لسن بزوجات ولا هن مطلقات، تعددت معاناتهن باختلاف أحوالهن، ولكنهن ُنلن لقب «معلقة» كغيرهن من آلاف النساء اللائي بزيادتهن زادت نسبة المعلقات في المجتمع، فاكتظت المحاكم ب دعاوى «المعلقات» اللواتي مللن من التردد عليها لسنوات طويلة، في الوقت الذي تسعى فيه المحاكم جاهدةً إلى الإسهام في خفض نسب الطلاق بين الأزواج، والحد من وقوعه حفاظاً على الاستقرار الأسري. التقت «الحياة» بمجموعة من السيدات اللائي عانين من الحصول على الخلع، وعلقن لسنوات عدة بسبب عجزهن عن تحقيق رغبة القضاء في إرجاع المهر للزوج، فتروي أمل المعلقة منذ خمس سنوات قصتها فتقول: «طلبت الخلع من زوجي بسبب سوء معاملته لي ولم أتمكن من إثبات الضرر لذلك حكم علي باسترجاع المهر حتى أحصل على الخلع لأجد نفسي عاجزة عن تحقيق ذلك كوني لا أملك إلا قوت يومي وليس لدي من يعولني، فوالدي متوفى وليس لدي إخوة، وحاولت إثبات ذلك للقاضي إلا أنه أصر على أن أرد لزوجي عوضه». وتقول أخرى: «علقت لسنوات طوال وأنا أطالب بالخلع ولم يتحقق ذلك إلا بعد أن سخر لي الله من يعيني من أهل الخير لأتقدم بمهر المؤخر في المحكمة»، وتضيف: «عانيت الكثير، وكنت أتساءل كثيراً كيف يمكنني أن أوفر المبلغ المطلوب مني لأحصل على حريتي؟، حتى إن الوساوس بدأت تنفث بي لأسلك طرقاً غير مشروعة إلا أن قوة إيماني بالله منعتني من ذلك». من جهته، طالب القاضي في ديوان المظالم سابقاً والمحامي محمد الجذلاني بإيجاد حلول لمشكلة تعليق الزوجات في القضايا المحكوم عليها بالطلاق على عوض أو ما يسمى ب «الخلع»، والتي يلزم القاضي فيها المرأة بإرجاع المهر للزوج أو بفرض مبلغ مالي أقل من المهر والذي ترتب عليه أمر التعليق لدى العاجزات عن دفع هذا العوض، والذي يمتد أحياناً عند البعض لسنواتٍ عدة، مؤكداً أن هذه القضايا واقعة وموجودة ومنتشرة بصورةٍ مزعجة، ولا تعتبر حالاتٍ فردية نادرة أو قليلة، ولها آثارها السلبية التي ينتج منها فساد اجتماعي وتفكك أسري. وشدد الجذلاني في حديثه إلى «الحياة» على أن يأمر القضاة بالإحسان مع العدل في مثل هذه الحالات امتثالاً لقوله تعالى: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ِ ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي»، كأن يصدر القاضي خطاباً بإحالة الزوجة إلى الجمعيات الخيرية أو إلى وزارة الشؤون الاجتماعية أو بنك التسليف كحالة إنسانية فيشفع لها شفاعة حسنة، منادياً بضرورة توافر الجهود الخيرية في هذا الجانب، ومشيراً إلى أن الجمعيات الخيرية لا تضع في أجندتها البحث عن الحالات المحتاجة في أروقة المحاكم من المدينين أو مثل حالات هؤلاء النساء. وتساءل الجذلاني: «لماذا لا تعامل قضية الزوجة المعلقة العاجزة عن دفع العوض معاملة المدين الذي أصدر في حكمه صك إعسار لعجزه عن السداد بعد أن ثبت إعساره؟»، مطالباً في الوقت نفسه بضرورة أن تخضع الزوجة العاجزة عن دفع العوض لاجتهاد القاضي بعد مضي فترة زمنية عجزت فيها الزوجة عن الدفع وإثبات حال عجزها وحال أهلها من خلال الشهود ليلجأ بعدها القاضي إلى الخلع أو الفسخ من دون عوض حتى لا تبقى الزوجة معلقة، ويمكن أن يبقى العوض في ذمتها في حال تمكنت مستقبلاً من السداد بصورة دفعات وفق آلية معينة. ووافق المستشار القانوني المحامي عبدالعزيز الزامل حديث الجذلاني، إذ أكد أنه من حق الزوجة أن تستعين بوزارة الشؤون الاجتماعية في إرجاع المهر للزوج في حال عجزها عن الدفع، أو أن يخفف القاضي المبلغ على الزوجة أو يقسطه حتى لا تصبح الزوجة معلقة، ويرى من جهته بأنه يفترض أن لا تزيد مدة حل هذه المسائل على ستة أشهر حتى لا ينتج منها أي ضرر أو أثرٍ سلبي. ... وخلاف على «الخلع» و«الطلاق»