الرياض تُتوَّج بلقب عاصمة البيئة العربية    في قصف استهدف رفح في غزة.. إسرائيل ترجح قتل يحيى السنوار    «حاجي» ضالة المنتخب    بلدية الظهران تزور أكثر من 1000 موقع إنشائي وتوجيه 156 إنذار للمخالفين    الأمير فيصل بن بندر يطلع على إنجازات جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالرياض    برقية شكر للشريف على تهنئته باليوم الوطني ال94    إنفاذًا لتوجيهات القيادة .. تمديد فترة تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة على مرتكبيها    نقلة نوعية لتسهيل المدفوعات الإلكترونية ل 80.000 مؤسسة في المملكة    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق فعاليات توعوية بمناسبة "اليوم العالمي للإبصار"    «القدية» تعلن إطلاق «صُنّاع اللعب» لتطوير الكفاءات السعودية    الشؤون الإسلامية في جازان تنظم جولة دعوية في بيان مفهوم الأمن الفكري والحديث عن نعمة الأمن    افتتاح فرع "واس" في الخرج    متوسطة وثانوية مسلية تنفذ مبادرة "رايتك وردية " في شهر التوعية بسرطان الثدي    وزير الثقافة ونظيره الصيني يوقعان البرنامج التنفيذي لإقامة العام الثقافي السعودي الصيني 2025    السباق يشتعل.. وفانس يتجنب الاعتراف بخسارة ترمب في 2020    متوفاة دماغيًا تنقذ ثلاثة مرضى في الأحساء    الموارد البشرية تُضيف الاستقدام من دولة تنزانيا بسقف أعلى قدره 5700 ريال    أمير المدينة يدشن المشاريع التعليمية الجديدة    السعودية تترأس اجتماعات الدورة ال 35 لمجلس الوزراء العرب لشؤون البيئة    الذهب يقفز لمستوى قياسي مرتفع وسط رهانات خفض أسعار الفائدة    دوري روشن يعود بعد التوقف بقمة الشباب والنصر    اليوم..ظهور القمر العملاق في سماء السعودية    مغادرة الطائرة الإغاثية الخامسة ضمن الجسر الجوي السعودي الذي يسيّره مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب اللبناني    مصر والسعودية تؤكدان رفع وتيرة التكامل الاستثماري في ختام زيارة ولي العهد للقاهرة    فرنسا تمنع شركات إسرائيلية من المشاركة في معرض تجاري    الذكاء الاصطناعي يقارع الخبرات الإنسانية    الأرصاد: رياح نشطة مثيرة للأتربة والغبار في 5 مناطق    مصر.. مفاجأة جديدة في حادثة حافلة طلاب «الجلالة»    36 ألف جولات رقابية على جوامع ومساجد منطقة المدينة المنورة    مهرجان مزاد الإبل بنجران.. مزاين بلا تتويج    ولي العهد يترأس وفد المملكة في القمة الخليجية - الأوروبية    مطالبة سعودية - مصرية بوقف إطلاق النار ورفع الحصار عن غزة    العثور على المغني ليام باين ميتا في بوينس أيرس    الاحتفاء بالتاريخ ورجالاته    14 ميدالية.. حصدها الأبطال في الأولمبياد الخليجي للعلوم    تمكين المرأة من التنميط إلى استعادة الكرامة    انحناء الظل    المملكة تُنظّم معرضاً دولياً للحرف التقليدية في 23 نوفمبر المقبل    السعودية إنسانية تتجلى    88 ألف لاعب ولاعبة في بطولات رابطة الهواة    نباح من على منابر الشيطان    حملة ميدانية تضبط 3,371 دراجة آلية مخالفة    الأنظمة التشريعية القوية في بلادنا    100 ألف ريال غرامة إنشاء مصنع للمستحضرات بلا ترخيص    الجلاجل يرأس وفد المملكة في اجتماعات منظمة الصحة العالمية    5 عناصر لتقليل الإصابة ب«ضعف الإدراك»    مفوض الدوري الأميركي يتفهم دعوات المطالبة بإلغاء كأس العالم للأندية    آل العبدالكريم يستقبلون المعزين في فقيدهم    ألعاب السعودية الثالثة .. نادي الرياض لذوي الإعاقة يحقق ذهبية كرة الهدف    المفتي العام يستعراض أعمال "صون الإسكانيّة"    ولي العهد يرأس وفد المملكة في القمة الخليجية - الأوروبية    أمير القصيم يرأس اجتماع "الإسكان".. ويستقبل مجلس الربيعية    نائب أمير تبوك يستقبل أعضاء جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليا    أمين الطائف يقف على المشاريع التطويرية بالمويه وظلم    سعود بن بندر يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية لهيئة تطوير المنطقة الشرقية    أمير القصيم يرعى حفل تخريج 153 حافظاً بجمعية تحفيظ القران الكريم ببريدة    26 من الطيور المهددة بالانقراض تعتني بها محمية الملك سلمان    العيسى يدشن المؤتمر الدولي «الإيمان في عالم متغير» للتصدي لشبهات الإلحاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أميركا تتخوف من تكاثر خلايا "الأفغان العرب" في أراضيها . الحرب على الإرهاب : الأولوية للعمليات الخاصة
نشر في الحياة يوم 24 - 09 - 2001

العالم كله أنظار مشدودة الى البيت الابيض بانتظار الاعلان رسمياً عن بدء "اول حرب في القرن الحادي والعشرين"، خصوصاً بعدما صادق الكونغرس بالإجماع على تخصيص موازنة تبلغ 40 بليون دولار لتكون تحت تصرّف الرئيس جورج دبليو بوش الذي تعهد محاربة الارهاب في اركان الدنيا كلها.
ولوحظ ان قرار الكونغرس الذي يخوّل بوش شنّ الحرب صدر في عبارات فضفاضة ومبهمة. وقال وزير الخارجية كولن باول ان الحرب لن تكون عسكرية فحسب، بل "اقتصادية وسياسية وديبلوماسية ومعلوماتية ومالية". وربما كان هدف باول من الحرب "المعلوماتية والمالية" الاشارة الى اموال "المشتبه به الرئيسي" اسامة بن لادن، وان كان مسؤولو الاستخبارات الاميركيون اكدوا ان حساباته المصرفية في الولايات المتحدة تم تجميدها منذ سنوات عدة.
وأبلغ الجنرال المتقاعد انطوني زيني القائد السابق للقوات الاميركية في الشرق الاوسط وجنوب شرقي آسيا "الوسط" بأنه يعارض استخدام القوة العسكرية ضد ابن لادن وتنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه. وقال زيني ل"الوسط": "ان إلحاق الدمار بدولة ثم مغادرة اراضيها سيسفر فحسب عن تضخيم المشكلة من خلال اثارة المشاعر المعادية للاميركيين في العالم الاسلامي".
وذكر مصدر في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي. آي. اي" ل"الوسط" ان اغتيال ابن لادن سيُحدث تأثيراً مماثلاً. واضاف: "حصول ذلك سيجعل وقف اغتيال الرئيس بوش مستحيلاً". اما اختطاف ابن لادن ونقله لاميركا لمحاكمته حيث يواجه أصلاً اتهامات بالتورط في تفجير سفارتي اميركا في شرق القارة الافريقية العام 1998 فسيكون ملهاة للقنوات التلفزيونية. ولو تقررت محاكمته امام محكمة عسكرية فمن شأن ذلك ان يزيد الهواجس والشكوك في نفوس سكان العالم الاسلامي.
وربما لهذا تتردد أحاديث في واشنطن عن خطة لمحاكمة ابن لادن امام محكمة اميركية تعقد جلساتها في لاهاي، اسوة بالمحكمة الاسكوتلندية التي عقدت جلساتها هناك لمحاكمة الليبيين المتهمينْ بتنفيذ حادثة لوكربي العام 1988.
غير ان ما يبدو واضحاً ليس التفكير في شن حرب جوية، كما حدث في البلقان، وان كان ثمة من يرجح الاتجاه الى شن غارات صاروخية من على متن سفن اميركية ترسو بعيداً عن افغانستان. لكن الرغبة الاميركية المعلنة في العثور على ابن لادن "حياً او ميتاً"، كما قال بوش، يدلّ على ان الحرب الآتية ستكون حرب رجال "كوماندوز". ويذكر ان "قوات العمليات الخاصة" الاميركية التي تتولى عادة القيام بمثل تلك الهجمات حظيت هذه السنة بزيادة في موازنتها من 3.3 الى 4 بلايين دولار. وبات في حكم المؤكد ان تلك القوات ستخصص لها حصة معتبرة في موازنة ال40 بليوناً التي اقرها الكونغرس.
ويعتقد ان قوام القوات الخاصة يصل الى نحو خمسة آلاف جندي من جملة ال40 ألفاً الذين يقومون بمهمات القوات البرية. ويبلغ القوام الكلي للجيش الاميركي 1.1 مليون جندي. وقد انشئت "قوات العمليات الخاصة" في 1962 اثر قرار اصدره الرئيس الراحل جون كينيدي، لشن حرب "غير تقليدية" على تنظيمات المعارضة اليسارية المناوئة للانظمة الديكتاتورية اليمينية التي كانت تحكم اميركا الجنوبية.
وتشير الصحف الى ان التدريب الذي يخضع له مجندو القوات الخاصة شاق الى درجة ان نصف عدد المتطوعين للالتحاق بها لا يحصلون على العلامات الكافية لضمهم الى صفوف تلك القوات الخاصة.
يرابط معظم افراد القوات الخاصة في قواعد اميركية في منطقة الخليج، حيث يقومون بعمليات هدفها ضبط الامدادات العسكرية التي يتم تهريبها الى العراق، وهي عمليات تحظى بموافقة مجلس الامن التابع للامم المتحدة. ويوجد مقر القوات الخاصة في مدينة تامبا في ولاية فلوريدا. لكن مصادر وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون رجحت ان ينقل المقر الى البحرين. وذكرت تلك المصادر ان العمليات العسكرية ضد تنظيم "القاعدة" ستنطوي على القيام بعدد من العمليات السرية. وقالت انها تتوقع حدوث خسائر فادحة في الارواح لدى الجانبين، وهو ما شبّهه مصدر تحدث الى "الوسط" ب"فيتنام عالمية".
ولاحظ المصدر ان تنظيم "القاعدة" لا يسعى الى تحقيق مكاسب من احتلال اراضٍ، اذ ان هدفه المعلن تحرير كامل التراب الفلسطيني، لكنه قال ان السلطات الاميركية تتوقع ان يثأر من اي هجمات اميركية. وقال الكوماندور وارد كارول، استاذ قانون مكافحة الارهاب في الاكاديمية البحرية الاميركية في انابوليس، انه لا يعتقد بأن "القاعدة" سيحصر نشاطه في شن الهجمات الانتحارية على غرار فرق "الكاميكازي" اليابانية. وقال ل"الوسط": "لا تنسوا استخدام الانثراكس الجمرة الخبيثة والمذابح التي تتم في الملاعب الرياضية، والاغتيالات التي تنقلها التلفزة على الهواء مباشرة".
وبالنسبة الى اليمين الاميركي المتشدد، فقد ابلغ بول ولفيتز نائب وزير الدفاع، وهو صهيوني دعا الرئيس السابق جورج بوش الاب علناً الى اقتحام بغداد واحتلالها ابان حرب الخليج، صحيفة "واشنطن بوست" بأنه يفضّل احتلال كابول. وقال ان قرار الكونغرس الصادر في 14 ايلول سبتمبر الذي خصّص ال40 بليون دولار للادارة الاميركية "خوّل الرئيس بوش سلطة استخدام القوات المسلحة الاميركية ضد المسؤولين عن احداث 11 ايلول".
وتتردد في واشنطن دعوات عدّة الى استخدام التحالف الشمالي الافغاني المناهض لحركة "طالبان"، كما ان ثمة من ينصحون الادارة في واشنطن باستخدام مقاتلي المعارضة البشتونية المناوئة ل"طالبان" في المناطق الجنوبية من افغانستان. وعلى رغم ان البشتون معادون للتحالف الشمالي الذي كان يقود قواته وزير الدفاع الافغاني الراحل احمد شاه مسعود، الا انهم يعارضون بقاء ابن لادن و"الافغان العرب" في البلاد.
وعلى رغم ضخامة التفجيرات وفداحة الخسائر، بقيت اسئلة عدة معلّقة في شأن فشل اجهزة الاستخبارات الاميركية المتعددة ذات القدرات الهائلة في منع وقوع الهجمات التي تعرضت لها نيويورك وواشنطن. ولعلّ التساؤل الاكثر الحاحاً هو: كيف يمكن للمؤسسة الاستخباراتية الاميركية التي تؤكد مصادر الكونغرس انها تخصّص لها موازنة سرية تصل جملتها الى ما يراوح بين 30 و40 بليون دولار، ان تخفق في القيام بدور يناسب نفقات من ذلك القبيل؟
والاجابة المبسّطة تذهب الى ان الاستخبارات الاميركية تملك تقنيات متقدمة مثل الاقمار الاصطناعية التي تستهلك الجانب الاكبر من تلك النفقات، فيما يرى الخبراء ان الحرب الحالية على الارهاب، تتطلب عمليات تجسس على النمط القديم. وفي ما يتعلق بالاحداث الاخيرة، يقتضي الامر ان يكون لأميركا اكبر عدد من العملاء الذين تعتبر اللغات العربية والبشتونية والدارية وغيرها من اللغات الأفغانية لغتهم الأم.
وتعتبر ال"سي. آي. اي" اشهر اجهزة التجسس في الولايات المتحدة. ويطلق على مديرها عادة لقب "مدير الاستخبارات المركزية" باعتبار ان وكالته تقوم بعملية توزيع المعلومات الى بقية الوكالات الاستخباراتية، غير ان الوكالة ذات القدرات الاكبر هي "وكالة الامن القومي" التي تتحكم في اقمار التجسس الاصطناعية وتستطيع التنصّت على اي مكالمة هاتفية في اي مكان في العالم. ويصل عدد موظفيها الى 25 ألفاً ويوجد مقرها على بعد بضعة اميال شمال واشنطن.
ويمكن القول، بوجه عام، ان ثمة نحو 31 جهاز استخبارات في الولايات المتحدة. فإلى جانب ال"سي. آي. اي" و"وكالة الامن القومي"، هناك "وكالة استخبارات الدفاع"، ووكالة الاستخبارات الخاصة بالجيش، واخرى خاصة بسلاح الطيران، ووكالة استخبارات خاصة بمشاة البحرية المارينز، واخرى خاصة بسلاح البحرية وهي التي كان يعمل في صفوفها الجاسوس الاسرائيلي جوناثان بولارد. وتوجد في وزارة الخارجية "شعبة الابحاث والمعلومات".
ومن الوكالات الاخرى: منظمة الاستطلاع الاستراتيجي التي تشرف على تشغيل طائرات التجسس والمراقبة، ووكالة الخرائط، ومكتب التحقيقات الفيديرالي اف. بي. آي وهو من الناحية النظرية وكالة التجسس الوحيدة المسموح لها قانونياً بالعمل داخل الاراضي الاميركية وتشرف على مهمات مكافحة التجسس، وعادة ما يدرج ممثل المكتب في سفارات الولايات المتحدة في الخارج في اللوائح الديبلوماسية باعتباره "ملحقاً قانونياً". وهناك ايضاً "الامن السري" ومُناط به حماية البيت الابيض والسفارات والقنصليات الاميركية.
وكشف إخفاق اجهزة الاستخبارات الاميركية في الحيلولة دون حدوث هجمات نيويورك وواشنطن ان سلاح الطيران ليست لديه تعليمات واضحة في شأن مواجهة طائرات مُختَطَفة وعلى متنها ركّاب، والواقع ان اجراءات منع العنف من خلال الطائرات تقتصر على الرحلات المتجهة الى الخارج او الآتية الى اميركا. ومنذ العام 1958، تتولى "قيادة الدفاع عن المجال الجوي الاميركي الشمالي" مهمات الدفاع الجوي عن الولايات المتحدة. وما حصلت عليه اجهزة الاستخبارات الأميركية من معلومات عن تنظيم "القاعدة" وزعيمه اسامة بن لادن تم الحصول عليها من الوثائق التي ضبطت بحوزة "ارهابيين"، ومن الأقوال التي أدلى بها من حوكموا من أعضاء الجماعات "الارهابية"، في مقابل وعود بتخفيف الاحكام الصادرة بحقهم، وهي لذلك تعتبر محاطة بالشكوك. اذ ان كل ما يعرفه المسؤولون الاميركيون عن هيكل "القاعدة" هو ما تم استخلاصه من أقوال جمال الفضل الذي شهد ضد زملائه المتهمين بتفجير سفارتي اميركا في نيروبي ودار السلام.
أما بقية المعلومات فتم الحصول عليها من سجل المحادثات الهاتفية التي تنصت عليها عملاء "وكالة الأمن القومي"، وذلك على رغم انه ذكر ان ابن لادن تخلى عن استخدام اجهزة الهاتف المرتبطة بالأقمار الاصطناعية، كما تخلى عن تحويل أمواله الكترونياً. ويتردد أنه دأب منذ سنوات على استخدام رسل للقيام بالتنقلات المطلوبة وبحوزتهم الأموال المطلوب تحويلها.
لقد طبقت شهرة اسامة بن لادن الآفاق مثل نجوم السينما. وتقدر ثروته على الدوام ب300 مليون دولار يستخدم بعضها لمساعدة حركة "طالبان". ويقوم بتعويض نفقاته من المداخيل التي تحققها المؤسسات الصناعية التي يملكها. وتقول اجهزة الاستخبارات الأميركية ان جانباً من تمويل "القاعدة" يتم من خلال القيام بنشاطات غير قانونية كالاحتيال بالبطاقات الائتمانية والشيكات التي لا يسندها رصيد.
ويضيف عملاء الاستخبارات ان الموظفين المتفرغين لأشغال "القاعدة" لا يتعدى عددهم بضع مئات، لكن أنصار التنظيم يقدرون بالآلاف. وحين ينظر الى المسألة من منظور صحافي محض، فإن كل تلك الأرقام التقريبية الخالية من الكسور "أكذوبة"، وهي على الدوام عرضة للتشكيك في مصداقيتها.
وقد استخدم بول بيلار كبير ضباط الاستخبارات لشؤون الشرق الأدنى وجنوب شرقي آسيا في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي. آي. اي، في حديثه الى "الوسط"، أرقاماً من تلك الشاكلة. وقال ان "القاعدة" لها وجود في "نحو 40 دولة"، ذكر منها بصفة خاصة "اليمن والجزائر وباكستان والأردن وماليزيا والشيشان والخليج والولايات المتحدة". ووصف بيلار "القاعدة" بأنها تنظيم يملك كل سبل الاطلاع على المعلومات من خلال التكنولوجيا المتقدمة.
وتعتبر حركة "طالبان" دليلاً للانفاق الأميركي السخي على المقاومة الافغانية للاحتلال السوفياتي لافغانستان الذي قدر بحوالي بليوني دولار. وتتهم اجهزة الاستخبارات الأميركية ابن لادن بتوفير متطوعين لمساعدة باكستان على التغلب على الهند واستعادة اقليم جامو وكشمير منها، وتتهمه أيضاً بتدريب مقاتلين في الشيشان واوزبكستان واليمن والكويت وبنغلاديش. ويقول عملاء ال"سي. آي. اي" ان علاقة ابن لادن بالرئيس العراقي صدام حسين ليست وثيقة، فهو يشاركه كراهيته للأميركيين، لكنه يعيب عليه انه "مسلم عاصٍ ... يعيش حياة مترفة مخلة".
ولا تحظى حكومة "طالبان" باعتراف من المجتمع الدولي إلا من باكستان ودولة الامارات العربية المتحدة والسعودية. وأعلن في واشنطن ان الرئيس بوش طلب من الامارات - بناء على توصية مستشارته في شؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس - قطع علاقاتها مع حركة "طالبان". وسرعان ما تردد ان وزير الخارجية كولن باول أبدى تحفظاً حيال الطلب الرئاسي، متذرعاً بأن ذلك سيسفر عن اضعاف مصادر الاستخبارات والمعلومات الضعيفة أصلاً عن الأوضاع في افغانستان.
وعلى رغم الهجوم الحاد الذي شنته صحف واشنطن على باكستان التي اتهمتها بأنها تدعم "طالبان"، فإن باول امتدح اسلام آباد، واتصل الرئيس الأميركي بنظيره الباكستاني الجنرال برويز مشرف ليشكره على الاستعداد الذي أبدته بلاده لمساندة واشنطن في حربها ضد "الارهاب". ويعتقد - على نطاق واسع - ان اسلام آباد وافقت على فتح مجالها الجوي أمام المقاتلات والصواريخ الأميركية التي يعتقد أنها ستطلق من على متن سفن حربية ترسو في عرض البحر. وستسمح باكستان لواشنطن بارسال "فنيين عسكريين" الى أراضيها لمساعدة الباكستانيين في جمع المعلومات ومهمات الاستخبارات الأخرى.
وطبقاً لمصادر في البنتاغون، فإن الجنرال مشرف الذي شدد على عدم السماح لأميركيين يرتدون الزي العسكري بأن يرابطوا في أراضي بلاده، وافق على "درس" امكان دعوة "قوة اسلامية متعددة الجنسية" لتسيطر على أمن الحدود المشتركة مع افغانستان.
اما روسيا فقد أبلغ رئيسها فلاديمير بوتين، وهو ضابط استخبارات محترف، نظيره الأميركي بأن بلاده لن تشارك في أي هجمات على افغانستان أو تنظيم "القاعدة"، وانها ستنصح الجمهوريات السوفيات المستقلة في آسيا الوسطى، خصوصاً طاجكستان، بعدم المشاركة في الهجمات المرتقبة. ويتوقع أن تكتفي موسكو بتقديم المساعدات الاستخبارية اللازمة للأميركيين بحكم أنها تملك معلومات عن نشاطات مزعومة لإبن لادن في الشيشان.
وتولى الوزير باول الاتصال بوزراء الخارجية العرب، وبينهم وزير خارجية سورية فاروق الشرع، خصوصاً في اعقاب الرسالة التي بعثها الرئيس السوري بشار الأسد الى بوش مندداً بأحداث نيويورك وواشنطن وداعياً الى جهود "دولية" لمنع تكرار مثل تلك العمليات. وكانت سورية انضمت للتحالف الذي تزعمته أميركا ضد العراق أثناء حرب الخليج.
الأهداف المقبلة ل"القاعدة"
تم، في جنح الظلام، سحب المدمرة الأميركية "كول" التي تعرضت للتفجير في عدن العام الماضي، من مرفأ باسكاغولا على ضفة نهر المسيسيبي الى مكان غير معلوم لئلا تكون هدفاً لأي عملية مقبلة لتنظيم "القاعدة". وفي 14 أيلول الجاري اعلنت حكومة الفيليبين ان ثلاثة رجال يحملون جوازات سفر عمانية غادروا مانيلا على عجل في 9 أيلول بعدما خططوا لنسف السفارة الأميركية في الفيليبين. وقالت السلطات انهم اخضعوا للاستجواب إثر ضبطهم يقومون بتصوير موقع السفارة الأميركية على شريط مرئي. وعثر على عبوات ناسفة في غرف الفندق الذي أقاموا فيه. وبعد خمسة أيام من وقوع أحداث 11 أيلول كانت الولايات المتحدة لا تزال تغلق 68 من سفاراتها في أنحاء العالم.
أما الأهداف المهمة التي لم تتعرض للهجوم حتى الآن فإن أبرزها البيت الأبيض والكونغرس. وترى السلطات أن بقية المنشآت الأميركية تمثل اهدافاً أقل أهمية لدى "الارهابيين". لكن فنسنت كانيسترارو المدير السابق لقسم مكافحة التجسس في ال"سي. آي. اي" أبلغ "الوسط" بأن اعداء الولايات المتحدة قد يعمدون الى تفجير الأهداف الأقل أهمية كمصافي تكرير النفط. وأكد تكاثر خلايا "القاعدة" في الولايات المتحدة بفضل "الافغان العرب" الذين منحتهم واشنطن تأشيرات دخول وبطاقات اقامة بعد نجاحهم في اخراج القوات السوفياتية من افغانستان.
وليست مخاوف أميركا من "الارهابيين" بحاجة الى اخفاء في الآونة الأخيرة، فهي تتجسد بوضوح في الدوريات المكثفة التي تقوم بها قوات خفر السواحل على ساحلي المحيطين الأطلسي والهادي. وتجوب مقاتلات اف - 15 واف - 16 أجواء نيويورك وواشنطن والمدن الأميركية الكبرى بشكل منتظم. وتم استدعاء 35 ألفاً من الاحتياط الذين كلف معظمهم العمل في تجهيز المقاتلات الاضافية التي تجوب المجال الجوي الأميركي في اعقاب الأحداث المدمرة الأخيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.