لا ترى الكثير من العائلات المهجرة الى مدينة البصرة من مناطق عراقية اخرى فائدة من العودة إلى مناطقها الاصلية حتى بعد استقرارها أمنياً، خصوصاً ان الكثير منهم باعوا منازلهم الاصلية وشرعوا في تاسيس حياة جديدة في البصرة خلال السنوات الماضية. ويقول مدير دائرة الهجرة والمهجرين في البصرة وميض الأجودي ل «الحياة» ان «أكثر من 50 في المئة من العائلات التي قدمت إلينا لم تعد إلى محل سكناها الأصلي كون البصرة تضم منافذ لكسب العيش أكثر من غيرها من المحافظات إضافة إلى أن هناك دوائر حكومية تشكل رواتبها إغراءات كافية للبقاء والعمل داخل المدينة التي تعد ثاني اكبر المدن العراقية، مثل شركة نفط الجنوب والموانئ التي تم توظيف أعداد من المهجرين فيها وهي تتميز برواتب عالية». ويضيف أن «العودة التي نطرحها على المهجرين بعد استتباب الأمن في مناطقهم طوعية وليست إجبارية حيث تشير التوصيات العليا أن أمر الرجوع هو بيد المهجر». ويوضح أن «وزارة الهجرة والمهجرين أعلنت عن دراسة ستقوم بها في الفترة المقبلة للتعرف على أوضاع المهجرين والتحقق من أسباب بقائهم في الأماكن التي جاؤوا اليها بالقوة». ويقول المهجر من محافظة الأنبار حيدر صادق الذي يسكن حالياً في قضاء أبي الخصيب بالبصرة «كنت أعمل مدرساً في الأنبار والآن قمت بنقل خدماتي إلى البصرة إضافة إلى عملي كسائق اجرة مساء، وحركة النقل في سوق العشار وسط المدينة تدر علي دخلاً جيداً لذلك لا أفكر بالعودة الى الانبار». أما سمير محمد وهو مهجر من محافظة ديالى ويسكن منطقة الجنينة في البصرة فيوضح: «تم تهديدي بالقتل إن لم أغادر أنا وأولادي فجئت إلى البصرة ووجدت فرصة عمل في شركة أجنبية تمنحني راتباً لا يمكن أن أتخلى عنه لأجل العودة، خصوصاً بعد ان تزوجت سيدة من اهالي البصرة كان أهلها يعتنون بي وبأولادي عند دخولي المحافظة اول مرة لكوني أرملاً». ومن المهجرين من لا يرغب بالعودة لأن صور قتل أهلهم أو أقاربهم ما زالت تراودهم مثل زكريا حافظ الذي هجر من بغداد (حي السيدية) وهو الآن يسكن في قضاء الزبير ويقول ل «الحياة»: «الوضع في أكثر مناطق العراق متشابه من حيث الاقتصاد والواقع الاجتماعي لذلك سأبقى ولن أعود لكوني أملك الآن محلاً للاستنساخ بالقرب من المحكمة وهو مربح لي، (...) رأيت ابن أخي يذبح أمامي في الشارع فلا تطيب نفسي أن ادخل الى ذلك الشارع مرة أخرى». وعلى رغم استقرار الكثير من المهجرين في البصرة إلا أنهم مستمرون بمطالبة الحكومة بدعم خاص لهم كمهجرين من خلال إعطائهم أولويات في التوظيف واستلام الدعم الخاص بالمهجرين، ويقول أبو علي وهو مهجر من ديالى «قبل أيام سمعنا في نشرة الأخبار عن توزيع قطع أرض المهجرين فبادرنا مسرعين إلى مبنى المحافظة ودائرة الهجرة لكننا اكتشفنا أن الأراضي تخص من هاجروا في زمن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إلى دول أخرى أما نحن في الداخل فليس لنا إلا إعانات غذائية».