من سنن الله سبحانه وتعالى في الأرض أن يختلف الناس بكل مشاربهم وقومياتهم ودياناتهم في الأعمال الموكلة إليهم، فمنهم الفلاح والحرفي والعامل والموظف الإداري والتاجر والمعلم والطبيب والمهندس، وكل منهم ميسر لما خلق له. قد لا يكون الانسان محباً أو متوافقاً مع عمله لكنه يدرك بعقله - وربما بغريزته - أن عمله هذا هو مصدر رزقه وقوت أهله وعياله فيرتبط بعمله وقد يخلص فيه. ولا يضير الانسان بأن يبحث عن الأفضل في عمله أو أن يبحث عن مصدر رزق آخر غير عمله أو الى جانب عمله. لطالما نظرت المجتمعات الغربية الى العمل وتكوين الثروات والملكية الخاصة بقدسية بعكس المجتمعات الشرق آسيوية التي قدست العمل في إطار الجماعية والتعاونية ولعل ذلك كان سبباً من أسباب نشوء نظامي الرأسمالية والاشتراكية وتباينهما في النظرية والتطبيق. وفي التراث الإسلامي روي عن الخليفة عمر بن الخطاب - وقيل الخليفة علي بن أبي طالب - أنه كان ينظر الى الشاب فيعجبه حسن ملبسه ومنطقه فيسأل ألَهُ حرفة يقتات منها، فإن قيل له لا سقط الشاب من عينه. فالإنسان، خصوصاً في زهرة شبابه، لا بد له من العمل وكسب الرزق، وكم هو مؤلم ما نشاهده اليوم في مجتمعاتنا العربية من بطالة وتبطل الشباب لأسباب كثيرة، منها تردي مستوى التعليم والتدريب، وحيازة العمالة الأجنبية على الوظائف والأعمال، وإحجام الشباب عن العمل في الوظائف المتدنية الأجور، وغياب مبدأ العمل الحر والتجارة التي جعل الله تبارك وتعالى فيها تسعة أشعار الرزق. ختاماً نذكر شبابنا العربي بمبدأ وقيمة من قيم الحياة الدنيا وهو الكدح، ومعناه اللغوي متعدد، ومنها كدح في العمل: سعى وكد واشتد فيه. وكدح لعياله: كسب لهم بتعب. وكدح وجهه: خدشه. وكدح الجلد: قشره. المصدر: المعجم الرائد. ويتبين لنا هنا مدى شدة تلك القيمة وصعوبتها، فهي للإنسان في شبابه أولى من كهولته. والكدح يكون أيضاً في التعليم والدراسة والتدريب النظري والعملي، كما أنه يشمل كل جوانب الحياة، فالإنسان في الأصل هو مخلوق كادح كما ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:"يَأَيُّهَا الإِنْسانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ". سورة الانشقاق. فيا ليت شبابنا العربي يعلم بما هم مأمور به. ابراهيم الصباح - البحرين - بريد الكتروني