من قال إن الرياضة كرة قدم فقط؟ خطر في ذهني هذا السؤال، وأنا أتذكر أيام المدرسة وأتذكر مساحة «العبث»، التي كانت تسمى «مجازاً» حصة «التربية البدنية»، التي لا أذكر أننا ربينا أبداننا عليها أبداً. كانت هذه الحصة عبارة عن وقت مستقطع من اليوم الدراسي «الثمين» للعب «كرة القدم»، كيفما اتفق دون قواعد ولا مهارات، وأحياناً من دون لباس مخصص ولا أحذية مناسبة. كنا نلعب على طريقة «طقها والحقها». وكان بعض الزملاء يلعبون «بالفلينة والسروال»، «حافيي القدمين» على الطريقة المحلية، وليس على طريقة «نزار قباني» وقصيدته الشهيرة: «حافية القدمين» التي غناها كاظم الساهر. هنا الطريقة تختلف تماماً، والمشهدية لا تمت لتلك بأية صلة. أذكر أن أستاذ «التربية البدنية» كان يلبس الثوب والشماغ..! ويجلس ب«كرشة» فوق كنبة داخل الصالة الرياضية المدرسية، الغير مستخدمة، ويؤشر لنا بيده التي تحمل «بيالة شاي» على مكان توجد فيه كرة قدم «منتهية الصلاحية» ليتسلّمها «عريف الفصل» كعهدة من بداية الحصة حتى انتهائها، ليتجه الجميع لملعب ترابي تحت «لهيب الشمس»، وتبدأ «الممارسات» الصبيانية التي كان يطلق عليها -عرفاً- رياضة مدرسية. تذكرت هذه المشاهد، وأنا أتابع يوم الأربعاء الماضي تحدي سباق السيارات المميز الذي افتتحه «أمير الشرقية» محمد بن فهد، وحضره أكثر من عشرة آلاف شاب متحمس لهذه الرياضة الجميلة والمثيرة، في حلبة سباق «موقتة» طولها 800 متر تم بناؤها وفق مواصفات عالمية خصيصاً لمسابقة «راس براس»، التي تنافس بها 16 متسابقاً من دول عربية عدة في سباق محموم ألهب حماس الحضور وسخن الأجواء الباردة. وانتهى بتتويج السائق اللبناني المتمرس «روجيه فغالي» الذي تقدم على كل المنافسين بنظام خروج المغلوب، والتقى في الجولة النهائية ممثل السعودية الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل الذي تقدم هو الآخر بجدارة على بقية المتنافسين ليصعد إلى الجولة النهائية التي انتهت بتقدم اللبناني فغالي بفارق ثوان معدودة. وقد تضمنت الفقرة الأخيرة من السباق تحديات عدة بسيارات مختلفة بين فغالي والأمير تركي، إضافة إلى فقرة «التفحيط»، التي قام بها متخصص في هذا «الفن» الذي يعشقه الشباب. انتهى «تحدي» الشرقية «راس براس»، وبقي سؤال مهم يحتاج لإجابة: لماذا الاهتمام الدائم بكرة القدم دون الرياضات الأخرى؟ لا نريد أن يكون هذا الحدث استثناء بل نريده قاعدة نسير عليها. الرياضة جميلة وممتعة ومتنوعة، والشباب يجب أن يهتم ويتابع رياضات مختلفة ويمارسها في أماكنها المخصصة وبأدواتها المتخصصة، وفق احتياطات السلامة المطلوبة. وكم أتمنى أن يأتي اليوم الذي يمارس فيه أبناؤنا في مدارسهم رياضة حقيقية مختلفة ومتنوعة تسهم في بناء وتنمية قدراتهم الفكرية والجسدية وتنتهي أيام كرة «طقها والحقها». [email protected]