لطالما احتفى ولي العهد السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز بالإعلام وأهله، وأسداه بطريقة غير مباشرة واحدة من أهم النصائح المهنية لأي صحافي محترف وهي فن الإنصات، فالكل يعرف انه منصت من طراز مختلف، ومتأمل من طراز مميز، فتاتي إجاباته كما شهدت كثيراً منها ميدانياً دقيقة وكاملة ومحيطة بجوانب السؤال. هذا الرأي الشخصي موثق أكاديمياً ففي دراسة طرحها الدكتور عبد الرحمن بن حميد الذبياني كبير المتخصصين في مهارات العرض والتقديم والإلقاء ومؤسس شبكة المتحدثين العرب حول أفضل عشر شخصيات سياسية في مهارات العرض والتقديم والإلقاء عام 2009 حقق الأمير نايف المركز الثاني على مستوى العالم أجمع في قائمة ضمت رؤساء وسياسيين مهمين من بينهم رؤساء الولاياتالمتحدة، تركيا، فنزويلا وحاكم دبي وغيرهم. اعتمدت الدراسة على تأثير الخطب الإعلامية لكبار الساسة المتحدثين عن قضاياهم التي تمس شعوبهم ودولهم، وعلى مدى قوة توصيل تلك الخطب معتمدة على ما يملكه المتحدث السياسي من مهارات التقديم والإلقاء المختلفة والمتنوعة. جاءت هذه الدراسة التي تتبعت خطب كل سياسي له قضية اختير بدقة من خلال أهمية قضيته التي طرحها، وكانت حديث الساعة خلال العام 2009، وطرحت بطريقة خاصة؛ فجذبت انتباه الجمهور أو المتلقين من خلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والإلكترونية، مع العلم أن دراسة الدكتور الذبياني لم تعتمد على محتوى العرض والتقديم والإلقاء؛ بل ركزت على مهارات العرض والتقديم وطريقة الإلقاء عند كل شخصية سياسية لها قضية. واختارت الدراسة عنوان (مهارات التعليق المرتجل على وسائل الإعلام) وذلك عندما سئل عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجاء ضمن كلام طويل عن تعليقه «كما كان أسلوب الإقناع واضحاً وجدياً من خلال الحوار الهادئ الثابت المتزن مع الطرف الثاني، والذي اكتسب الرد بالحجة من دون إخلال أو توبيخ سؤال الطرف الآخر، أو همز ولمز وحركات غير لائقة يستخدمها الضعفاء من السياسيين عند طرح سؤال شائك أو محرج أو صعب». وأضافت الدراسة: «ومما زاد في فعالية هذا الحوار عند الأمير الاستماع والإنصات للطرف المقابل حتى ينهي حديثه، وكانت سمة مميزة لديه لأن الحوار أقرب وسيلة للتفاهم بين الطرفين كما أن الخلفية الدينية كانت حاضرة في حواره مع الطرف الآخر كالاستشهاد بآية من القرآن الكريم والتي كان في مكانها فأكسب التعليق قوة ومتانة». يعرف كل من تعامل إعلامياً مع ولي العهد الأمين انه يجيب على كل اتصالات الصحافيين في ملفات عدة وأتذكر ذلك جيداً خصوصاً قبل تعيين متحدث رسمي أمني ولطالما هاتفناه في منتصف الليل وفي أوقات الراحة فكان الرد يأتينا بأسرع مما نتوقع من رجل لديه كل هذه المسؤوليات الجسام. من الطبيعي أن نحتفي جميعاً بولي العهد كعضيد لولي الأمر، ومن الطبيعي أكثر أن يفعل الإعلاميون بقائد للرأي مثل سموه. [email protected] twitter | @mohamdalyami