بعد أخذ ورد استمر منذ مطلع العام 1989، أعلنت وزارة العمل والشؤون الإجتماعية في الإمارات تعديلات طفيفة على القانون الخاص بجمعيات النفع العام طرحتها على اللجنة العليا لقطاع الشؤون لمناقشتها ووضعها في صيغتها النهائية تمهيداً لرفعها الى لجنة الفتوى والتشريع في وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف لإقرارها. وهذا ثاني تعديل من نوعه بعد ان أبدت الجمعيات ملاحظات على اقتراحات سابقة للوزارة حول تعديل القانون فاستجابت الوزارة لبعضها وركزت على مواد بعينها دون أخرى، بحيث يبقى عمل الجمعيات تحت السيطرة الحكومية تماما. تجدر الإشارة الى ان في الإمارات 108 جمعيات رسمية بالإضافة الى عشرات الجمعيات الدينية وجمعيات الجاليات المقيمة التي تعمل بتراخيص محلية في كل إمارة. ويبدو ان قانون الجمعيات الخاصة بالنفع العام الذي بدأ تطبيقه عام 1974 لم يعد يفي بغرض وجود هذه الجمعيات التي باتت عمليا في حالة موت سريري. وبحسب "المحاربين القدامى" من رواد العمل العام فان إطلاق "رصاصة الرحمة" عليها كاد ان يتم خلال الأعوام الخمسة الماضية، ولولا ان منحتها الشارقة مقرات مناسبة لأقفل معظمها بسبب العجز عن دفع إيجار المقرات الخاصة بها. ويقر دستور البلاد بقيام جمعيات وليس نقابات. وللمرة الاولى تجيز الوزارة المختصة تكوين إتحادات بين هذه الجمعيات لكن اللافت في التعديلات المقترحة حظر الحصول على أجر أو مكافآت لأعضاء مجلس الإدارة نظير جهودهم في خدمة المجتمع وإعتبارها عملا تطوعيا. ويقل الدعم السنوي الذي تتلقاه اي جمعية من الوزارة المختصة عن 25 الف دولار مما يحول عمليا دون قيامها بفعاليات واسعة وإصدار نشرات توعية. واستجابت الوزارة الى طلب الجمعيات بالانتساب والإشتراك في المنظمات والهيئات الدولية والمشاركة في المؤتمرات خارج البلاد مع إشتراط الحصول على موافقة منها المشاركة الخارجية كانت تتم بإذن من وزارة الداخلية سابقا لكن الشق الخاص بحق تلقي الدعم المادي والتبرعات وجمعها هو ما يمكن ان يثير جدلا كبيرا عند مناقشة اقتراحات الوزارة التي أصرت على ان يتم الأمر بموافقتها وهذا ما تعارضه الجمعيات لأنه يحد من حركتها. وفي البند الذي يجيز لوزير العمل والشؤون الإجتماعية حق حل الجمعيات، أضيفت حالة جديدة الى مسببات الحل هي تعذر انعقاد الجمعية العمومية في كل جمعية لمدة عامين متتالين. المهتمون بتجربة المجتمع المدني في الإمارات ودول الخليج عموما استوقفتهم الحالة السلبية التي بدت عليها هذه الجمعيات التي يفترض تفاعلها مع الأحداث من حولها، خصوصا ما يتعلق منها بدعم الإنتفاضة الفلسطينية، فقد تبين ان الجمعيات الدينية انفردت بهذا المجال. وأحدث المواليد في هذا الإطار جمعية مقاومة التطبيع التي تعد لمؤتمر خلال الأشهر المقبلة تستضيف فيه مشاركين من دول مجلس التعاون. اخيرا، يشترط القانون الجديد تكوين مجالس إدارات الجمعيات من المواطنين الإماراتيين على ان يكون رؤساؤها من الشخصيات الإعتبارية التي تتولى مناصب حكومية وان لا يكون هناك أي عضو متفرغ في مجالسها.