سنة بعد أخرى يزيد الاختناق المروري في الشوارع، وسنة بعد أخرى تزيد المعوقات التي تساهم في ازدحام حركة السير، وسنة بعد أخرى تغيب أنظمة ويتعود السائقون على ممارسات خاطئة تتكدس بسببها السيارات في معظم الطرق والشوارع. تتراكم المشكلات، ومع الأسف بدلاً من أن يوجد نظام مروري موحد وصارم يعالج أدق التفاصيل التي يمكن أن تساهم في زيادة اختناق السيارات، وبدلاً من أن يتم تكثيف أفراد المرور في الشوارع، نجد العكس تماماً، فقد اهتم المسؤولون في المرور بمخالفتي قطع الإشارة والسرعة الزائدة، بينما أهملت مخالفات أخرى، وكذلك يلاحظ قلة سيارات المرور في الشوارع، لا أقصد أنه لم تتم زيادتها، ولكن ما أعنيه أن زيادتها لم تتواكب مع عدد السيارات في الشوارع. لا يمكن فصل ضرورة وجود أنظمة والمطالبة بزيادة الوجود المروري في الشوارع، فنحن نريد أنظمة تخفف من هذا المسلسل الممل، وهو ازدحام السيارات في الشوارع، ولا بد إذا أردنا ذلك أن تكون هناك أدوات لفرضها، ولا بديل عن أفراد المرور. ضاق الناس ذرعاً بمحال تجارية تجذب العملاء من طريق خدمتهم، وهم في سياراتهم أمام المحل، وبالتالي لا يتورع صاحب السيارة من حجز جزء من الطريق والوقوف فيه في انتظار حاجته أو بضاعته من المحل، وضاق الناس ذرعاً أيضاً بسائقين حولوا الشوارع إلى مواقف لسياراتهم. ألا يرى أفراد المرور التجاوزات المتكررة عند الإشارات لسيارات تقف في أقصى اليمين وتتجه يساراً عند تحركها أو العكس؟ الحقيقة الماثلة أمام الجميع أن أفراد المرور يتجولون في الشوارع حتى تنقضي ورديتهم أو مدة استلامهم ليعودوا إلى بيوتهم، لا يحركون ساكناً ولا يوجهون ولا يعاقبون، وبذلك تحولت شوارعنا إلى ساحات رحبة للمراهقين والمتجاوزين وقليلي الذوق وعديمي الأخلاق. والملاحظ أيضاً أن هذا الغياب بات واضحاً أكثر بعد العمل بنظام «ساهر»، وكأن مشكلات الطرق لدينا كانت في السرعة وقطع الإشارة فقط، ثم إن هناك مسافات طويلة في الطرق والشوارع لا يستطيع تغطيتها ساهر لوحده، بل يجب تغطيتها من أفراد المرور، وهذا ما لم يحدث وأظنه بات بعيد المنال، وإن حدث فإن الحل لهذه المشكلات يحتاج جهداً أكبر من ذي قبل.