في وقت وقف فيه «معلمون» حيال تمرد بعض طلابهم عليهم موقف المتفرج، مفرغين طاقاتهم في الحديث عن جوانب لا تغوص في عمق العلاقة بينهما، راكنين إلى الجملة الشهيرة «جيل آخر زمن»، لجأ آخرون لم ترق لهم مشاهدة تدهور تلك العلاقة ومضيها إلى نوع من الهشاشة، إلى تدارك الأمر باستثمار الحج في الرقي بمستوى الطلاب الأخلاقي والعلمي والفكري. ولخص المعلم بمدارس محافظة الدوادمي فهد ناصر الغيث أحد المعلمين المشاركين في تجربة حج الطلبة، أبرز أهداف التجربة في تربية الطلاب على الحياة الجدية واكتشاف المواهب والقدرات بين صفوفهم، وقال: «لا يخفى أن مبدأ تعزيز الوسطية بين الطلبة بعيداً عن شراك التشدد هدف من الأهداف المرسومة لتجربتنا هذه (حج الطلبة)». وأضاف: «إن رحلة الحج لطلاب الدوادمي هذا العام سبقتها تجربة مماثلة هي الأولى في العام الماضي، مشيراً إلى أن المختلف في تجربة هذا الموسم هو تعميم «حج الطلاب» على جميع ثانويات المحافظة بعد أن كانت محصورة في سنتها الأولى على ثانوية مدينة الدوادمي من دون غيرها من المدارس المنتشرة في أرجاء المحافظة. وأبان أن هناك لجنة تختار الطلاب المشاركين في رحلة حج كل عام تستند إلى دراسة إمكان أن يكون الحج نقطة إيجابية في مناحي حياة الطالب كافة من عدمها. ولا يخفي المشرفان على رحلة حج الطلاب المعلمان سليمان الكريدان وبجاد الحربي أن الروحانية التي هي العنوان الأبرز للرحلة المباركة والتغيير الذي تحدثه في حياة كل شخص كان لها انعكاساتها الكبرى في اعتدال سلوكيات الطلاب تجاه بعضهم بعضاً كطلبة، وفي الجانب الآخر احترام الطلاب لمعلميهم في شكل أفضل وتوطيد العلاقة بين الطرفين. وتابعا: «إن فكرة تمكين الطلاب من تأدية الفريضة في العام الماضي أثبتت نجاعتها وأهميتها في تعزيز مبادئ حرص الطالب على تحصيله الدراسي ومواصلته الارتقاء بفكره وسلوكه ليكون فرداً مثمراً في المجتمع». وأكد المشرف الحربي أن رحلة «حج الطلاب» لا تبدو رتيبة ومملة، تركز فقط على تكريس الجانب المتشدد من الناحية التربوية من دون أن يتداخل معها المرح، لافتاً إلى مسابقات يجريها المعلمون ومنافسات بين الطلبة توزع خلالها هدايا يومية تتنوع بين المبالغ المالية والهدايا العينية. وخلال زيارة «الحياة» للمخيم الذي يقيم فيه الطلبة والمعلمون داخل المشاعر المقدسة، رصدت روحاً معنوية عالية من قبل الطلبة وهو ما يعزيه متعب الحربي (أحد المعلمين المشرفين في الرحلة) إلى أن الحج فرصة ثمينة لإحداث نقلة في حياة الفرد ليس في الجانب الديني فحسب بل في الجوانب العلمية والأخلاقية والوطنية أيضاً. وأردف: «إن التواجد هنا يخلق جواً متفرداً لاستخراج مواهب الطلاب المختلفة كونه لا حواجز تفصل بينهم وبين معلميهم»، لافتاً إلى حصول المعلمين المشاركين في رحلة العام الماضي على شهادة شكر وتقدير من وزارة التربية والتعليم على التجربة النوعية التي قدموها. وحفزت تجربة مدارس الدوادمي، المشرفين إلى مطالبة نظرائهم في المدارس الثانوية كافة في السعودية على مستوى المناطق والمحافظات بتعميمها لإحداث نقلة تبدأ من الفرد وتمتد حتى تصل إلى سلوكه في البيت والمدرسة والطريق والكثير من الأمور الأخرى.