نيويورك - أ ف ب - ظهرت فرضية في القرن الماضي تُفيد بأن أي فرد يمكنه الاتصال بأي فرد آخر من خلال سلسلة علاقات فردية مؤلفة من 6 أشخاص. وتستند هذه النظرية إلى أعمال ستانلي ميلغرام وجيفري ترافرس اللذين طلبا في الستينات من 300 شخص يعيشون في ولاية نبراسكا (وسط الولاياتالمتحدة) إيصال رسالة إلى شخص في بوسطن (ماساتشوستس في شمال شرقي البلاد) من خلال معارفهم، على أن يمثل صديق درجة انفصال واحدة وصديق صديق درجتي انفصال وهكذا دواليك... ووصلت الرسائل إلى وجهتها بعدما قطعت 6 درجات من الانفصال. ولم تعتبر نظرية الدرجات الست يوماً صحيحة علمياً، ولكن استوحيت منها مسرحية وأنشئت باسمها جمعية خيرية. وفي عام 1995، صدر فيلم «سيكس ديغريز أوف سيبيريشن» (ست درجات انفصال) من بطولة ويل سميث الذي لعب دور شاب يعرف عن نفسه على أنه صديق لأولاد تاجر تحف فنية ثري. ويبدو أن موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» الذي يجمع اليوم أكثر من 10 في المئة من سكان الأرض، قد جعل العالم أصغر وخفض معدل درجات الانفصال بين أي شخصين إلى 4,74 درجات، بدلاً من الدرجات الست المعترف بها منذ العشرينات. وفي دراسة شارك فيها «فايسبوك»، كتب خمسة باحثين هم لارس باكستروم وباولو بودلي وماركو روسا وجوهان أوغاندر وسيباستيانو فينيا أن «العالم أصغر مما نعتقد». وفي عام 2008، درس فريق من العلماء يعمل لدى «مايكروسوفت» ثلاثة بلايين رسالة فورية بعث بها 240 مليون شخص في حزيران (يونيو) 2006، فاستنتج أنه يمكن أي شخصين الاتصال ببعضهما بعضاً (واحدهما بالآخر) مروراً ب 6,6 مراحل. وبعدما حظيت الدراسة هذه السنة بمساعدة «فايسبوك»، أظهرت أن 99,6 في المئة من مستخدمي هذا الموقع يمكنهم الاتصال بمستخدم آخر من خلال معارفهم ومروراً بست مراحل ليس إلا، فيما يستطيع 92 في المئة منهم فعل ذلك مروراً بأربع مراحل. وذكر القيمون على «فايسبوك» أن «إذا نظرنا إلى المستخدم الأكثر عزلة والمقيم في سهوب سيبيريا أو في أدغال البيرو، فسنرى أن صديق صديقنا يعرف على الأرجح صديق صديقه». وأضافوا: «عندما نحصر تحليلنا في بلد واحد أكان الولاياتالمتحدة أو السويد أو إيطاليا أو غيرها، نكتشف أن العالم أصغر مما نعتقد وأن معظم الناس منفصل بعضهم عن بعض بثلاث درجات ليس إلا». وشرحوا أن «مع تطور «فايسبوك» على مر السنين وجمعه نسبة أكبر من سكان العالم، أصبح سكان العالم أكثر اتصالاً ببعضهم بعضاً». وارتكزت الدراسة التي أجريت في مطلع السنة على العلاقات بين 721 مليون عضو في «فايسبوك»، وعلى 69 مليار صلة «صداقة». ويساهم «فايسبوك» في تقريب سكان العالم من بعضهم لأنه يقترح على مستخدميه الاتصال بعضهم ببعض بناء على معارفهم المشتركة وإن لم يكونوا أصدقاء فعلياً. ويقيم المستخدمون علاقات مع الناس الذين يعيشون بالقرب منهم أكثر مقارنة بالذين يعيشون في الطرف الآخر من العالم. وما يجعل الموقع شاملاً ومركّزاً، هو أن 84 في المئة من صلات «الصداقة» هي بين المستخدمين الذين يقيمون في البلاد نفسها.