في وقت سعى المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر إلى وأد الأزمة بين الأقباط والجيش بعد «أحداث ماسبيرو» التي راح ضحيتها 25 قتيلاً ومئات الجرحى، عبر لقاء جمع رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي وبطريرك الأقباط البابا شنودة الثالث، تفجرت مواجهة بين المحامين والقضاة أثرت جلياً على حال التقاضي في البلاد بعد أن عمد المحامون إلى إغلاق العديد من دور المحاكم ومنع القضاة ووكلاء النيابة العامة من ممارسة مهامهم. وكانت الأزمة بين القضاة والمحامين اندلعت عقب إعداد لجنة قضائية مشروع قانون للسلطة القضائية يجيز للقاضي حبس المحامي إن أخل بقواعد جلسات المحاكمة، وهو ما لم يكن متاحاً للقاضي في القانون الحالي، ما سبب تفجر غضب المحامين الذين تظاهروا بالآلاف في مختلف أنحاء الجمهورية منتقدين القانون الجديد ومطالبين بعدم اعتماده قبل انتخاب برلمان جديد يشرع للقضاة قانونهم، كما حال باقي السلطات. وتطور الأمر إلى حد مطالبة المحامين بالتحقيق في وقائع تزوير الانتخابات التي تمت في السابق تحت إشراف قضاة واتهامهم بالمشاركة في عملية التزوير. وندد محامون ب «توريث» القضاة المنصة لأبنائهم، معتبرين أن «تعيين أبناء القضاة في السلك القضائي يعد مخالفة للقانون ومبادئ العدل والمساواة». وإزاء حدة المواجهة، قرر نادي القضاة تعليق العمل في المحاكم إلى حين حل الأزمة وهدد باتخاذ إجراءات تصعيدية في حال لم يوقف المحامون هجومهم عليهم. وأكدوا رفضهم «التدخل في شأن القضاء المستقل». وسكب تزامن الأزمة مع انتخابات نقابة المحامين المقررة الشهر المقبل، مزيداً من الزيت على النار، إذ اتخذ معظم المرشحين مواقف متشددة تجاه القضاة إرضاء لجمهور الناخبين. ورفضت الجمعية العمومية الطارئة لنقابة المحامين أمس تعديلات قانون السلطة القضائية. وطالبت بإرجاء البت فيها إلى حين انتخاب البرلمان، وكتابة الدستور وتمثيل المحامين من خلال مجلس منتخب في مناقشات القانون. وشددت «على ضرورة تطهير القضاء من القضاة الذين شاركوا في تزوير الانتخابات». ونظمت تظاهرة حاشدة إلى مقر نادي القضاة شارك فيها مرشحون على منصب النقيب. من جهة أخرى، التقى المشير طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان ومدير الاستخبارات العامة اللواء مراد موافي في مقر المجلس العسكري أمس بطريرك الأقباط البابا شنودة الثالث، بعد خلافات بين الجانبين على خلفية قمع الجيش متظاهرين أقباط. وأكد طنطاوي «سرعة اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لإنهاء كل المواضيع المتعلقة بالكنائس». واتفق الطرفان على «أن تكون مصلحة الوطن هي المصلحة العليا التي توضع في الحسبان والاعتبار خلال المرحلة الحالية في أسلوب معالجة المواقف المختلفة». وقال مسؤول عسكري إن «اللقاء كان طيباً للغاية وتناول أساساً حادث ماسبيرو»، إضافة إلى التظاهرات القبطية في الخارج التي شملت دولاً أوروبية عدة وأميركا وكندا وأستراليا، وقانون تجريم التمييز الذي أقره المجلس العسكري، إضافة إلى قانون دور العبادة الموحد المنتظر مناقشته الأربعاء المقبل في مجلس الوزراء. ونقل المصدر عن البابا «رفضه أي تحقيق دولي أو أي تدخل أجنبي في شؤون داخلية، وأنه لم يوافق على مطالب بعض الأقباط بتدويل قضية ماسبيرو»، فيما شدد طنطاوي على أن «المجلس العسكري لا يميز بين المصريين على أساس ديني ويقف على مسافة واحدة من كل الأطراف».