أشارت موسكو إلى «تقدم فاق التوقعات» تحقق في محادثات تقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية مع الأميركيين. وأعرب ديبلوماسيون روس عن تفاؤلهم بقدرة الطرفين على توقيع معاهدة جديدة قبل نهاية هذا العام. وقبل أقل من أسبوع على موعد القمة الروسية - الأميركية المقررة في موسكو، لاحت بوادر قوية لإنفراج في واحد من أعقد الملفات بين الطرفين. وكشف أمس، نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريباك أن موسكووواشنطن «حققتا تقدماً مهماً في مسألة إتفاق تقليص الأسلحة الإستراتيجية». ولفت الديبلوماسي المسؤول عن ملف العلاقات مع الولاياتالمتحدة إلى أن «درجة التقدم فاقت كل توقعاتنا الأولية عندما كنا نستعد لإطلاق الحوار في هذا الشأن». واضاف أن هذا التطور سيسمح بتوقيع معاهدة جديدة لتقليص الأسلحة الهجومية (ستارت2) في الموعد المطلوب. ومعلوم أن الإتفاقية الحالية تنتهي في الخامس من كانون الأول (ديسمبر) المقبل، ويسابق الطرفان الروسي والأميركي الزمن لتذليل العقبات الكبرى والملفات الخلافية المستعصية من أجل التمكن من توقيع إتفاقية جديدة قبل حلول هذا الموعد، لأن «حال الفراغ ستكون خطرة جداً وتوجد ثغرات في مجال المراقبة الدولية على التسلح»، كما أشار خبراء روس. ومعلوم أن ديبلوماسيين وخبراء من البلدين عقدوا ثلاث جولات تفاوضية لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى صوغ مسودة للمعاهدة الجديدة من أجل عرضها على الرئيسين ديمتري ميدفيديف وباراك أوباما خلال زيارة الأخيرة إلى موسكو المقررة الإثنين المقبل. والنقاط الخلافية الأبرز التي لمح المسؤولون الروس إلى تحقيق إختراق وتقريب وجهات النظر فيها، هي مسألة توسيع مجالات تقليص الأسلحة لتشمل إضافة إلى الرؤوس النووية، الناقلات الإستراتيجية وتحديداً الصواريخ والغواصات والقاذفات، وأيضاً تضمين النص الجديد للمعاهدة بنداً واضحاً يحظر على البلدين نشر أسلحة خارج أراضيهما. وأشار الروس أخيرا، إلى ضرورة أن يتم ربط الإتفاق على تقليص الأسلحة الهجومية، مع حل مسألة الدرع الصاروخية التي تنوي واشنطن نشرها في شرق أوروبا. في غضون ذلك أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن تفاؤله بالتطور الذي شهدته علاقات موسكووواشنطن خلال الفترة الأخيرة. وقال في مقالة نشرها أمس، الموقع الرسمي للخارجية الروسية، إن الحوار الروسي- الاميركي شهد في الشهور الاخيرة تطوراً مهماً، و»دخلت العلاقات بين روسياوالولاياتالمتحدة مرحلة تغيرات يستوجبها العصر الراهن». واشار إلى أن البلدين تمكنا من أزالة ما وصفه بأنه «حاجز مهم». وزاد أن زيارة أوباما لروسيا ستفتح الباب أمام مرحلة مهمة لمواصلة التقارب وتعزيز الثقة. وأوضح لافروف ان بلاده تسعى إلى تعزيز الرقابة الدولية على منع إنتشار السلاح النووي، و»كان تعاوننا في السنوات الماضية يفتقر الى التقدم في ما يتعلق بالاسلحة الاستراتيجية الهجومية والدرع الصاروخية. وينبغي الآن ان نعوض عما فاتنا». واضاف أن «التقدم الواقعي في الحوار يبعث على التفاؤل والامل بان نمضي قدماً نحو الهدف المنشود. وهو عالم خال من السلاح النووي». كما تطرق في مقالته إلى الملفين الإيراني والكوري الشمالي، مشيراً الى أن تعاون موسكووواشنطن «يفتح امامنا آفاقاً جيدة للعمل بهدف البحث عن حل سياسي للقضايا الخاصة بالملف النووي الايراني، وذلك في الاطار الذي يأخذ بالحسبان القلق المشروع لكافة دول المنطقة في مجال الامن ودور إيران في القضايا الاقليمية. وأيضا لحمل كوريا الشمالية على الإستجابة لقرار مجلس الامن». وشهدت جنيف أمس، اجتماعا تشاوريا جديدا حول الوضع الأمني في القوقاز حضره ممثلو جورجيا وروسياوالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، كما شارك في الإجتماع للمرة الأولى ممثلو جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. وكانت الجولات الماضية للحوار الروسي-الجورجي برعاية دولية فشلت في تقريب المواقف حول الوضع الأمني في منطقة القوقاز بسبب إصرار موسكو على حضور ممثلي الجمهوريتين ،في حين قوبل هذا الموقف برفض جورجيا التي مازالت تعتبر أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية إقليمان جورجيان متمردان. وقال ممثلو روسيا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية إنهم يرون ضرورة أن يساعد الاجتماع التشاوري الجديد على «اتخاذ قرارات واضحة في ظروف استمرار عدم الاستقرار وانتهاء مهمة مراقبي منظمة الأمن والتعاون الأوروبية والأمم المتحدة في المنطقة». وبرغم أن موسكو نجحت في فرض حضور الجمهوريتين لكن أوساطا ديبلوماسية لم تستبعد أن تفشل جولة المناقشات وهي السادسة منذ إندلاع الحرب الجورجية الروسية في أب (أغسطس) الماضي.