ركّز متحدثون في ندوة «آفات اقتصادات الدول العربية: نحو مقاربة تنموية جديدة»، التي نظمها معهد كارنيغي للشرق الأوسط في مقره ببيروت، على ضرورة تعزيز الثقة بين المواطن والدولة وإشراك الإنسان العربي في العملية التنموية والتركيز على تنمية العنصر البشري لتحقيق تنمية مستدامة، في إطار مواكبة التغير الحاصل في المنطقة العربية. وسأل الباحث الاقتصادي في المركز ابراهيم سيف، الذي أدار الندوة: «هل سيكون العامل الاقتصادي مساعداً في التغيرات السياسية؟». معدلات النمو وتحدث نائب رئيس الوزراء السابق للشؤون الاقتصادية السورية مدير إدارة التنمية والعولمة في «إسكوا» عبدالله الدردري، عن معدلات النمو التي «حققها الوطن العربي في السنوات العشر الماضية، والارتفاع في نسبة التشغيل». لكن سأل عن المشكلة، مجيباً أن «مصادر النمو تركزت في القطاعات ذات الطابع الريعي ما لم يمكّن الاقتصاد العربي من النمو المطلوب على رغم التحسن الملموس فيه وفي هيكلية تعليم القوى العاملة العربية». واعتبر أن «الاقتصاد السياسي ريعي يهدف إلى تحقيق أرباح سريعة في بيئة لا تشجع على التنافسية، ولم تتح المجال للجميع في حرية الوصول إلى المعلومات». وأوضح أن «العمال العرب توزعوا على قطاع عام تضخم أصلاً، وتركز على القطاع غير المنتظم، مستوعباً بين الأعوام 2000 و2010 أكثر من 50 في المئة في هذا القطاع غير المركز». ورأى أن «جيلاً من الشباب وجد نفسه يعمل في قطاعات غير منظمة ومن دون أي حماية اجتماعية». واعتبر أن «الخوف من الفقر أخطر من الفقر». بطالة مرتفعة وقال الدردري: «كان يُفترض بالاقتصادات العربية أن تخلق 90 مليون فرصة عمل في السنوات العشر الماضية، ما سبّب بطالة مرتفعة في ظل تحقيق 30 مليون فرصة عمل لا أكثر، فضلاً عن محدودية الواقع التشغيلي، وإقصاء عن المشاركة، والنفاذ إلى رأس المال المادي والموارد التمويلية، وإقصاء عن الخدمات الاجتماعية، ما أشعر المواطن العربي بعدم مشاركته في الاقتصاد الرسمي، في ظل حرمان الحماية الاجتماعية». ورأى الدردري، أن «حلول مشاكل المنطقة العربية موجودة في المنطقة العربية، وهي الوحيدة في العالم التي تواجه ضغوط تضخم أقل، كما تملك المصارف العربية فوائض سيولة تبلغ 400 بليون دولار». وأسف نائب الرئيس المستشار التنفيذي الأول في «بوز أند كو» الوزير الأسبق جهاد أزعور، ل «النظرة السلبية إلى ما يجري من متغيرات في الوطن العربي»، لافتاً إلى «صعوبة التخطيط لدى صانع القرار في هذه الظروف والتحول الذي يحصل». وأشار إلى «إجراءات قصيرة المدى في الدول التي تشهد حراكاً، منها مواكبة هذه الإجراءات برؤية اجتماعية متوسطة المدى». وحضّ على «تعزيز الثقة بين المواطن والدولة وإعادة وضع الإنسان في العملية التنموية والتركيز على تنمية العنصر البشري لتحقيق تنمية مستدامة، وإعادة النظر في برنامج التعاضد الاجتماعي لا الرعاية الاجتماعية، وإعادة ابتكار رؤية جديدة لهذا المفهوم، والحفاظ على مفهوم سياسة الماكرو اقتصادي وعدم رمي الإصلاحات البنيوية المحققة في العقدين الماضيين، والتوافق على منظومة إصلاحية مشتركة لأن التحديات مشتركة للدول العربية النفطية وغير النفطية». وطالب المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي الهادي العربي، ب «تجديد المفهوم الاقتصادي»، مركزاً على «الحكم الرشيد والمؤسسات الاقتصادية لخلق نمو اقتصادي». وأشار إلى «مبدأ المشاركة السياسية على مستوى النظام السياسي بذاته». ورأى ان «الديموقراطية ربما تؤدي الى حلول حميدة، لكن ليس بالتأكيد إلى الحكم الرشيد». وشدد على ضرورة «النجاح في المرحلة الانتقالية الاقتصادية لأن ما يحصل على الساحة السياسية ضروري لقيام مؤسسات فاعلة وأن تقترن بالحوكمة الرشيدة». ونصح العربي ب «عدم القيام بتغيير جذري في المؤسسات الاقتصادية بل تطويرها، وأن ننظر في سياسة مكافحة الفساد في الوطن العربي». وخلُص إلى ضرورة «تمكين منظمات المجتمع المدني، المهمّش باستثناء المجتمع اللبناني، من المراقبة والمحاسبة لتحقيق العدالة الاجتماعية».