللجان والمجالس المختصة، لتسيير الأمور سياسياً وأمنياً واقتصادياً ووضع دستور وإجراء الانتخابات. فيما نفذ الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، جولات إلى العاصمة اليمنية صنعاء تهدف إلى التوقيع من الأطراف المعنية كافة على المبادرة الخليجية، وتم استكمال التوقيع على المبادرة من الرئيس اليمني علي عبدالله صالح والآلية التنفيذية في الرياض الشهر الماضي برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. الشأن العراقي أكدت دول المجلس دعم موقف دولة الكويت بشأن إنشاء ميناء مبارك الكبير باعتباره يقام على أرض كويتية وضمن مياهها الإقليمية، وعلى حدود مرسومة وفق قرارات الأممالمتحدة، وأن تنفيذ العراق لالتزاماته الدولية تجاه الكويت سيُسهم في بناء الثقة بين البلدين، ويوطد العلاقات بينهما، مع التأكيد على احترام وحدة العراق، واستقلاله، وسلامته الإقليمية، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والحفاظ على هويته العربية والإسلامية. الشأن السوري عبرت دول المجلس بالغ الأسف لاستمرار الأحداث التي تمر بها سورية، التي نتج منها سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى من المدنيين. وأكدت حرصها على أمن واستقرار ووحدة سورية، وطالبت بالوقف الفوري لآلة القتل، وإزالة أي مظاهر مسلحة، ووضع حد لإراقة الدماء، واللجوء إلى الحكمة، والعمل على تفعيل إصلاحات جادة وفورية، تلبي تطلعات الشعب السوري، والعمل على تطبيق بنود المبادرة العربية كافة التي اعتمدها مجلس الجامعة العربية في دورته غير العادية في آب (أغسطس) الماضي، والقرارات الصادرة عن الجامعة بهذا الخصوص. الشأن الليبي عبرت دول المجلس عن الارتياح لتحقيق الشعب الليبي لإرادته وخياراته، وتثمين ما قدمه من تضحيات لتحقيق ذلك، والثقة بقدرة الشعب الليبي على القيام بمهام المرحلة الجديدة بكل مسؤولية وفي أجواء من الوحدة الوطنية، والوئام والتوافق وسيادة القانون بعيداً عن روح الانتقام وتصفية الحسابات، والتطلع إلى المستقبل، لبناء دولة حديثة، يسود فيها الأمن والاستقرار، وينعم شعبها بالرخاء والازدهار، كما عبرت عن مساندة ودعم المجلس الوطني الانتقالي. الشأن السوداني تمت الإشادة بالتوقيع على اتفاق سلام دارفور، الذي تم في العاصمة القطرية الدوحة في تموز (يوليو) الماضي بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة، وأعلنت دول المجلس عن ترحيبها بقيام دولة جنوب السودان، متمنية للدولة الصديقة ممارسة دورها بفعالية كعضو جديد في المجتمع الدولي، وتأمل أن تسود علاقة حسن الجوار المتبادلة بين الجارتين السودان وجنوب السودان، بما يعود بالخير على شعبيهما، والأمن والاستقرار في المنطقة.