في بعض المواقف لا بد من تقديم الشكر لمن خدمك دون أن يعلم، ولاريجاني رئيس البرلمان الإيراني الحالي من هؤلاء «النفر»، خصوصاً مع تصريحاته المفاجئة عن محاولة اغتيال عادل الجبير السفير السعودي في واشنطن، فقد وضع بعض السعوديين ممن يسميهم الكاتب «أحمد عدنان» بأصدقاء إيران وحزب الله في السعودية في مأزق كبير، بعدما شككوا في الرواية الأميركية الرسمية حول محاولة الاغتيال. فبينما كان لاريجاني يلمح إلى أن من فعلها هو «إيراني معتوه» حسب قوله، كان هناك من يقيم حفلات الرفض والتشكيك ويخنق عقله وبصيرته في مأزق المؤامرة والتكذيب، وهو تلميح أو أقرب ما يكون إلى اعتراف مبطن، بأن هناك دوائر إيرانية ربما شاركت في العملية بشكل منفصل «حسب تحليله». ولأن رواية «لاريجاني» ليست ضرباً من ضروب المؤامرات، أو الإشاعات، فمن رواها نقلاً عنه هو «رئيس البرلمان الكويتي جاسم الخرافي»، بمعنى أن هذا التصريح كان بحضرة رجال معتبرين وعلى رؤوس الأشهاد. بالطبع هناك من يؤيد ويحب طالبان، كما أن هناك أيضاً من يحب حزب الله وإيران، وليس بالضرورة أن ينطلق ذلك الحب والإعجاب من منطلق مذهبي كما يعتقد البعض. لكن ما حصل في قضية الجبير كان منطلقاً من مماحكات، أو من خلال استعجال في الحكم على قضية لا تزال في جيب القضاء الأميركي، بل إن بعض من شكك في الرواية الأميركية لمحاولة الاغتيال، دافع وشكك حتى قبل خروج مسؤول إيراني يدافع عن بلاده. التشكيك في جريمة ابن لادن في 11 أيلول (سبتمبر)، وفي قضية حميدان التركي، هي نفسها في قضية عادل الجبير، تشكيك لا يقوده منطق ولا عقل بل الهوى والمماحكة، خصوصاً أن من يتصدر «كتائب التشكيك»، هم من مختلف الطيف يميناً ويساراً وكأن أميركا «جالسة» فقط من أجل أن تتآمر، وتخترع القضايا لإيران أو سورية أو حزب الله، وكأن الغباء السياسي الذي تتعامل به تلك القوى لا يكفي، حتى تستفيد منه أميركا أو الغرب عموماً. الغباء السياسي والسذاجة السائدة في عالم الاستبداد في الشرق الأوسط لا يحتاج إلى مراكز أبحاث ومراكز تآمر، بل يحتاج إلى قليل من تفرغ أميركي وغربي للاستفادة منه، بل إنه يكفي ويفيض عن حاجة الغرب، وما فعله الرئيس المقبور والطريد معمر القذافي من أخطاء سياسية فادحة وإجرام في حق أهله العرب والعالم وكذلك شعبه، وأخيراً في حق نفسه خير دليل على تلك الخدمات الجليلة التي تقدمها قوى الصدام والثورية لأعدائها. [email protected] twitter | @dad6176