شدد مشاركون في ندوة عن تدريس فقه القضايا المعاصرة في الجامعات السعودية على عدم الخوض في النوازل الفقهية، لأنها تحتاج إلى علم ومخالطة كبار العلماء، وتحتاج إلى الاطلاع ومواصلة الدراسة والتجارب والخبرات. واعترض مشاركون في الندوة التي ينظمها مركز التميز البحثي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أمس، مداخلة رئيس قسم الفقه في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور فهد الشريف، الذي قال: «دراسة قضايا الفقه المعاصرة على الدراسات الموروثة عن العلماء السابقين، فهل أدوات التجريح والدراسات السابقة مقدسة لا يمكن لنا إحداث طرق جديدة في الترجيح والدراسة، أو أنها ليست مقدسة ويمكن لنا أن نتعامل مع النصوص بأدوات جديدة تتناسب مع هذا الزمن؟»، بيد أن عضو هيئة كبار العلماء عبدالله بن خنين أكد أن هذا السؤال كبير وواسع جداً، مضيفاً: «نحن نريد فقهاً سائراً على منهج السلف الصالح، لا أن نحدث منهجاً جديداً، خصوصاً أنه في التاريخ الإسلامي جاءت هناك فرق وأحداث مناهج جديدة في العقيدة فضلّت وأضلّت، فهذه مسألة خطرة وطرح غير مناسب لأننا نخرج عن الأصول المقررة التي سار عليها، ونريد اجتهاداً يخرج من هذه المنظومة، أما ربط الأصول والحديث في الرأي مرفوض». ولفت إلى أن خوض العلماء للنوازل الفقهيَة وتقرير أحكامها وتدريس ذلك للناشئة من طلاب العلم في مجال الفقه إظهار لعظمة الفقه الإسلامي، ومشاركته الإيجابية في حل مشكلات العصر ونوازله. وأوضح في ورقة عمل قدمها أن منهج تدريس النوازل الفقهية يشمل مقدمة أو مدخلاً عن طريقة حل النوازل الفقهية في ضوء ربطها بالأصول الفنية للحكم عند الأصوليين من تقسيمه إلى وضعي وتكليفي وعلاقة كل منهما بالآخر، كون النازلة الفقهية تقابل الحكم الوضعي من السبب والشرط وعدم المانع، وهي عند حدوثها تستدعي الحكم التكليفي لإنزاله عليها، ويجب استمدادها مما تقرر في أصول الاستدلال والاستنباط الصحيح، والاستفادة من التراث الفقهي تقعيداً وتخريجاً لأحكام النوازل، وتقرير الأمثلة الكافية من النوازل الفقهية المعاصرة، مطالباً بإفراد النوازل الفقهيَّة بمقرّر مستقل تقرر له الساعات المناسبة، ولا يدمج مع غيره، لأن ذلك عرضة لإهماله أو تناسيه. وقال رئيس مجلس القضاء الأعلى الدكتور صالح بن حميد: «هناك أناس حاولوا أن يتجرأوا في التجديد في أصول الفقه، ومنهم من تكلم عن المقاصد الإسلامية، وهم يطلقون مسميات كمفكر إسلامي أو مثقف إسلامي، لكنهم لا يعتبرون مقياساً لذلك». وأضاف أن الأحكام الشرعية والقرارات الفقهية التي تصدر من أهل العلم في هيئة دائمة أو مجمع فقهي أو لجنة شرعية أو غيرها من صور الاجتماع، تعطي مزيداً من الإقناع لأصحاب القرار من ولاة أمور المسلمين، والقائمين على الهيئات والمؤسسات العامة والخاصة، ممن يتطلعون لتطبيق الشريعة ويبنون عليها أنظمتهم وقوانينهم بخلاف الآراء العلمية الفردية. وذكر مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان أبا الخيل في رد على الشريف أنه لم يقل أحد إن ما تركه الأسلاف مقدس، وإنما محل تقدير واحترام وفضل، «ولولا ما وصل إلينا من هذا السلف لم نعرف ما لنا وما علينا لا في العقيدة والأصول والفقه».