تقوم وزارة التربية في كيبيك بحملة «غير مسبوقة» لإرغام الطلاب على المطالعة في المدارس الثانوية بعدما لاحظت خلال السنوات القليلة الماضية تدنياً «خطراً» في مستوياتهم الأكاديمية والثقافية والادبية واللغوية، الامر الذي يؤدي الى رسوبهم في الامتحانات المدرسية ويحول دون وصولهم الى المراحل الجامعية. وأعلنت ماري كلير اولييه سكرتيرة الاتصالات الحكومية في كيبك اخيراً عن استراتيجية جديدة تقضي بتخصيص برنامج الزامي للمطالعة داخل كل مدرسة، يجري تطبيقه على مدى ثلاث سنوات متتالية. وسبق تنفيذ البرنامج حملة اعلامية واعلانية واسعة بلغت تكاليفها حوالى نصف مليون دولار، وتمثلت في الترويج له في محطات التلفزة والراديو والمواقع الالكترونية وعلى الشاشات العملاقة في محطات المترو وباصات النقل العام والمراكز الثقافية. كما وزعت البيانات على اهالي الطلاب لحثهم على المساهمة بهذا المشروع التربوي وتفهم ابعاده التعليمية لانهم «جزء من المشكلة ومن الحل» على حد تعبير الخبير التربوي ألان ماتيو. ووفقاً للاحصاءات التي اوردها البرنامج العالمي للبحث والمطالعة في نهاية عام 2008، تبين ان واحداً من كل خمسة طلاب اي ما يعادل 18 في المئة من طلاب كيبيك، لم يطالع اي كتاب طيلة العام الدراسي لا داخل المدرسة ولا خارجها، في حين بلغت نسبة الفتيات حوالى 10 في المئة. وهذه المعدلات المتدنية للمطالعة هي في نظر الخبير التربوي اوليفيه دزاتر من جامعة شربروك، «مؤشر خطير على هجر الناشئة الكتاب وانحرافهم عنه الى وسائل اخرى بعيدة من اية فائدة تعليمية او تربوية او تثقيفية». ويؤكد الخبير ان معدل الطلاب الذين كانوا يطالعون الكتب قبل النوم قد تدنى خلال السنوات القليلة الماضية من 25 في المئة الى 12 في المئة، مشيراً الى مسؤولية الاهل عن هذا الاهمال «غير المبرر». وترى وزيرة التربية الكيبيكية ميشال كورشين ان «المطالعة في المدارس ليست هدفاً بحد ذاته وانما هي عادة تكتسب وتتأصل بالممارسة اليومية ومنذ المراحل الاولى للدراسة. وهي وسيلة مفيدة ومتعة شخصية تساعد على تنمية مدارك الطالب الثقافية واللغوية وتغني ذاكرته بالمفردات والتعابيرالراقية والصورالجمالية». وتوضح ان «الغاية القصوى من المطالعة في المدارس وان اتخذت موقتاً طابع الالزام، هي ان يصل الطالب الى قناعة مفادها ان الكتاب رفيق له في حله وترحاله». اما آليات المطالعة وتطبيقاتها المنهجية، فتحددها دنيز بوليو المسؤولة عن المكتبات المدرسية بتخصيص قاعة المكتبة مكاناً للمطالعة، «وهذا الاختيار يترك ارتياحاً في نفسية الطالب الذي يرى نفسه بين رفوف الكتب وعبق الحبر والورق... إضافة إلى جلوس الطلاب جنباً الى جنب وهم احرار في اختيار الوضعية التي يرتاحون اليها، جلوساً على الكراسي او افتراش الارض وانصراف كل منهم الى كتابه وان احتاج احدهم مشورة فالاستاذ جاهز لمساعدته وتوفير الهدوء وحفظ النظام». وتشير بوليو إلى وجوب الزام الطلاب بتدوين ملخص عما قرأوه وايداعه لدى الاستاذ المشرف. ويلزم برنامج المطالعة الطالب بقراءة كتاب واحد على الاقل في غضون شهر باللغة الفرنسية او الانكليزية. وهذا المعدل يتماهى مع المعدل العام السائد في كندا اي 12 كتاباً لكل فرد في السنة. وبعد الانتهاء من مطالعته يعمد كل تلميذ الى كتابة ملخص يضمنه ما اكتسبه من مفرادات وعبارات وافكار. وتجري في نهاية كل شهر مسابقة لافضل تلخيص تحدد معاييره الادبية والابداعية والجمالية لجنة مدرسية تمنح الفائز جائزة مالية لا تقل عن مئة دولار اضافة الى باقة من القصص المختارة.