استعجل السفير الفرنسي في الرياض برتران بزانسنو الدخول الى قضية منع النقاب، والتي تثار في فرنسا هذه الايام. ونشر ردا في «الحياة» الخميس الماضي، على مقالة «حرية فرنسا القبيحة» الذي نشر هنا الاربعاء الماضي. المأخذ على السفير انه رفض النقاب، رغم ان المسألة ما برحت في ساحة النقاش، واعتبره «يصدم النسيج الاجتماعي والثقافي الفرنسي». وقال إن كلام الرئيس ساركوزي حول النقاب هو «لسان حال قلق غالبية الفرنسيين الساحقة»، وصوت على القضية قبل نهاية التصويت، ومارس دور سفراء دول العالم الثالث، ثم تحول الى فقيه وقال: «إن ارتداء النقاب ليس ملزماً في القرآن الكريم»، ولا يدافع عنه سوى «الأصوليون الإسلاميون». وختم رسالتة قائلاً: «بالتالي، إثارة أي جدل لن تكون في محلها، بينما يتعين بالعكس تحية أي نقاش ديموقراطي حول قضية اجتماعية حساسة». لا أحد يعترض على النقاش الديموقراطي. الاعتراض على تناقض رؤية السفير ومن يمثّل. فالقول إن النقاب يشكل تهديدا لحرية المواطن في فرنسا، يتناقض مع حرية الفرد التي ضمنتها القوانين الفرنسية. فضلاً عن انه لا احد يحاجج فرنسا من زاوية دينية. ونحن لم نطالب فرنسا، ولا نتوقع منها، تطبيق الشريعة الاسلامية. وفي المقابل لا يحق لها البحث عن فتاوى اسلامية لتبرير تعدّيها على حرية المسلمين المقيمن على أرضها. هذا على فرضية ان كلام عميد مسجد باريس او غيره يمثل رأي الاسلام الوحيد حول النقاب. خلافنا مع اصحاب هذا الموقف في فرنسا هو ادعاؤهم حماية المرأة وكرامتها، من خلال التعدي على الحرية الشخصية للفرد. لا شك في ان رد السفير هو محاولة لتحييد، وان شئت اقصاء، خلط الموقف من النقاب بموقف فرنسا من الاسلام والمسلمين. ونحن نريد طمأنة السفير الى ان هذه المحاولة لن يكتب لها النجاح، لأسباب عدة منها ان القضية جرى تصويرها كظاهرة وهي ليست كذلك. ما يعني ان استهداف النقاب اصبح مجرد شعار لاستهداف فئة بعينها، فضلاً عن ان الحشد الرسمي الفرنسي ضد حرية ارتداء النقاب تمييز ضد المسلمين، ومحاولة التضيق على وجودهم. كما ان الاصرار على هذا الموقف يشير الى ان فرنسا ماضية في العبث بمبادئ وقوانين الحرية لتحقيق اهداف سياسية. [email protected]