سعى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى تهدئة التأزم السياسي الذي نجم عن تلويح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالاستقالة إذا لم تتم الموافقة على تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، الذي يفترض أن يبت به مجلس الوزراء في جلسته الأربعاء المقبل، والذي قابله تلويح من زعيم تكتل التغيير والإصلاح النيابي العماد ميشال عون (10 وزراء) بالاعتكاف إذا لم تُعطَ مجموعة مطالب للتكتل الأولوية على تمويل المحكمة. واعتبر بري في كلمة له أمس، أن «الحل ليس باستقالة الحكومة بل باستمرار البحث عن حل وفي الحوار»، مؤكداً أن «التجربة أثبتت أن أحداً لا يمكنه أن ينفرد بالسلطة أو أن يملك حق الفيتو على القرارات الوطنية، الأمر الذي يتطلب تفاهمات وطنية». وجاء كلام بري بعدما غادر ميقاتي بيروت الى روما في إجازة، على أن يقابل غداً الإثنين البابا بنديكتوس السادس عشر في الفاتيكان، وعلى أمل أن تنجح الاتصالات في إيجاد مخرج لمسألة تمويل المحكمة الدولية قبل جلسة الأربعاء المقبل، المرشحة للتأجيل في حال تعذر ذلك، تفادياً للإطاحة بالحكومة التي يدرس «حزب الله» الخيارات والبدائل إزاء احتمال الإطاحة بها، بعد أن فوجئ بتلويح ميقاتي بالتنحي. وقالت مصادر في الأكثرية إن مقاطعة وزراء تكتل عون جلسة مجلس الوزراء أول من أمس الجمعة، بحجة تحقيق مطالبهم قد تكون المخرج لتأجيل الجلسة المقبلة في انتظار حسم الخيارات الممكنة وسط ميل بري الواضح الى عدم استقالة الحكومة، وفي ظل مراهنة على أن يستأنف جهوده السابقة، التي كان «حزب الله» رفضها، من أجل وضع سيناريو يسمح بإقرار تمويل المحكمة، عبر تغيّب بعض الوزراء المعارضين للتمويل وإجازة تصويت البعض الآخر مع هذا التمويل لتفادي استقالة ميقاتي والموقف السلبي من المجتمع الدولي إزاء امتناع لبنان عن التزام القرارات الدولية. وإذ التقى بري أول من أمس المعاون السياسي للأمين العام ل «حزب الله» حسين الخليل، أشارت مصادر في الأكثرية الى أن تحرك بري لإيجاد مخرج أو سيناريو ما يتوقف على قرار الحزب وانتهائه من دراسة كل الخيارات حيال المأزق الحالي. إلا أن أوساط بري، التي أوضحت أنه عتب على ميقاتي أشارت الى أنه سيعمل ما في وسعه للخروج من الأزمة، على رغم أن موقفه ما زال معارضاً للتمويل، لكنه في موقع صعب بين موقف رئيس الحكومة الذي سعى رئيس البرلمان لمساعدته في كل المراحل السابقة، على رغم قوله في مقابلته التلفزيونية الخميس أن أياً من الأطراف لم يسهّل مهمته، وبين تصعيد العماد عون وتشدده في مطالبه. وكان ورزاء تكتل عون طرحوا 5 شروط اعتبروها أهم من تمويل المحكمة وطالبوا بوضعها على جدول أعمال مجلس الوزراء هي: إقرار موازنة عام 2012، المشاريع الإنمائية للوزارات التي يتولاها التكتل، إقرار قانون سلفة الخزينة بقيمة 8900 بليون ليرة، مرسوم تصحيح الأجور مع التغطية الصحية الشاملة وإجراء التعيينات الإدارية وأهمها في مجلس القضاء الأعلى. وكان «حزب الله» بناء لطلب بري بذل جهوداً مع العماد عون كي يخفف من تصعيده بعد تلويح ميقاتي بالاستقالة فيمتنع عن التلويح هو بدوره بالانسحاب من الحكومة، إفساحاً في المجال أمام جهود رئيس البرلمان لمعالجة التأزم. وطالب الحزب عون «بألاّ تفاجئنا في إعلان مواقف غير منسقة معنا، خصوصاً أننا نتشاور مع الرئيس بري». وامتنع عون نتيجة ذلك عن الحديث عن الاستقالة من الحكومة إذا لم تتم تلبية شروطه لكنه واصل أمس هجومه العنيف على ميقاتي، فقال من دون أن يسميه: «أصبحنا خاضعين لمزاج بعض الحاكمين. وللأسف ليس هناك رجال تقف على أرجلها، بل رجال تركع وتزحف ولا يستحقون لقب الرجال». وقال إنه «لا يمكن لأحد أن يجعلنا ندفع قرشاً للمحكمة التي يتاجرون بها...». وأوضحت مصادر في الأكثرية أن طرح عون شروطه الخمسة لعرضها على مجلس الوزراء قد تكون لائحة بالمطالب التي يريد تحقيقها، لا سيما التعيينات الإدارية المجمدة، مقابل أي مخرج يتم التوصل إليه في شأن تمويل المحكمة. من النوع الذي قد يسعى إليه بري مجدداً تفادياً لاستقالة ميقاتي. وأشارت الى أن ميقاتي قد يستطيع تحمل تأجيل جلسة مجلس الوزراء مرة واحدة الأسبوع المقبل، لكن الاستحقاق داهم ولا يمكن الاستمرار في التأجيل. وفي المقابل، ذكرت المصادر أن دراسة الخيارات من قبل «حزب الله» وبري تتم في ضوء الاستياء من أن ميقاتي أعطى تعليمات لمندوب لبنان في الجامعة العربية السفير خالد زيادة، خلال اجتماع المجلس الخميس الماضي في القاهرة، بأن «ينأى لبنان بنفسه» في التصويت على قرار الجامعة إعطاء مهلة لسورية كي توقّع على بروتوكول التعاون مع المراقبين. وكان ميقاتي طلب من زيادة اتخاذ هذا الموقف بعد أن غادر وزير الخارجية عدنان منصور القاهرة لارتباطه المسبق باجتماع مع السلطات القبرصية في شأن تحديد الحدود البحرية بين البلدين. وذكرت المصادر أنه في حين لقي موقف ميقاتي استياء من بري و «حزب الله»، فإن رئيس الجلسة في الجامعة العربية طلب تفسيراً من السفير زيادة عما يعنيه بموقف النأي بالنفس.