فشل اجتماع مجلس الأمن القومي التركي الذي انعقد لأكثر من سبع ساعات امس برئاسة الرئيس عبدالله غُل في ردم الهوة بين الحكومة والعسكر، وحل أزمة الثقة التي نشبت بينهما على خلفية كشف مخططات جديدة لإعداد انقلاب عسكري كان الجيش التركي نفى علاقته بها. وبسبب حساسية القضية وصعوبة الموقف اضطر الرئيس غُل الى عقد قمة خاصة في القصر الرئاسي جمعته برئيس الوزراء رجب طيب اردوغان وقائد الاركان الجنرال الكر باشبوغ، بعد انتهاء اجتماع المجلس من أجل الدخول في تفاصيل اكثر حساسية والحديث من دون قيود بعيداً من بقية المسؤولين والموظفين. لكن لم تصدر اي اشارة الى توصل القادة الثلاثة الى حل او اتفاق عقب هذا الاجتماع النادر والخاص. ودافع اردوغان من جانبه عن قرار البرلمان الذي عدل قانون المحاكمات ليحد من صلاحيات المحاكم العسكرية ويفسح المجال امام المحاكم المدنية لمحاكمة العسكريين والضباط، قائلا ان هذا من متطلبات الاتحاد الاوروبي والديموقراطية، فيما اكد الجنرال باشبوغ استياءه من التعديل القانوني لأنه يشير الى عدم ثقة الحكومة بالمحاكم العسكرية، وجدد نفيه القاطع لوجود اي علاقة للجيش بالوثائق التي تم نشرها أخيراً في وسائل الاعلام عن مخطط الانقلاب الجديد، مؤكداً زيفها لأنه لم يتم العثور على اصولها للتأكد من صحتها. وشدد باشبوغ على أن الجيش يتعرض لحملة لتشويه سمعته تشنها «جماعة فتح الله غولان» الاسلامية من خلال وسائل الإعلام المقربة منها، وطالب بوضع حد لانتشار انصار الجماعة ومريديها داخل اجهزة الدولة، وخصوصا القضاء والامن على حد قوله. وبينما كان النقاش يدور ساخنا في اجتماع مجلس الامن القومي، أمر قاضي التحقيق في قضية ارغاناكون في اسطنبول بحبس الضابط دورسون تشيشيك على ذمة القضية بتهمة الانتماء الى التنظيم الانقلابي. وجاء القرار ليثبت مخاوف ومزاعم رئيس الوزراء التركي حيث ان المحكمة العسكرية التي سبق لها أن حققت مع الضابط تشيشيك لم تر اي داع لتوقيفه واغلقت التحقيق بعد يومين فقط بحجة عدم وجود اي دليل على التخطيط لانقلاب، بينما امرت المحكمة المدنية بحبسه على ذمة القضية لوجود ادلة قوية تدينه على حد قول المدعي العام. من جهتها، طالبت المعارضة العلمانية الأتاتوركية في البرلمان وعلى رأسها «حزب الشعب الجمهوري» الرئيس غل باستخدام حق الفيتو ورفض التصديق على التعديل القانوني الذي يسمح بمحاكمة الجيش في المحاكم المدنية، وقالت ان القانون سيولد فوضى صلاحيات ويسيء الى سمعة الجيش ونزاهته ويخلق اجواء من عدم الثقة بين مؤسسات الدولة. على صعيد آخر، اشار حقوقيون الى أن حكومة اردوغان ربما تستغل الازمة الحالية من أجل اجراء تعديلات قانونية كانت تتحاشى طرحها سابقا لتقييد صلاحيات الجيش. ودعا هؤلاء الى اعادة النظر في صلاحيات الجيش بشكل عام وشامل بدلاً من اسلوب الحكومة في انتزاع جزء من تلك الصلاحيات بالتدرج تحت ستار سيناريوهات الانقلاب المزعومة والتي لم يتأكد اي منها بعد في ساحة القضاء على الاقل.