لم تتوقف أفواههم برهة من الدعاء بأن تنعم أوطانهم بالأمن والاستقرار، يملأ قلوبهم أمل عريض في استتباب الوضع بها عقب زوال عهود الاستبداد، وألسنتهم تلهج بالحمد والثناء على تحررهم من قمع الطغاة ذلك هو حال الحجاج الذين قدموا لأداء الفريضة هذا العام من بلدان شهدت أخيراً ثورات أنهت قبضة أنظمة عمرت عقوداً من الزمان. ووصف حجاج تلك الدول المتحررة أخيراً، ل «الحياة» زوال الحقب التي كانت تحكمهم ب «الانعتاق من الظلم والهيمنة»، مستبشرين ببدء عهد جديد يعم فيه الأمن والاستقرار أرجاء أوطانهم، طامعين بعد قدومهم لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام في فضل الله بأن يحقق آمالهم ويستجيب دعواتهم. من تونس العاصمة، أفاد منجي الرحموني (64 عاماً) أنه للمرة الأولى يأتي إلى السعودية للحج، مشيداً بالاستقرار الذي تشهده بلاده بعد الثورة، وقال: «نحمد الله على ما نحن عليه الآن، قد مررنا بفترة كانت عصيبة جداً، تجاوزنا النصب والاختلاس بفضل من الله وها نحن الآن قد انتهينا من مرحلة الانتخابات التي أشاد بنزاهتها وشفافيتها جميع الدول». وعن رأيه حول المرشحين، ذكر الرحموني أن جميعهم من المسلمين المعتدلين، تم اختيارهم ليقدموا لبلادهم وللشعب التونسي الكثير من الإصلاحات، واستطرد: «سترجع تونس دولة ثرية برجالها وعدلها، وسيشار إليها بالأنامل بعد خمسة أو ستة أعوام بإذن الله، وحينها سيقال عنها : هذه تونس بعد الثورة، وستظل رافعة راية الإسلام المعتدل». ولم تخف مواطنته، سعاد جارت الرحموني ( 55 عاماً) وهي أيضاً تؤدي للمرة الأولى فريضة الحج، من أن النظام السابق كان سبباً في عدم أدائها فريضة العمر، معترفة: «كنت أتمنى أداء الحج منذ زمن لكن فترة الظلم التي عشناها قبل الثورة منعتني من أداء الفريضة على اعتبار أن الحكومة كانت تخص ذوي الأعمار الكبيرة في السن من 65 عاماً فما فوق، في إشارة إلى سياسة الرئيس المخلوع غير المحفزة على الجانب الإيماني»، وأضافت: «من أراد من صغار السن أن يحج فعليه أن يدفع ضريبة باهظة الثمن»، أما عن حالهم بعد الثورة فتصف فرحتها: «الحمد لله تحررنا من الظلم والفساد وسترجع تونس أفضل من ذي قبل فنحن شعب مسالم وكريم ونزيه». ووافقتها ريم محمود (60 عاماً) وزينة (50 عاماً) اللتان تزوران مكة للمرة الأولى، مشيدتان أيضاً بالاستقرار التونسي بعد الثورة، أما توفيق البرجي ( 42 عاماً) فوصف اللحظات الرائعة الحقيقية التي تعيشها تونس بعد الثورة خصوصاً بعد اجتيازهم مرحلة الانتخابات التي أسهم غالبية المواطنين فيها في عملية الترشيح، ويقول: «ننتظر الآن النتائج وكلنا أمل في أن ترجع تونس كما كانت عليه في السابق». وعلى شاكلة سابقيهم، أعرب الحجاج المصريون ل «الحياة» عن اعتزازهم بثورتهم، بيد أنهم أبدوا نوعاً من القلق مما حدث بعد ذلك، فاعتبر المهندس سعيد زكي ( 47 عاماً) الذي زار مكة مرتين الأوضاع التي تحيط بمصر بعد الثورة يرتابها بعض القلق، عاداً قلة الأمان التي تسود -حسب إفادته- غالبية الدول أمراً بدهياً بعد أي ثورة تستمر فترة زمنية موقتة ثم تندثر، واستطرد: «نطمح في أن يجعل الله بلدنا آمناً مطمئناً»، وأشار إلى أن الانتخابات على أبوابها وقد تم تجهيز القوائم بأسماء المرشحين المشهود بصلاحهم وحبهم لوطنهم وللخير. و ذكر المهندس عادل عبد العظيم الذي يزور مكة للمرة الأولى أن ما اعترى مصر بعد الثورة لم يكن سوى مجرد هزة أمنية لا يمكن وصفها ب «الفزع»، ووافقته على ذلك ذات ال40 عاماً جيهان الفايز التي ترى أن مصر في طور التحسن، وأردفت: «نحن نطمح للسلم والسلام والاستقرار وأن تعود مصر كما كانت عليه في سالف الأزمان». حجاج تلك الدول، أجمعوا على الحفاوة والترحيب اللذين حظوا بهما فور وصولهم إلى مطار الملك عبدالعزيز في جدة من الحكومة السعودية وما شهدوه من موظفي المطار والجوازات وما قدمت لهم من تسهيلات في إجراءات الدخول، بينما لمس الحجاج القادمون للنسك للمرة الثانية تقدماً ملاحظاً في الخدمات.