فيما تتهيأ مصر للاحتفال بمئوية ولادة نجيب محفوظ بعد غد الأحد، في ما يشبه الرد على أصوات من حزب «النور» السلفي تعرضت له بالسوء، تعرض دار «سوذبيز» للمزادات في لندن مجموعة مهمة من مخطوطات الروائي المصري الأبرز في القرن العشرين، والأديب العربي الوحيد الذي نال جائزة نوبل للآداب. وسيُباع الأرشيف الذي تُقدر قيمته بما يراوح بين خمسين ألفاً وسبعين ألف جنيه إسترليني في الخامس عشر من الشهر الجاري ضمن مزاد الأدب والتاريخ والصحافة الخاصة وكتب الأطفال والرسوم بالإنكليزية. وتصوّر مجموعة المخطوطات الاستثنائية بغناها وتنوعها، سبعة عقود من مسيرة المؤلّف، منذ ثلاثينات القرن العشرين حتى وفاته عام 2006. وقال كبير المتخصصين بالمخطوطات لدى «سوذبيز» غابريال هيتون، إنه «لشرف عظيم أن نقدّم المخطوطة الفعلية الأولى لنجيب محفوظ التي تُعرض في مزاد علني، علماً أنه لم يُنشر قسم كبير منها سابقاً. وطوال سني عمره، لم يكفّ محفوظ عن ذكر الموضوع الأحبّ إلى قلبه، ألا وهو مدينة القاهرة. وأكثر ما يثير الإعجاب في هذه المخطوطات التي تشمل موادّ تعود إلى بدايات مسيرته الأدبية وصولاً إلى نهايتها، ملاحظة تطور أسلوب المؤلف باستمرار». وتمتدّ مسيرة نجيب محفوظ الطويلة والمميزة على مدى 80 سنة، وقد اشتهر في الخمسينات بروايتي «ثلاثية القاهرة» و»أولاد حارتنا». وتشكّل دروب القاهرة، وثقافة مقاهيها، وصداقاتها، والعلاقات العاطفية بين قاطنيها، النابضة بالحياة لبّ رواياته الأولى وأجزاء مجموعته التي لم ترد في أي من مجموعات محفوظ البارزة ولذلك ربّما لم يتمّ نشرها. وعلى سبيل المثال، نذكر أحد آثاره الأولى «البحث عن زوج» من العام 1937، و»همس الجنون» من العام 1938. وتبرز في المخطوطات المعروضة أيضاً بعض القصص التي ترسل إشارات فلسفية مهمة تعكس رغبة محفوظ المبكرة في كتابة أعمال فلسفية. ويتضمّن الأرشيف أيضاً مخطوطات لجزء كبير من نتاجه الذي برز في مرحلة لاحقة. ويُذكَر أنه في تشرين الأول (أكتوبر) 1994 تلقّى المؤلف طعنة في عنقه على يد أصوليّ، استشاط غضباً على الكفر المزعوم بالله في «أولاد حارتنا»، ما أدى إلى ضرر بالغ في العصب منع محفوظ من الكتابة لسنوات. وتنطوي آثار محفوظ الأخيرة على سلسلة من الروايات القصيرة التي تتألّف من فقرة واحدة تقريباً، وتتّخذ طابع أحلام، تصوّر ملكته في جمع تفسيرات الأحلام وفق التقاليد العربية القديمة، وقد جُمِعَت الأحلام منذ ذلك الحين في كتاب واحد.