تحلم وكالة الفضاء والبحرية الاميركية منذ زمن بطائرة عمودية صغيرة الحجم لا تحتاج الى مدرج للاقلاع وقادرة على التحرك في الفضاء صعودا وهبوطا الى الخلف والى الأمام، وتقوم بحركات شبيهة بتلك التي يمارسها لاعب الجمباز في الهواء أو تلك التي يؤديها محترف السيرك. وقد وضعت "ناسا" السيناريو التالي لمهمات هذه الطائرة: تتلقى السلطات المختصة في حي مانهاتن مثلا انذاراً بوجود شخص مشتبه به. على أن يصعد الأخير الجادة الخامسة ويتجه صوب سنترال بارك، وبعد قيام كاميرات مراقبة الفيديو في المدينة بتحديد مكانه تصطدم فرق المطاردة بطوابير السيارات في الشوارع والطرقات. وهنا تقلع ثلاث طائرات Minicopter خلال ثوان معدودات من قاعدتها على ارتفاع منخفض جدا باجتياز السيارات كما لو كانت نحلة ميكانيكية، وتندفع هذه الطائرة مجتازة الحديقة وهي تسلك عبر الفراغات الفاصلة بين الاشجار منعطفة بزاوية قائمة لتصل الى الجادة الخامسة وتبدأ عملية المطاردة. هذا السيناريو قد يصبح حقيقة واقعية من الآن وحتى العام 2020، لأن السلطات الاميركية بحاجة الى طائرة بدون طيار، قادرة على مطاردة هدف معين والقاء القبض عليه أو تحييده مهما كان الموقع أو الموضع أو الارتفاع او الوسط الطبيعي. وتراهن وكالة الفضاء والبحرية الاميركية في تحقيق هذه التحفة على قسم صناعة الطائرات والمعدات الفضائية في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا الذي يديره فرنسي من خريجي مدرسة بوليتكنيك الفرنسية والحائز على شهادة الدكتوراه في علم الطيران والفضاء من جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا، وقد كرس البروفسور فرون الذي يدرس في معهد ماساشوسيتس منذ 9 سنوات كامل جهده لتطوير النموذج المصغر لهذه الطائرة العمودية التي سماها "البهلوان" وأراد لها أن تكون خفيفة كالعصفور وآلية دفاع عن الاراضي وهجوم إذا اقتضى الأمر. يقول فرون انه استوحى فكرته منذ 4 سنوات من استعراض للطيارين المحترفين بواسطة طائرات عمودية يتم التحكم بها عن بعد. وقد ادهشه حينها اداء المشتركين الذي لا يقل رصيد الواحد منهم عن 20 ألف ساعة طيران، واللوحات الفضائية التي قاموا بتنفيذها كالطيران بالعكس والالتفاف بشكل شبه دائري، فقرر منذ ذلك الحين تصميم طائرة بهلوانية ولكن بدون طيار صغيرة الحجم مقارنة بمثيلاتها التي يتم تطويرها في كل من جامعات بنسلفانيا وستانفورد وبيركلي ذات الحجم الضخم والمخصصة للاكتشافات. يبلغ وزن الطائرة "البهلوان" حوالى عشرة كيلوغرامات من طراز x-cell60 مدمج في بطنها علبة تحتوي على جهاز كومبيوتر القيادة. اما عمليتا الاقلاع والهبوط فتتمان بشكل يدوي، ومتى اصبحت في الجو يتولى جهاز الكومبيوتر مهمة القيادة عن طريق الاتصال الدائم مع القاعدة الارضية حيث يتم قياس ثبات وتغيرات الطيران بشكل متواصل، كالموقع الجغرافي والارتفاع والسرعة والاتجاه وتحديد كل هذه المعطيات بواسطة نظام التموضع الشامل GPS ومقياس الارتفاع والفرجار المغناطيسي، وترسل هذه المعطيات الى جهاز الكومبيوتر الذي يتولى معالجتها وحسابها بفضل 12 ألف سطر تشكل البرنامج المعلوماتي الرمز الذي كرس خبراء المعلوماتية مدة سنتين لتطويره. ومتى انتهت عملية تحليل المعطيات يعاود الكومبيوتر ارسال الأوامر لمضاعفة القيادة بغية التوصل إلى استقرار الجهاز في الجو. وشيئاً فشيئاً تكتمل الرموز والمفاتيح المعلوماتية الكفيلة بتسيير الطائرة بسرعة 72 كيلومتراً في الساعة وتمكينها من تنفيذ حركات ومناورات يزداد تعقيدها مع تقدم التجارب والاختبارات الميدانية. وقد عمد الفريق إلى القيام بعملية استنساخ لكل مناورة لاجراء التحسينات اللازمة قبل شحنها في ذاكرة جهاز كومبيوتر الطائرة كنسخة نهائية... وعندما اكتملت خطة الطيران قام البروفيسور فرون وفريقه باطلاق الطائرة في الفضاء انطلاقاً من سطح معهد ماساشوسيتس. ويبدو ان هذا "البهلوان" الذي كلف نموذجه الأول 40 ألف دولار سيدخل الحياة العملية لدى الجيش الأميركي قبل حلول العام 2010. في خضم السباق التي تخوضه الجامعات الأميركية لتصغير حجم الطائرات العمودية وجعلها أكثر طواعية وأكثر قدرة على سلوك الممرات الضيقة والتحرك فيها بسهولة ويسر، قررت فرنسا توسيع مشروعها المتعلق برفع فعالية العمليات العسكرية الجوية الأرضية ليشمل تطوير روبوت مقاتل وطائرات صغيرة جداً لا يتجاوز طولها 15 سنتمتراً شبيهة بروبوت حشرة مزروعة بكاميرا من الأشعة تحت الحمراء وأجهزة الارسال والاستقبال الدقيقة جداً، كي تستطيع أجنحتها ليّ الرفرفة واستطلاع المباني والأماكن التي تمر فوقها أو بموازاتها. ودخل هذا المشروع مراحله الأولى المتمثلة بإعداد دراسات الجدوى التي تستمر ثلاث سنوات وتشمل أيضاً تطوير دبابة بديلة أو مساندة للمعمول بها الآن من طراز AMX10RC تحتوي على عجلة اتصال تضطلع بمهمة الاستطلاع قبل البدء بالمعارك الميدانية، وخصص لهذه الدبابة مبلغ 60 مليون يورو على أن ينتهي العمل من تطويرها بحلول العام 2011. تتألف هذه الآلية من دبابة يتراوح وزنها بين 18 و25 طناً مزودة بعجلات يحتوي كل منها على محرك الكتروني لضمان سرية العمل، ويتمثل الغرض من استخدام هذه الآلية في حماية المقاتلين وعدم تعريضهم للخطر عندما يتموضعون في مقدم الدبابة، لذلك يوجد مكان إقامة الجنود في هذه الدبابة داخل هيكلها حيث يتمكنون من استطلاع الوسط المحيط بهم والأهداف المزمع تدميرها عن طريق كاميرات الفيديو والصور التي توفرها الطائرات الصغيرة جداً التي تتمتع بحجم الحشرات وأجهزة روبوت الاستطلاع، وبهذا يستطيع الجندي اصابة الهدف حتى في حالة عدم وجوده أمامه مباشرة، أي خلف تلة مثلاً، بفضل الذخيرة "الذكية" مثل ليزر المعارك أو السلاح الذي يعمل بطاقة موجهة. ومن المقرر أيضاً أن يشهد العام 2006 وصول معدات جندي المستقبل التي يجب ألا تتجاوز 25 كيلوغراماً بما في ذلك طائرات الاستطلاع العمودية الدقيقة جداً والقبعة التي تشكل نوعاً من برج المراقبة وتحتوي جهاز مراقبة يعمل بالأشعة تحت الحمراء وشاشة لاستقبال المعلومات من القاعدة المركزية، إضافة إلى الرشاش من طراز "ام 16" المزود بمصوب فيديو، يمكّن الجندي من اطلاق النار دون مواجهة مباشرة. ومن شأن هذا البرنامج أن يختصر عملية اتخاذ القرار باطلاق النار من 24 ساعة تحتاجها حالياً الأجهزة المعلوماتية لمعالجة المعطيات والمعلومات إلى 15 دقيقة فقط للقيام بتنفيذ ضربة فعالة. وتتنافس حالياً الشركات المختصة على تزويد الجيش الفرنسي ب22 ألف قطعة الكترونية حربية في إطار هذا المشروع الذي تبلغ كلفته أكثر من 400 مليون يورو