جاءت تسمية الأمير نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد في السعودية، وفي وقت من أصعب أوقات منطقة الشرق الأوسط، وهي ستصعب مهمة ولي العهد الجديد الذي يحرص، كما هي الحال بالنسبة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على استقرار الوضع الداخلي السعودي، والعمل على منع ارتدادات بؤر التوتر في الوطن العربي من التأثير على الوضع في السعودية. السعودية دولة تؤثر وتتأثر شأنها في ذلك شأن بقية دول العالم، لكن الرهان كان دائماً على العقل والحكمة السعودية في مثل هذه الظروف التي تمر بها المنطقة العربية. لقد تجاوزت المملكة العربية السعودية عشرات المآزق والظروف بفضل تغليب قادتها للعقل وتجاوز الذات والتركيز على الداخل، بعيداً عن الشعارات والمزايدات التي أدمنها البعض. اليوم وعلى رغم العواصف التي تحيط بنا من جميع الاتجاهات، تعيش المملكة العربية السعودية استقراراً تحسد عليه، وهذا الاستقرار لم يكن يتأتى لولا وجود الحكمة التي يتحلى بها خادم الحرمين الشريفين، وهي حكمة تجلت بوضوح باختياره للأمير نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد في واحدة من أخطر المراحل التي تمر بها المنطقة العربية. عرف عن الأمير نايف بن عبدالعزيز حرصه على استقرار بلاده أمنياً وسياسياً، كما عرف عنه الهدوء والتروي قبل اتخاذ القرار، إضافة إلى أنه يتبع سياسة النفس الطويل الذي يمهل ولا يهمل، وهو النفس ذاته الذي تمكّن من خلاله من القضاء على خطر الإرهاب. لم يكن نايف بن عبدالعزيز مجرد وزير داخلية، بل كان رجل دولة. لديه علاقات متوازنة مع منظومة الدول العربية والإسلامية، كما أن علاقاته العالمية تجلت بوضوح في ردود الفعل العالمية على تسميته ولياً للعهد، ولعل أبلغ تلك الردود هو رد الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي هنأ خادم الحرمين باختيار الأمير نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد وقال: «إن الولاياتالمتحدة تعرفه (نايف) وتحترم التزامه مكافحة الإرهاب ودعم السلام والأمن في المنطقة». كما أن الميديا الأوروبية تناولت تسمية الأمير نايف ولياً للعهد بطريقة تنم عن دراية بشخص الأمير نايف الحريص على استقرار بلاده، ولكأنها تقول إنه رجل المرحلة. صحيح أن المنطقة العربية حبلى بالأحداث وكأنها قاب قوسين أو أدنى من الحرب الشاملة، فهناك ثورة في اليمن وأخرى في سورية، ونظام سياسي جديد وغير مستقر في مصر وليبيا، وانسحاب أميركي قريب من العراق، ونظام إيراني يتخبط، إلا أن العقل السعودي حاضر وقادر على تجنيب الوطن أزمات الآخرين، وفي وجود رجل بحجم الأمير نايف بن عبدالعزيز إلى يمين خادم الحرمين الشريفين يطمئن السعوديون على وطنهم لجهة استمرار الاستقرار الأمني والسياسي، فالأمير نايف لديه خبرة طويلة في التعامل مع المستجدات بكل ما أوتي من رجاحة عقل وحكمة، لكن هذا لا يمنع من القول إن مهمته ستكون في غاية الصعوبة في ظل الظروف التي تعصف بالمنطقة، فالانسحاب الأميركي المرتقب من العراق سيعيد العراق إلى المربع الأول لجهة الأمن والاستقرار، وهو ما ينعكس وإن بشكل غبر مباشر على المملكة العربية السعودية كما هو على دول الجوار العراقي الأخرى، وبات معروفاً أن الوضع الأمني في اليمن يتردى بشكل يومي، يقابله بروز تنظيم القاعدة وتوسيع عملياته في الداخل اليمني في ظل انشغال المؤسسات الأمنية بإدارة الصراع بين المعارضة والرئيس علي عبدالله صالح، وهو أمر سينعكس – أيضاً - على الوضع الداخلي السعودي. العراق واليمن يرتبطان بحدود برية طويلة مع المملكة العربية السعودية، وهي حدود تصعب السيطرة عليها بشكل كامل، لهذا يرى المراقبون أن تسمية الأمير نايف ولياً للعهد ستجنب السعودية تبعات أي اختلال أمني في اليمن أو العراق، لما يحمله من خبرة طويلة في كيفية التعامل مع الملفات الأمنية، والعمل على الاستقرار الأمني لبلاده. رحم الله الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وأعان نايف بن عبدالعزيز على مسؤوليته الجديدة. twitter | @miassarshammari