أمير الرياض يستقبل محافظ الهيئة الوطنية للأمن السيبراني    "سلمان للإغاثة" يوقع اتفاقية تعاون مشترك لتمكين المرأة اليمنية في مشاريع الطاقة المتجددة    الموافقة بالإجماع على مقترح "العسومي" بإصدار "نداء مالابو للسلام"    مكتب التعليم بشرق الدمام يحتفل باليوم الوطني ال94    ميقاتي: الدبلوماسية خيارنا.. ومليون نازح حتى الآن    "التحالف الإسلامي" يتناول الرؤى الاستشرافية في ندوته العلمية لمحاربة الإرهاب عبر التقنيات الرقمية الأربعاء القادم    السجل العقاري يعلن بدء تسجيل 239,348 قطعة عقارية في 3 مدن    الصحة تغرّم 3 شركات طيران لمخالفتها أحكام نظام المراقبة الصحية في منافذ الدخول    «الموارد»: اعتماد القواعد التنظيمية للائحتي الأشخاص ذوي الإعاقة    "سعود الطبية" تطلق حملتها للتحصين ضد الإنفلونزا الموسمية    حرس الحدود يحبط تهريب 440 كيلوجراما من القات بجازان    سحب رعدية ممطرة على جازان وعسير والباحة ومكة    مدرب روما يمتدح قدرات سعود عبد الحميد    "التعاون الإسلامي" تؤكد أهمية إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين    "السعار" يقتل 60 ألف شخص سنويًا.. والوقاية بالتطعيم    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية فنزويلا    الليلة السعودية تستعرض الفرص التعدينية    في ختام الجولة الخامسة من دوري روشن.. التعاون يستقبل الاتفاق.. والشباب يواجه الرائد    الجهني يغيب عن «كلاسيكو الجوهرة»    رونالدو يقود النصر أمام الريان    «أخمرين» تطلب رصف وإنارة الطريق    بيشة: رئة «نمران» بلا أوكسجين !    أوروبا تصوّت على قرار جمارك سيارات الصين الكهربائية    قانون برازيلي لحماية حقوق الأمواج    ضبط 15324 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    18 أكتوبر.. انتهاء مهلة تخفيض سداد المخالفات المرورية    في خمس مناطق للقراءة والتأمل.. «الرياض تقرأ».. رحلة بين السطور    رحلة إثرائية    500 عمل فني تزيّن بينالي الفنون الإسلامية في جدة    وزير الثقافة للمبتعثين: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية في المجالات كافة    أحد رفيدة: مطالبات بتكثيف مكافحة الحشرات    ميزة جديدة.. «واتساب» يحجب رسائل المجهولين !    وكيل محافظة تعز ل«عكاظ»: مشاريعنا الإستراتيجية والحيوية بدعم كامل من السعودية    مزاد تمور العلا يواصل فعالياته في أسبوعه الثالث    5 أسباب للكوابيس والقلق أثناء النوم    5 نصائح.. تسرِّع التعافي بعد جرعات العلاج الكيميائي    د.الشمسان: ثلاثة محاور رئيسية لتعزيز كفاءة القطاع الصحي    هيئة الأدب والنشر والترجمة تُسخر التقنيات الحديثة لخدمة زوار "كتاب الرياض"    مفكران عراقيان: معرض الرياض الدولي للكتاب من أهم نوافذ الثقافة العربية    وزير التعليم: مبادرة البرامج الجامعية القصيرة (MicroX) يأتي ستنمي قدرات الطلبة في مهارات سوق العمل    الزواج التقليدي أو عن حب.. أيهما يدوم ؟    بغلف وباربيع يحتفلان بعقد قران أصيل    دور أمانات المناطق في تحسين تجربة المواطن والمقيم    قبضة الخليج تلاقي ماغديبورغ الألماني    سيدات الطائرة يدشّنّ منافسات دورة الألعاب السعودية    من دمَّر الأهلي ؟    الرّفق أرفع أخلاق نبينا الأمين    يوم مجيد توحدت فيه القلوب    وكيل إمارة الرياض يحضر حفل السفارة الصينية    ضبط مواطن في عسير لترويجه (9) كجم "حشيش"    تكريم الكاتبة السعودية أبرار آل عثمان في القاهرة    ايجابيات اليوم الوطني    مروّجو الأوهام عبر منصات التواصل الاجتماعي    الزهد هو المجد في الدنيا والمجد في الآخرة    وطني.. مجد ونماء    رابطة العالم الإسلامي ترحب بإعلان المملكة إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»    بحضور 3000 شخص.. أحد رفيدة تحتفل باليوم الوطني    محافظ هروب يرعى حفلَ الأهالي بمناسبة اليوم الوطني ال 94    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الفلسطيني يتهم الكتاب العائدين من المنفى بالاقامة في أبراج عاجية أبعدتهم عن الانتفاضة وعن الحياة . المتوكل طه : كانت قصائدنا قبل أوسلو كلاشينكوفاً وحجراً ... من دون شعر !
نشر في الحياة يوم 07 - 01 - 2002

"أنا من الجيل الذي فتح عينه فوجد "بساطير الاحتلال" تحتل ما تبقى من أرضنا، وتشردنا هنا وهناك. وما زلت أتذكّر ذلك الخط الطويل من أهالي قلقيلية يحملون أمتعة خفيفة على دوابهم، ويتجهون شرقاً، كان ذلك عصر الخامس من حزيران يونيو 1967، يوم النكسة"، وذكريات الطفولة التي أختزنها المتوكّل طه طويلاً، ستكون لاحقاً الحافز الأوّل للكتابة، والشاعر الفلسطيني مواليد 1958 الذي يرأس اليوم "بيت الشعر" في رام الله، ترعرع في بيت يحتلّ الشعر منه مكان الصدارة، بين محتويات مكتبة والده الذي كان شاعراً ومناضلاً قومياً. درس المتوكّل طه في الجامعة الأردنية، وشغل منصب رئيس "اتحاد الكتاب الفلسطينيين" 1987و1995، عمل وكيلاً في وزارة الإعلام الفلسطينية 1994 - 1998، وعيّن العام 1998 رئيساً ل "بيت الشعر". له مجموعات شعريّة عدّة. "الوسط" إلتقت المتوكل طه في فلسطين، وكان حوار البوح والشعر والاعترافات.
مرّت تجربتك الشعريّة في مراحل عدّة، فحتى منتصف التسعينات طغت على قصيدتك الخطابية والمباشرة، ثم انتقلتَ إلى هموم ومشاغل جماليّة وأسلوبيّة.
- كل ما كتبته حتى العام 1993، أتمنى لو أنني لم أنشره. الشعر الذي كتبناه نحن شعراء ما بعد النكسة، أو ما قبل أوسلو، كان يستند إلى الموضوع الوطني. إن قداسة هذا الموضوع هي التي حملت شعرنا وعمّمته، وبررت وجوده، وجعلتنا شعراء. وأعتقد أن شعرنا كان أشبه بالزهر البري، فيه التوحش، فيه البراءة، ولكنه غير مشذب، لم يكن رياناً ما يكفي، ونضراً وعميقاً، كان كما قلت خطابياً ومباشراً، ما أفقده مسوغات القصيدة التي تترك بصمتها، وتستطيع البقاء. كتبنا شعر اللحظة، وكتابتنا كانت أقرب للكتابة الواجبة، للكتابة الميدانية الضرورية، بحكم الاحتلال، لم نكن اطلعنا على المدارس الفكرية والنقدية العربية، والنتاج الشعري العربي أو العالمي. كما اننا لم نكن نملك ترف التأمل والتجريب. أردنا لشعرنا أن يكون صرخة في وجه الاحتلال، فجاء أقرب إلى الخطابة. ولهذا أنا أنتمي إلى شعري القديم من ناحية الموضوع، لكنني من الناحية الفنية أشعر بسطحيته الآن.
الانهيارات الثلاثة
إستطعت تجاوز مرحلة الشعارات، في حين راهن كثيرون على تلاشي جيلكم بإنتهاء الظرف السياسي الذي أفرزه!
- أعتقد أن معظم أبناء جيلي من الشعراء "تلاشى" فعلاً، كنا قرابة 72 شاعراً! أبحث الآن عنهم، ولا أجد أحداً، فقط بعض الكتابات المتفرقة هنا وهناك. أعتقد أن ثمة انهيارات ثلاثة ساهمت في حالة التلاشي التي نتحدث عنها: الانهيار الأول كان على المستوى العالمي، ألا وهو انهيار الاتحاد السوفياتي، وبالتالي انهيار القوة الداعمة لحركات التحرر الوطني في العالم. الانهيار الثاني كان على المستوى العربي، وتمثل بحرب الخليج الثانية، والغزو العراقي للكويت الذي رافقه انهيار لمفهوم القومية العربية، وانتصار لمفاهيم العنصرية الكريهة. أما الانهيار الثالث، وهو الأكثر خطورة على الوعي الفلسطيني والعربي، فكان في تغير مفهوم الآخر، بعد اتفاقات أوسلو. كان هذا الآخر هو النقيض، المحتل، العدو، وبات بين ليلة وضحاها شريكاً. هذه التحولات العميقة أخلت الساحة من قوّالين، في حين بقي بعضنا يبحث عن إجابات في قلب العاصفة. أنا اليوم أبحث عن نفسي. كنت أعتقد أن القصيدة تستطيع أن تغير العالم، وأن قصيدة أكتبها قادرة على طرد الاحتلال، هذه الأوهام تبخّرت اليوم، بل تحطّمت على صخرة الواقع المعقّد، الصعب. وصار على الشعر أن يستوعب كل هذه الاشكاليات. أضف إلى ذلك اطلاعنا المتأخّر على المدارس الأدبية والنقدية، ونتاجات الإبداع الجديد.
كيف تم التحوّل على مستوى الشاعر، والقصيدة؟
- كل تغير عميق في المجتمع لا مفرّ من أن ينعكس على الابداع، قلباً وقالباً. اكتشفنا كم كنا سطحيين، وكم كنا شعرنا ركيكاً وبعيداً عن الفنّ، وكان لا بد من إعادة النظر في كل شيء، كان لا بد من تكثيف القراءة والاطلاع، والوقوف لفترة مع الذات، والتأمل العميق في ما يحدث. إحتجت إلى ثلاثة أعوام كي ألملم أشلائي بعد الصدمة. وقد انعكست فترة المراجعات على المضمون أولاً، لا على الشكل. ترى آثار التحوّل في ديوان "ريح النار المقبلة" 1995. أعترف أن الديوان لا يشكّل قفزة نوعية، لكنه جاء خطوة في اتجاه آخر، أو خطوة نحو إعادة التوازن، ونحو التصميم على الاستمرار في طريق الشعر، بعد أن أدركت ضيق الطريق السابقة، وهشاشتها وسطحيتها. شعر ما قبل أوسلو لم يكن شعراً، وكنا في كثير مما نردده ونكتبه جهلاء وسطحيين، اكتشفت أن الكثير من مفرداتي كانت مصطلحات جاهزة: كنت أقرب ما أكون إلى الببغاء في طرح مواقفي النقدية. لم أكن متعمقاً، ولم أنقد مداخلاتي، كي أتبين مدى دقتها. والكثير مما كنت أردده لم يكن مقنعاً، حتى بالنسبة إليّ.
هل للعزلة القسريّة عن العالم الخارجي دور في ذلك؟
- من دون شك. لم يتسن لنا قبل أوسلو الإطلاع على التجربة الشعرية الفلسطينية في الخارج. وعندما تسنى لنا ذلك، اكتشفنا أن العالم أكثر اتساعاً مما نتخيل. شعر الفلسطينيين في الخارج كان يعبر، بلسان أكثر فصاحة وثقافة ونضجاً ووعياً، عن القضية، لذا فإن هذا الشعر هو الأكثر خلوداً وتأثيراً، لا سيما أنهم تعاملوا مع وطن متخيل، أكثر اكتمالاً وجمالاً وشاعرية. فالوطن في مخيلة شعراء فلسطين في المنفى، وطن مكتمل وجميل. أما نحن فكنا نعيش داخل الوطن المذبوح، الجائع، العاري، المحتل، فجاء شعرنا وقتذاك أكثر واقعية وفجاجة، وأكثر خطابية أيضاً. أشعارنا كانت أقرب إلى التأريخ والتوصيف منها إلى الشعر. نحن كنا مؤرخين، لم نكن شعراء. كانت قصائدنا عبارة عن كلاشينكوف وحجر وإطار سيارة مشتعل، تتخذ شكل الشعر ليس إلا. لكن علينا أن نتفادى تصوير أنفسنا دائماً كضحايا وشهداء، لا سيما أن أبناء جيلي تتملكهم "عقدة الاضطهاد"، ويطيب لهم تبرير فشلنا بالظرف الاستثنائي. لو كان الأمر كذلك فقط، لكانوا نجحوا اليوم في تجاوز ذلك الظرف.
هل ترى أن الاتجاه السائد في الشعر الفلسطيني "بعد أوسلو"، يتكئ بصورة أو بأخرى على الذاتيّة ؟
- الشاعر دائماً يكتب ذاته، وبالتالي إذا كان الشاعر سطحياً، بالضرورة سيخرج الشعر سطحياً، والعكس صحيح، الذي اختلف بعد أوسلو هو مساحة التأمل، فقبل هذه المرحلة كنا نلهث وراء الحدث اليومي الساخن، لم نكن متنبهين إلى أهمية النظر إلى دواخلنا. كنا ننظر فقط إلى الخارج، وإلى هذا المشهد العنيف، نكتبه ونتابعه ونصوره كما نراه. الآن بدأنا نغوص في ذواتنا، ونكتب الخارج من خلال دواخلنا، لهذا اختلفت آليات التعبير، وباتت أكثر عمقاً. كان لا بد من مساحة التأمل الجديدة هذه، كي نكتب شعراً حقيقياً. فلكي تكون شاعراً، لابد أن تمتلك الوسائل الفنية لذلك، الإحساس وحده لا يكفي، ولا يكفي أيضاً أن تمتلك الإيقاع، أن تكون شاعراً يعني أن تنهض بالمتلقي إلى المستوى الذي تريده أنت، مستوى التأمل والارتقاء والتجاوز.
وماذا عن قصيدة النثر؟
- كنت أتخذ موقفاً عدائياً من قصيدة النثر، لأكتشف بعد قراءات طويلة ومتعمقة، أن الشكل ليس له علاقة بالشعر. فالشعر الجيد ينسيك شكله، والشعر أبعد من شكله، وأكبر من المدارس النقدية، وأعمق من كل التنظيرات التي نراها على ضفافه. الشعر أرقى من كل ما يقال حوله. أنا الآن على يقين أن الشعر الجيد، هو ذلك النص الذي تحس بأنه شعر عندما تقرأه، لا يجمعه تعريف، ولا تنظير، ولا مدرسة نقدية. لم أعد أؤمن بتحديد قسري ومجزوء للشعر، فهو كائن هائل وكبير يتجاوز جميع التجارب. وعندما نتحدث عن القصيدة الفلسطينية فإن هناك الجيد وهناك الرديء، هذا ما سيبينه الوقت. لست ضد قصيدة النثر، أنا ضد القصيدة الرديئة، مهما كان نوعها.
"حليب أسود"... والبرامكة الجدد
يعتبر النقاد ديوان "حليب أسود" البداية الشعرية الحقيقية لك.
- أعتقد أنه هذا الديوان هزّني كما هزّ الآخرين. كنت أبحث حينها عن خطوة تكرسني في خريطة الشعر، فكان "حليب أسود". أعتقد أنه ديواني الأول! قبله لم أكن أكتب شعراً.
كيف برزت ملامحه الأولى؟
- كنت أقرأ في تاريخ الطبري، فاكتشفت أن هناك نتوءاً في مسيرة الحضارة العربية، ولفتت نظري المجزرة التي نفذها هارون الرشيد بحق البرامكة، وما جعلني أتوقف عند هذا الأمر، هو تعدد القراءات لهذا الحدث: هناك مؤرخون ينصفون الرشيد وآخرون ينصفون البرامكة. استفزتني هذه الحكاية وبدأت أقرأ عن البرامكة، فاكتشفت أن لهم أفضالاً وأياد بيضاء، لكنهم في المقابل نهبوا الدولة. وهارون الرشيد كان خليفة يحج عاماً ويغزو عاماً، وفي الوقت نفسه كان كائناً ليلياً، وكان يحب الحياة أيضاً. كانت هناك مساحة واسعة وجديدة تستطيع أن ترى فيها تلاوين وعجائب النفس البشرية، وتجد فيها التناقض البشري. وكان الفساد ينمو داخل السلطة الوطنية الفلسطينية، حتى صار المحيطون بالحاكم يشبهون البرامكة. هذا الفساد راح يقض مضجعي، لأننا كنا نعتقد بأن دولتنا ستكون مختلفة ونموذجية، وكنا نعيش هذه المثالية، إلا أن ما حدث هشّم هذه الرؤى وهوى بها إلى الأرض. هكذا ولد "حليب أسود". وقد كلّفني هذا الديوان ثمناً باهظاً، حيث جرّ عليّ الكثير من العداوات من "البرامكة الجدد".
تراجع "إتحاد الكتاب الفلسطينيين"
ترأست "إتحاد الكتاب الفلسطينيين" لأكثر من دورة، إبان الانتفاضة الأولى. هل لك أن تحدثنا عن تلك التجربة ؟
- تأسس إتحاد الكتاب العام 1987. وقد تجمع كل كتاب فلسطين الموجودين على أرضها، لأول مرة في التاريخ المعاصر العام 1989، في هيئة إدارية موحدة ضمت كل الأطراف السياسية والفكرية. وكنت أول شخص يترأس هيئة إدارية موحدة ل "اتحاد كتاب فلسطين". وامتدّت رئاستي فترة ثماني سنوات 1987 - 1995، وكان الاتحاد خلالها المؤسسة الأكثر عافية وحضوراً ونشاطاً، في الأرض المحتلة. طبعنا 282 كتاباً بين 1989 و1995. وكنا ننظم أمسية أسبوعية كل خميس، وندوة شهرية في مختلف المناطق الفلسطينية. وكان الاتحاد بحق هو الخلية الثقافية الوحيدة الناشطة في فلسطين. وهذا ما يفسر أنه في السنوات الأولى للانتفاضة، اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلية كل أعضاء الهيئة الإدارية. دخل عشرات الكتّاب إلى السجن في وقت واحد، ومع ذلك بقي الاتحاد نشيطاً وفاعلاً.
برأيك ما هي أسباب تراجع هذا الدور المحوري للاتحاد بعد أوسلو، على رغم عودة العديد من المبدعين من المنفى ؟
- أعتقد أن هناك أسباباً عدّة لتراجع الدور الريادي للاتحاد، منها أن الكثير من الكتاب والأدباء الفلسطينيين العائدين من المنفى، لم ينخرطوا في الحياة الثقافيّة، بل بقوا وحدات منفصلة، كأنهم ما زالوا يعيشون في المنفى. وبالتالي لم يحدث أي تلاقح بين المثقفين القادمين من المنفى وبين مثقفي الداخل. علاوة على ذلك فإن قلة موارد الاتحاد، وضعف الهيئة الإدارية، من العوامل التي أبعدته عن دوره المحوري والريادي.
كيف ترى المشهد الثقافي الفلسطيني الراهن؟
- الحياة الثقافية في فلسطين تكاد تكون الأسوأ عربياً، وربما عالمياً، لأسباب عدة منها أن الروح العامة هي روح تمر بمرحلة جزر ثقافي. يعيش الفلسطينيون الهزيمة بكل تجلياتها، وفي مثل هذه الحالة يرتد الأفراد إلى تمزيق ذواتهم، وكثيرون منهم يؤثرون الانطواء والانكفاء والابتعاد، وهذا ما يفسر غياب المثقفين الفلسطينيين عن هذه الانتفاضة. إنهم غائبون حتى الفضيحة. لا علاقة للانتفاضة بذلك، إذ ليس من مهمتها جمع النخب. هذه النخب عليها أن تقوم بجمع ذاتها وقيادة الفكر الجمعي، فمن المفترض أنها تمثل الضمير الشعبي. المشهد الثقافي الفلسطيني مشظى، مفسخ. هناك شُلل متباعدة ومتصارعة، ولعل هذه الحالة هي التعبير الواضح والصارخ عن حالة الهزيمة التي نعيش. وحتى الكتاب والشعراء الكبار يعيشون في أبراج عاجية، كأنهم لا ينتمون إلى هذا الواقع على الإطلاق.
هناك دماء شابة وأصوات جديدة بدأت تبرز في المشهد الشعري الفلسطيني.
- صحيح. لأول مرة في تاريخ فلسطين المعاصر، هناك ثورة جديدة غير معلنة، هي ثورة الشعراء الشباب. هناك قصيدة شابة تنمو بسرعة ملحوظة، وعلى النقاد العرب أن يوجهوا أنظارهم الآن إلى المشهد الشعري الشاب في فلسطين، لأنه المشهد الأكثر خطورة وتميزاً في العالم العربي، لا سيما أن هذه الأصوات الشعرية الشابة، أصوات مثقفة مطلعة وذات تجربة عميقة، وهي بعيدة عن السذاجة والتكرار، وقادرة على أن تمتلك صوتها مبكراً، ولديها حس نقدي يعينها على كتابة القصيدة بشكل مختلف عما سبق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.