استغرقت المناطقُ الحضرية في المدن مئات السنين لتمتد فوق مساحة 400 ألف كيلومتر مربع حالياً. وتشير التوقعات الخاصة بالنمو العمراني في البلدان النامية، إلى أن الأمر لن يطول أكثر من نحو 30 سنة لبناء المساحة ذاتها من المناطق الحضرية في مدن تلك البلدان. ويتوقع تقرير صدر عن برنامج البنك الدولي الجديد، ويسمى «مدن ناجحة بيئياً واقتصادياً» (موقع البنك الدولي الإلكتروني)، أن يكون الزحف العمراني السريع «أعظم تحد منفرد وفرصة منفردة أمام التنمية في القرن الحالي». ودشن البرنامج نهاية الأسبوع الماضي في سنغافورة. يتابع التقرير»إذا سمح التحول إلى الحضر بتحقيق نمو اقتصادي، يكون ساهم في تحديات اجتماعية اقتصادية، من بينها تغير المناخ والتلوث والازدحام ونمو العشوائيات السريع». وفي واقع الأمر يعتبر «برنامج مدن ناجحة بيئياً واقتصادياً» دعوة إلى تغيير الطريقة التي تتطور بها المدن لتجنب النمو الذي يشجع على الاستخدام المفرط وغير الكفء للطاقة والموارد، مع مساعدة المدن على أن تتحول إلى مراكز اقتصادية صديقة للمناخ. تقول نائبة البنك الدولي للتنمية المستدامة كاثرين سييرا، «لدينا فرصة لن تتكرر لتخطيط وتطوير وبناء وإدارة مدن أكثر استدامة من الناحية البيئية والاقتصادية في الوقت ذاته. ف «برنامج مدن ناجحة بيئياً واقتصادياً» يعتبر استكمالاً للجهود التي يبذلها البنك الدولي وشركاؤه في مجال التنمية المستدامة وتغير المناخ». برنامج يؤمن إطاراً للتنمية العمرانية ويعتبر نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ جيم أدامز، أن وتيرة الزحف العمراني في آسيا وحدها تشير إلى الضرورة الملحة لوجود نهج اقتصادي وبيئي متكامل لتنمية المدن. ويقول: يبدأ «برنامج مدن ناجحة بيئياً واقتصادياً، في منعطف تاريخي حاسم، التحول إلى الحضر في البلدان النامية أحد المعالم الرئيسة للقرن الحادي والعشرين ...لا يوجد كثير من الوقت للتأثير في الطريقة التي تحصل بها هذه التنمية. فالمرحلة الأولى من البرنامج نفّذت منذ قليل، وهي كتاب شامل من ثلاثة أجزاء يعرض الإطار العام التحليلي والعملي. وتتمثل الخطوة الثانية للبرنامج في تطبيق هذا الإطار في مدنٍ عديدة، وإدراجه نهاية الأمر في الإستراتيجيات الوطنية للتنمية العمرانية. وسيتعرف ممثلون من فيتنام والفليبين وإندونيسيا على البرنامج في شكل مباشر هذا الأسبوع خلال عرض تقديمي في سنغافورة. يقول رئيس فريق البرنامج هيرواكي سوزوكي والرئيس المشارك للفريق أريش داستور «يدرك البرنامج أن المدن الناجحة تتيح فرصاً اقتصادية إلى مواطنيها بطريقة شاملة ومستدامة، وتتسم بكفاءة استخدام الموارد، وتوفّر في الوقت ذاته الحماية والرعاية للنظام الإيكولوجي المحلي والمنافع العامة العالمية، مثل البيئة، من أجل الأجيال المقبلة». وتعود الاستدامة العمرانية بمنافع عديدة، وأظهرت مدن مثل كوريتيبا في البرازيل وستوكهولم في السويد ويوكوهاما في اليابان، قدرتها على تعزيز الاستخدام الكفء للموارد على نحو كبير، مع تقليل التلوث الضار والنفايات غير الضرورية. يوضع تصميم الإطار الذي يراعي الاعتبارات البيئية والاقتصادية، بحيث يتكيف مع الظروف المحلية. ويجب على كل مدينة تشارك في البرنامج، أن تستخدمه في إعداد «مسارها الخاص الذي يراعي الاعتبارات البيئية والاقتصادية». ويعتزم البنك الدولي تقديم مساعدة فنية، من خلال دراسات تشخيصية تدرس مدى كفاءة المدينة في استخدام الموارد، وتحدد مجالات التحسين الممكنة، وتشجع استخدام تكلفة دورة الحياة، وهي طريقة تدرس التكلفة الإجمالية، بما فيها استنزاف الموارد والآثار البيئية. مدينة المستقبل المثالية يعتبر «برنامج مدن ناجحة بيئياً واقتصادياً» جزءاً أساسياً من إستراتيجية البنك الدولي الجديدة للمناطق الحضرية، مقرر أن يوافق عليه رسمياً في أيلول (سبتمبر) المقبل. وتدرس هذه الإستراتيجية كيفية تأمين العون للمدن لتسخّر نموها الاقتصادي في تحسين نوعية حياة مواطنيها. تقول مديرة قطاع الوحدة العالمية للحضر في البنك الدولي أبها جوشي - غاني، «إذا تمت إدارة المدن وتخطيطها بطريقة مستدامة، يكون في إمكانها توفير نوعية راقية من الحياة مع أقل قدر من استهلاك الموارد. ويكون العيش فيها أكثر متعةً». وأوضحت «إن نمط حياة السكان الاستهلاكي، وليست المدن، الذي يسبب التلوث. فالمدن المحكمة الجيدة الإدارة تقلل الحاجة إلى امتلاك سيارة واجتياز مسافات طويلة، وتستطيع أن تكون أكثر كفاءة في تقديم خدمات مثل المياه والصرف الصحي والمأوى لعدد أكبر من الناس». «مدينة المستقبل المثالية تتمتع بالاستدامة من الناحية الاقتصادية والبيئية، إنها مدينة تعظم من إمكانات نموها، وتؤمن وظائف وتجتذب الناس، لكنها في الوقت ذاته تقدم نوعية جيدة من الحياة، ومستويات معيشية طيبة، وخدمات مثل المياه والصرف الصحي. وهي أيضاً مدينة أقل إقبالاً على الاستهلاك، وجيدة الإدارة، وتتمتع بالسلامة المالية، وصديقة للبيئة». ومع توقعات بأن يبلغ النمو العمراني 90 في المئة خلال السنوات الثلاثة المقبلة في البلدان النامية، يؤكد سوزوكي وداستور أن هناك حاجة إلى «تحول جذري».