رويترز - كان يرتدي جلبابا بنيا ويعتمر عمامة ويغطي وجهه بوشاح وينتعل خفا وهي الملابس التي يرتديها الطوارق بالمنطقة. وتوفر هذه الملابس نوعا من التخفي لرجل كان يشاهد عادة مرتديا بذلة أنيقة وملابس على أعلى مستوى. وعندما جلسوا على المقاعد واحتكت مؤخرات البنادق بالأرضية المعدنية قال أحد الحراس "إنه خائف الآن." لكن الطيار قال إنه دار بينه وبين سيف الإسلام (39 عاما) حديث ابوي وإنه هدأ من روعه قبل أن يركب الطائرة. وقال عبد الله المهدي "تحدثت اليه كأنه طفل صغير." امله على غرار ابناء الزنتان في هذه الايام التي تسودها الفوضى بليبيا هو إنشاء قوة جوية جديدة. وأضاف المهدي "قلت له إنه لن يضرب ولن يؤذى وأعطيته وعدا." كان سيف الإسلام ينظر أمامه او يحني راسه للأرض التي كان مؤهلا ذات يوم لحكمها. يغطي فمه من حين لآخر على نمط الطوارق ويقول بضع كلمات لحارسه. وتناقض هذا الهدوء مع الصخب الذي أحاط باعتقال معمر القذافي في 20 اكتوبر تشرين الأول حين حاول الفرار من سرت مسقط رأسه على البحر المتوسط. وصور مقاتلون من مصراتة أنفسهم بالهواتف المحمولة وهم يضربون الزعيم المخلوع ويهينونه قبل عرض جثته لتشاهدها الجماهير على مدى عدة أيام. نظرت المراسلة في عيني سيف الإسلام بضع مرات لكنه في كل مرة كان يشيح بوجهه عنها. طلب ماء ليشرب فمررت له المراسلة زجاجة أخرجتها من حقيبتها. ولم يرغب الأسرى الآخرون ايضا في الحديث. بعد أن هبطت الطائرة في الزنتان أحاطها المئات لبضع دقائق فهلل البعض وبدا الغضب واضحا على البعض وكبر كثيرون. ورفع بعضهم هواتف محمولة الى النوافذ القليلة بالطائرة املا في التقاط صورة للرجل الذي يأتي على رأس قائمة المطلوبين في ليبيا. في احدى المراحل حاول آخرون الإمساك بمقابض الأبواب وكانوا يسعون فيما يبدو الى اقتحام الطائرة. وفي حين ظهر التوتر على مرافقيه بدا سيف الإسلام هادئا. جلس في مكانه وانتظر. تحركت الطائرة ببطء فيما تشبثت جموع بجناحيها. لم يتحدث الأسرى كثيرا مع أحدهم الآخر ومع الحراس. ولدى سؤاله عن تصريح محكمة لاهاي بأنه على اتصال بها من خلال وسطاء لتسليم نفسه لها - وهي لا تطبق عقوبة الإعدام - بدا عليه الغضب وقال "هذه كلها أكاذيب. لم أتصل بأحد منهم قط." بعد اكثر من ساعة قرر المقاتلون أن بوسعهم إخراج الأسرى الاربعة الآخرين من الطائرة. خرجوا من الباب الأمامي. وبقي سيف الإسلام في مكانه بمؤخرة الطائرة صامتا ومتحفظا. مرت ساعة أخرى والحشود مازالت تتجول على المدرج. قال الحراس إن الوقت حان ليرحل الصحافيون. تحدثت كاتبة هذا التقرير بالإنكليزية الى سيف الإسلام وسألته "هل أنت بخير؟" فنظر اليها وأجاب "نعم." أشارت المراسلة الى يده المصابة فقال "القوات الجوية. القوات الجوية." فسألته "حلف شمال الأطلسي؟" فقال "نعم. منذ شهر." مرت المراسلة من امامه لتتوجه الى سلم الطائرة. رفع سيف الإسلام رأسه وأمسك بيدها ليساعدها. فيما بعد عرضت لقطات تلفزيونية تظهر إنزاله من الطائرة فيما حاولت حشود على المدرج صفعه. وضعه آسروه في سيارة وانطلقوا بسرعة لمخبأ بمكان ما في البلدة. ___________ * محمود الفرجاني في أوباري وأوليفر هولمز في الزنتان