اتفق الكثير من أهالي المدينةالمنورة على وجود غياباً شبه تام للدور الذي يمكن أن تضطلع به مراكز الأحياء في تعزيز التواصل في ما بين سكان الحي الواحد ولم شتات الأسر وكبار السن والنساء والأطفال الذين حالت ظروف المدنية الحديثة من دون لقائهم، إضافة إلى دورها عبر برامجها وخططها الموضوعة في تطوير الأحياء والحفاظ على نظافتها وأمنها واستقرارها. وفي ظل غياب الدور الذي يفترض أن تلعبه المراكز في التصدي لبعض الظواهر والممارسات والسلوكيات الضارة خصوصاً ما يتعلق بممارسات الشبان والمراهقين في الشوارع والأسواق والحارات والإقدام على عمليات التفحيط وممارسة التدخين، يلجأ الكثير من سكان الأحياء إلى الاستراحات والمقاهي لتقضية أوقات الفراغ والتسلية والترفيه، في ما بدا وكأنها تنوي سحب البساط من تحت المراكز. ويرى كل من إيلاف قرشي، وعماد صادق من سكان حي المنارات في المدينةالمنورة في حديثهما إلى «الحياة» أن الاستفادة من المراكز شبه غائبة إلا في مجال الأنشطة المختصة بالشبان من دون غيرهم فيما ينتظر أن تسهم في زيادة الترابط الاجتماعي واستضافة أفراد الحي في المناسبات المختلفة وتوجيه أنشطتها للأفراد كافة من رجال ونساء وشبان وفتيات وأطفال. ويشير سالم الحربي إلى عدم رؤيته أي تفعيل لدورها ما حدا بهم كشباب للذهاب إلى المقاهي ومطالعة القنوات الفضائية، فيما يطالب عبدالله الزهراني مراكز الأحياء بتحمل مسؤوليتها في استقطاب الشبان المراهقين بعد أن نجحت المقاهي في احتضانهم. وقال كل من هيثم عفيفي وحسن حيدري من سكان حي الخالدية: «إنه على رغم ضعف الإمكانات إلا أن بعض المراكز تسعى إلى إحياء التواصل الاجتماعي بين أفراد الحي وبث روح التكافل وتوطيد العلاقة مع الأهالي ومعالجة الظواهر السالبة لبعض الشبان». بدوره، علل أحد المشتركين بمركز الأزهري سامرالحجي أسباب عزوف الشبان عن مراكز الأحياء، بقوله: «المشرفون في كل مراكز الأحياء بالمنطقة متطوعون ويبذلون غاية جهدهم لمرتاديها من الشبان ولكن تظل إمكاناتهم التخصصية محدودة، ولا يرقى مستواها لجميع فئات الشبان، بل يقتصر فقط على من هم في المستوى الابتدائي والمتوسط، كما أن البرامج القوية التي تستقطب الشبان وتلبي الكثير من رغباتهم موقتة وليست دائمة على مدار العام في المراكز، ويعتبر الإقبال الأكبر من طلاب المرحلتين الثانوية والمتوسطة أما الجامعيون فوجودهم ضعيف، لأن الجامعي يحتاج إلى برامج أكبر وأقوى مما يقدم بحيث ترضى الطموح وتشبع الرغبات والميول كما أن كثيراً من الآباء لا يؤيدون ارتباط أبنائهم بالمراكز ولا يعرفونها إلا في إجازة الصيف، كذلك وفرة المرافق في المراكز لها دور كبير، إضافة إلى عامل طاقة الاستيعاب في كل مركز». وبحسب الحجي أن مركز الأمير سلطان الاجتماعي الأكبر من حيث المرافق، إذ تتوافر فيه الملاعب والصالات والمسبح، إلى جانب المسرح وقاعة كبرى، مفيداً أن عزوف الشبان ليس فقط عن المراكز بل حتى عن أندية المنطقة بسبب عامل البعد وعدم توافر وسائل المواصلات. وبالفهم ذاته، يستنكر فيصل العنزي «إن برامج مراكز الأحياء لا تلبي حاجاتنا، وإن وجدت بعض البرامج فهي ضعيفة ولا تستهوينا، فضلاً عن عدم توافر أماكن للألعاب المختلفة، واقتصار المسابح التي تستهوي الكثير من الشبان فقط على مركزين هما مركز الأمير سلطان ومركز الخالدية وهما بالتأكيد بعيدان عن بقية الأحياء ولعدم توافر المواصلات يحرم شبان الأحياء الأخرى من ممارسة هواية السباحة». في المقابل، أوضح رئيس المجلس البلدي في منطقه المدينةالمنورة الدكتور صلاح الردادي أن مراكز الأحياء تعتبر متنفساً لتجمع أهاليها ومكاناً لتنظيم مناسباتهم الصغيرة والكبيرة وهي مهيأة لذلك عبر تصاميمها القائمة حالياً، لافتاً إلى أهمية تعميمها في أحياء المنطقة كافة، وأن يكون لها نظام معروف حتى يستفيد منها جميع أبناء الحي. وشدد على إبقائها المكان الأنسب لتجمعات الشبان، وهي الميدان الخصب لممارسه أنشطتهم والترويح عن مكنون أنفسهم وميولهم ورغباتهم من خلال البرامج والأنشطة والفعاليات التي لها الأثر الحسن في شغل أوقات الفراغ بالنافع والمفيد. وفي حديثه إلى «الحياة»، لم ينكر الردادي دور الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية في المدينةالمنورة في تهيئة المراكز وسعيها المستمر لتفعيل الدور الاجتماعي والتربوي من خلال الإشراف الفعلي على البرامج والأنشطة المقدمة، إلا أن قلة عدد المراكز بطيبة تعتبر أحد العوائق التي تواجه الجمعية في الوصول إلى أهدافها، خصوصاً أن المتوافرة منها لا يتعدى عدد الأصابع الواحدة وبالتحديد أربعة مراكز (هي مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز الاجتماعي بالحرة الشرقية، ومركز حي الهجرة، ومركز حي الأزهري، ومركز حي الخالديه)، و تابع: «بما أن قلة المراكز كانت عاملاً مؤثراً في إضعاف دورها وتحقيق أهدافها، كذلك هي عقبة في طريق تنفيذ برامجها، كما أن نقص إمكانات بعض المراكز وروتين الأنشطة المقدمة التي لا تشبع رغبات وميول جميع الشبان أدى إلى عزوف الكثير منهم لها وعدم الإقبال على الانضمام لها». «اجتماعية»: تطالب بتعزيز ثقافة الحي من خلالها