أكد اقتصاديون أن المضاربات في سوق النفط هي السبب الرئيسي في عدم استقرار أسعاره وتذبذبها عالمياً. وأشاروا في حديثهم ل«الحياة» إلى أهمية سن قوانين عالمية تحمي هذه السوق، لاسيما وأن أسعار النفط شهدت السنة الماضية ارتفاعات وانخفاضات في شكل كبير. وقال الأستاذ في جامعة البترول والمعادن الدكتور عبدالوهاب القحطاني ل«الحياة»: «هناك عدة عوامل تساعد على استقرار أسعار النفط، أهمها أن يوجد من الحكومة الأميركية والدول الصناعية فهم تام لما يجري في سوق الطاقة، من مضاربات على سعر برميل النفط وهذه الأخيرة هي التي تسبب عدم استقرار في السعر»، مشيراً الى أن المضاربين ساعدوا في وصول أسعار النفط إلى150 دولار. ودعا الى «ضرورة وجود تواصل بين الدول النفطية والدول الصناعية لسن قوانين تخص المضاربة في الطاقة، فلا يستقر النفط مع وجود مضاربين يحاولون الصعود إلى أسعار مرتفعة لجني الأرباح أو النزول به لذبذبت السوق والحصول عليه بأسعار مخفضة، ثم الصعود به مرة أخرى». وأضاف: «أعتقد أن السعر العادل للنفط يتراوح مابين 70 و 80 دولاراً والذي ينظر إلى هذا السعر ما بين الدول المنتجة والدول الصناعية، فقد يكون هذا السعر من وجهة نظر الدول المنتجة عادلاً». وقال مؤكداً: «لا شك بأن السياسة والاقتصاد توأم لا نستطيع فصل أحدهما عن الآخر والدول المستهلكة دائماً ما تحاول أن تحصل على أقل الأسعار بحيث تحاول أن تساعد على نمو الاقتصاد فيها، كما لا نغفل أن أميركا يوجد بها شركات نفطية يهمها أن تحصل على أرباح عالية، وهذه الشركات غالباً ما تحاول أن تضع عراقيل لبعض السياسات التي ترفع من سعر النفط، وأنا أعتقد بأن السياسة تلعب دوراً كبيراً في أسعار النفط، وفي الحقيقة هناك أحد العوامل التي لا يجب أن نغفل عنه بالنسبة إلى استقرار أسعار النفط، وهو أن الدول التي هي خارج «أوبك» تنتج أكثر ممّا تنتجه دول المنظمة، وهذه الدول تحاول قدر المستطاع أن تبيع النفط بأسعار عالية، وقد يكون له تأثير ومساهمة في ارتفاع أسعار النفط مثل روسيا». من جانبه، يؤكد رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور خالد الحارثي: «هناك ضرورة لاستقرار أسعار النفط لأن ذلك يهم أية دولة يكون اعتمادها على مورد اقتصادي واحد، كما هو الحال في السعودية، فتكون دائماً موازنتها مضطربة وغير مستقرة». ولفت، إلى أن نظرية العرض والطلب لا تؤثر التأثير المطلوب في التحكم والسيطرة على السعر، والدليل على ذلك المحاولات اليائسة لمنظمة «أوبك» لوضع حدود عليا ودنيا لسعر النفط، وكان مصيرها الفشل عدة مرات في السيطرة على الأسعار، ودائماً ما يهم المصدرون والمستوردون استقرار الأسعار وليس فقط المصدرون، والنفط مادة تسهم في صناعة جل المنتجات، وخصوصاً في الصناعات البتروكيماوية، وبالتالي عندما تضع الدول المصنعة والمستوردة موازنتها، فإنها في حاجة إلى أن ترى سعراً متوازناً للنفط ومستقراً، إذ إنه وفي العام الماضي، وصل سعر البرميل في أشهر محدودة إلى ما يقارب 150 دولاراً من دون أن يكون هناك أسباب علمية وجيهة، وكانت عملية تضخم، وزيادة طلب وكان الارتفاع سريع الوتيرة، وبالتالي كان الانخفاض سريعاً أيضاً، وهذا ليس في مصلحة الدول المصدرة والدول المستهلكة». وأشار الحارثي إلى أن هذا التضارب في السعر والذي حددته المملكة، وأكده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأن سعر 75 دولاراً هو السعر العادل للنفط في ظل المعايير الحالية، ما يجعل المعادلة صعبة بالنسبة ل«أوبك» في المحاولة لتحقيق هذا السعر علماً بأن هناك سبل للمنظمة تؤثر سلباً في استقرار أسعار النفط». وأكد على وجود عدة نظريات تخص النفط وقال :«يوجد نظريتان حول النفط إذ إنه هناك من يقول إنه سلعة اقتصادية، والآخر يقول بأنه سلعة سياسية، وأعتقد أن السياسة هنا تلعب دوراً لوجود الخلافات في منطقة الشرق الأوسط وعدم وضوح الشأن السياسي فيها ووجود تكتلات وتحزبات قد تولّد قلقاً لدى الدول المستهلكة حول استقرار المنطقة، وبالتالي استقرار السلعة وهذا ما جعله سياسياًً، وبالفعل هذه الأقاويل على أرض الواقع اليوم، إذ إنه عندما تنتشر أي أخبار سياسية أو تصريحات حادة نجد أثراً سلبياً على أسعار النفط، وتتغير أسعاره بشكل مباشر». وتراجعت العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي أكثر من دولار في معاملات متقلبة أمس (الجمعة)، إذ دفعت المخاوف بشأن استعداد المستهلكين للإنفاق سعر الخام للتخلي عن المكاسب التي حققها في وقت سابق من الجلسة، بفعل تعطيلات المعروض النيجيري وتراجع الدولار. مسجلاً 69.29 دولار للبرميل بعد تداوله في نطاق 69.10 الى 71.29 دولار.