استفتح المفتي العالم للمملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ جلسة البيعة التي عقدت أول من أمس لولي العهد الأمير نايف بن عبدالعزيز في إمارة منطقة الرياض، معتبراً تلك البيعة دينية وشرعية، تأسياً بنهج سلف صالح من النبي والصحابة والأمراء المسلمين وحكام الدولة السعودية. وقال: «هذه البيعة للأمير نايف - وفقه الله - بيعة شرعية، بيعة دينية، لأنها بأمرين: الأول تعيين خادم الحرمين الشريفين ملك المملكة العربية السعودية أخاه نايف بن عبدالعزيز ولياً لعهده، مبنياً على علم وبصيرة وروية وإدراك، بأن هذا الرجل سيسد ذلك الفراغ الذي خلفه عزيز على الجميع، سلطان بن عبدالعزيز غفر الله له ولنا ولجميع أموات المسلمين. هذه البيعة بيعة شرعية، وتؤكد على الجميع الالتزام بها والمحافظة عليها لأنها بيعة شرعية، لأن لولي الأمر أن يختار من يعلم أهلاً لها، وهذه مهمة عظمى، إذ هي أمانة ويجب أن يختار لها من يغلب عليه الظّن -إن شاء الله- ويؤمّل فيه القيام بحق هذه الأمانة». وأضاف أن للسعوديين في ذلك «سلف صالح، سلف عظيم، سيد ولد آدم محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه في آخر حياته أشار على الصحابة وأوصاهم بأبي بكر الصديق وقال: مروا أبابكر فليصلِ بالناس، وقال يأبى الله والمسلمون إلاّ أبابكر، وقال الصحابة رضيه رسول الله لديننا، ألا نرضاه لدنيانا؟! فبايعه الصحابة واتفقوا على بيعته -رضي الله عن الجميع- وفي آخر حياة الصديق -رضي الله عنه- عهد بالخلافة لمن رآه أهلاً لذلك، وخير الموجودين على الأرض، ألا وهو عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- دعا الصديق له بالخلافة فوافقه المسلمون وبايعوه خليفة لهم، ولما استُشهد عمر - رضي الله عنه - أوصى بالأمر لستة نفر من أصحاب رسول الله ممن مات وهو عنهم راض، وعن الستة جعلوا أمرهم إلى اثنين، ابن عوف وعثمان - رضي الله عنهما -، فاتفق المسلمون على بيعة عثمان بن عفان خليفة للمسلمين، وهكذا سار ملوك الإسلام في العهد الأموي والعهد العباسي على هذا المنوال العظيم، وهذه البلاد السعودية المباركة سارت على المنهج القويم منذ الدولة الأولى، كان الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - ثم عهد بالأمر إلى ابنه عبدالعزيز، ثم عهد إلى ابنه سعود، وهكذا توالت هذه الأمور والملك عبدالعزيز - رحمه الله - لما انتهى من تأسيس هذه المملكة عهد بالملك من بعده إلى ابنه سعود ثم فيصل بن عبدالعزيز، وبعد رحيل سعود بن عبدالعزيز بايع المسلمون فيصل بن عبدالعزيز ملكاً لهم، وبعد ذلك عهد فيصل لخالد بن عبدالعزيز لولاية العهد، ثم بايع المسلمون خالد بن عبدالعزيز ولياً لأمرهم، وفهد بن عبدالعزيز ولي عهده، ثم بايع المسلمون أيضاً عبدالله بن عبدالعزيز وسلطان ولي عهده، وهكذا سار المسلمون على هذا المنوال». واعتبر آل الشيخ أن «خادم الحرمين - وفقه الله وبارك في عمره وعمله - من حرصه على الأمة وشفقته عليهم، ورحمته بهم، وإدراكاً منه بالأمر المهم، رأى أن الأمير نايف بن عبدالعزيز هو أولى الناس بهذه المسؤولية، فنحن مطيعون وسامعون جميعاً، مطيعون لأنها بيعة شرعية، ولا يجوز نكثها ولا التشكك والتلكؤ فيها بل هي بيعة شرعية واجب على كل مسلم الالتزام بها». وختم المفتي كلمته بوصية ولي العهد بتقوى الله قائلا: «أوصي نفسي وأوصيك بتقوى الله، فإنها وصية الله للأولين والآخرين «ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله»، كن مع الله يكن الله معك، توكل عليه بالتكبير واستعن به، والجأ إليه في كل الملمات «واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين». سل الله التوفيق والسداد والعون في كل الملمات، فإن الله قريب «وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان»، فالجأ إلى ربك في كل أمورك واستعن به. أسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك، ويهيئ لك البطانة الصالحة تذكرك إذا نسيت، وتعينك إذا ذكرت، وأن يرحم سلطان بن عبدالعزيز ويغفر له، ويجزيه عن الإسلام وعن المسلمين خير الجزاء. ونذكر هنا قدر ومكانة الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي رافق أخاه في رحلته العلاجية الطويلة، ورافقه بإخلاص ومحبة ووفاء، وهذه جميلة ينبغي أن نشكره عليها، ومن لايشكر الناس لايشكر الله. أسأل الله أن يوفق الجميع ويرحم أموات المسلمين، ويبقي لهذه الأسرة فضلها ومكانتها، فإن الأمة دعت للأسرة الكريمة بالفضل والعرفان، فتعاقبت حكاماً على هذه الجزيرة، فأرجوا الله أن يوفقهم وأن يجعل خلفهم يعقب سلفهم على حسن حال».