باريس - أ ف ب - يطلق عدد من رؤساء بلديات المدن المتوسطية اليوم، في مقر منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم «يونيسكو» في باريس، رابطة للمدن الكنعانية والفينيقية والبونية. ويجرى توقيع وثيقة اطلاق «رابطة المدن الكنعانية والفينيقية والبونية» بدعوة من «مؤسسة صور» و «الجمعية الدولية لحماية آثار صور» المدينة التاريخية على الساحل اللبناني، وبدعم من «يونيسكو» ووزارة الخارجية الفرنسية. وسيوقع على اطلاق الرابطة أولاً، نحو 15 من رؤساء بلديات المدن الذين سيكونون حاضرين بهدف جعل مدنهم ذات الماضي المشترك تستثمر في أشكال التبادل والتعاون التاريخي بينها. وستشكل مدن مثل بيروت وطرابلس ومالطا ولارنكا وقرطاج وكالياري وبرشلونة وقادش ولشبونة والاسكندرية، اللبنة الأساسية لهذا المشروع الطموح الذي سيضم تباعاً 150 مدينة حول المتوسط. والمدن المعنية بناها أو أسسها أو حلّ فيها لأهداف تجارية، الكنعانيون والفينيقيون والبونيون (تحدروا من اليمن ونزلوا في مدينة بونة الجزائرية «عنابة حالياً» وأسسوا إمبراطورية). وستشمل الرابطة لاحقاً مدناً مثل أوغاريت وأرواد في سورية، ومرسيليا في فرنسا، وأثينا ورودس في اليونان، وأصيلة والصويرة وطنجة في المغرب، والكثير من المدن الإيطالية، خصوصاً في جزيرة صقلية، ومدناً في اسبانيا والبرتغال وتونس وتركيا. وقالت اللبنانية مهى خليل شلبي التي اتخذت مبادرة المشروع من خلال «مؤسسة صور» التي أنشأتها، ان الرابطة تسعى الى «سلسلة تضامنية وتطوير مبادرات التعاون بين البلدان المتوسطية ولأجل إعادة ربط العلاقاتش القديمة وتقوية آفاق التبادل المستمر». أما المبدأ الأساسي للرابطة، فتقول شلبي انه يتمثل بالسعي الى «محافظة المدن المتوسطية على هذا التراث الذي يتوجب نقله عبر خلق ديناميكية متحركة ومتوازنة لتبادل الخبرات والمعارف القائمة على التنمية المستدامة». وتسعى الرابطة أيضاً الى تطوير البحث العلمي والدراسات حول هذه الحقبات التاريخية التي لا يزال يلفها غموض كبير. ولا يغيب الهمّ البيئي عن اهتمامات الرابطة. وتقول شلبي انه «مشروع أساسي ثقافي وبيئي وعلمي غير سياسي يتضمن حلولاً واقتراحات لمشاكل عميقة حول المتوسط»، موضحة انه «يمكن للاتحاد من اجل المتوسط ان يرتكز على مشروعنا»، مشيرة الى ان الرئاسة الفرنسية كما الخارجية تدعمان المشروع. ومن المقرر ان تضم الرابطة اربع لجان عمل دائمة هي «لجنة الثقافة والتعليم»، و «لجنة السياحة الثقافية»، و «لجنة العمل الحرفي والتقليدي»، و «لجنة البيئة». وستطلق الرابطة و «مؤسسة صور» بادرة «طريق الفينيقيين» التي تهدف من خلال رحلات بحرية تتم على مراحل للتذكير بالتجار القدامى الذين أسسوا وجوداً تجارياً لهم عبر المتوسط، ومع كل مرحلة سيكون هناك لقاءات مع باحثين وأساتذة متخصّصين بالمتوسط. ومن المقرر ان تنطلق رحلة «طريق الفينيقيين» في تاريخ لم يحدد بعد من مدينة قادش التي بناها الصوريون في اسبانيا في القرن الثامن قبل الميلاد، نحو مدينة صور اللبنانية مروراً بأبرز مدن المتوسط التي ما زالت تضم آثاراً فينيقية وكنعانية وبونية. وستكون على رأس الرحلة البحرية سفينة مصنوعة على الطريقة الفينيقية بقصد لفت النظر الى دور الفينيقيين في نشر الأبجدية والملاحة والتجارة وإعادة تسليط الضوء على المعارف القديمة في الملاحة والتيارات البحرية والطرق البحرية. وستطلق المبادرتان في منتدى تستضيفه «يونيسكو» اليوم ويفتتحه المدير العام للمنظمة كويشيرو ماتسورا ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بحضور ممثلة لبنان لدى المنظمة سيلفي فضل الله والأمين العام السابق بطرس غالي ورئيسة «مؤسسة صور». ويشمل المنتدى ندوات تتناول الثقافة والتعليم والتبادل بين مدن المتوسط إضافة الى الموروث والبيئة والأبحاث الخاصة بالمتوسط. ويشارك بيار زلوعة الباحث والأستاذ في الجامعة اللبنانية - الاميركية في بيروت ببحث مهم ومثير حول المكونات الوراثية المتوسطية المشتركة. يذكر أن «مؤسسة صور» أنشئت في 1978. وهي تنشط منذ نحو ثلاثين سنة لحفظ آثار مدينة صور، ونجحت في جعل «يونيسكو» تدرج هذه المدينة على لائحتها للتراث العالمي الذي ينبغي حفظه.