منذ الصغر والآباء ينصحون أبناءهم بتناول الجزر لأنه مفيد للنظر، لكن الأبحاث العلمية الكثيرة حول الجزر بينت أنه يحتوي على مركبات عدة تجعل منه غذاء مهماً وضرورياً ليس للنظر وحسب، بل لكل أعضاء الجسم إن لم يكن لكل خلية من خلاياه. هناك حكمة فرنسية تقول: "الجزر يُحَبب" والواقع ان الطب الحديث أثبت صدق هذه الحكمة الشعبية، ورب سائل قد يقول: ما علاقة الحب بالجزر؟ المعروف أن دم الإنسان يحتوي على كمية زهيدة من العناصر المعدنية التي تعتبر أساسية وضرورية للحفاظ على صحة جيدة بعيدة عن الأخطار والاضطرابات. ومعدن البوتاسيوم من أهم هذه العناصر المعدنية التي إذا نقصت في الجسم جعلته عرضة لجملة من المشاكل منها التعب والاعياء العام وكثرة النوم والنعاس والشعور بضعف الساقين وضيق "الخلق" وهبات عصبية تثار لأقل سبب. إن الشخص المصاب بهذه العوارض يكفيه أن يشرب كأساً كبيرة من عصير الجزر ليغدو لطيفاً حلو المعشر، بشوشاً، رقيقاً، وكل هذه الصفات عادت بفضل الجزر الذي نجح في مكافحة نقص البوتاسيوم في الجسم، ومن هنا جاء اعتقاد الفرنسيين بأن الجزر يُحَبب. ويعتبر الجزر ملك الخضار، نظراً إلى أهميته وفوائده الغذائية الواقية والشافية. فهو يحتوي على 88 في المئة من وزنه ماء و6 في المئة هيوليات و3 في المئة دهون و9 في المئة سكريات. كذلك يحتوي على الكلور والفسفور والكبريت والصوديوم والبوتاسيوم والمغنيزيوم والكلس والحديد. والجزر أيضاً غني بالفيتامينات مثل الفيتامين أ وب1 وب2 وث وب ب، وجميع هذه الفيتامينات موجودة في الجزر بمقادير أكثر مما هي عليه في أي نوع آخر من أنواع الخضار. وإذا سألنا عن سبب فائدة الجزر في تقوية البصر، فإن الإجابة نجدها في مادة "بيتا - كاروتين"، فهذه لا تعطي الجزر لونه البرتقالي اللامع وحسب، بل إنها تتحول في الجسم إلى الفيتامين أ المقوي للبصر، وهذه الفائدة عرفها البحاثة منذ الحرب العالمية الثانية، إذ قاموا بزرع الجزر على نطاق واسع وأعطوه للطيارين من أجل تحسين الرؤية الليلية عندهم. إن الفيتامين أ مهم جداً لصنع صباغ ضروري للعين هو "الأريتروبسين" الذي يحمي العين ويجعلها قادرة على الرؤية في العتمة الضوء الخافت، فالإنسان كلما استهلك كميات كبيرة من الفيتامين أ، كلما تمكن جسمه من صنع كميات أكبر من الصباغ المذكور آنفاً. في المقابل إذا نقصت كمية الفيتامين أ في الجسم، فإن صنع الصباغ يقل وبالتالي فإن صاحبه يشكو من صعوبة الرؤية في الليل العشى الليلي، ولهذا فإن الكثيرين من سائقي التاكسي اللليلة يكرعون عصير الجزر من أجل تقوية أبصارهم خلال الليل. وفائدة "بيتا - كاروتين"لا تتوقف على العين، بل هي تتجاوز ذلك بكثير، فالأبحاث الحديثة أوضحت أنها واحدة من أهم مضادات الأكسدة التي تقف بالمرصاد أمام الجذور الحرة وهي عبارة عن مركبات كيميائية ضارة التي تعتبر مصدراً للعديد من المشاكل الصحية الضارة بالبشر بدءاً بالسرطانات ومروراً بالأمراض القلبية الوعائية وانتهاء بالاستحالة الشبكية في العين. وبينت الأبحاث على أنه كلما استهلك الإنسان مواد مضادة للأكسدة كلما قتلت نسبة اصابته بالسرطان. ففي دراسة على 1500 شخص تجاوزوا الأربعين من العمر، لاحظ العلماء أن الوفيات بالسرطان كانت أقل بحوالي 40 في المئة عند أولئك الذين "عززوا" طعامهم بمادة "بيتا - كاروتين" والفيتامين ث. وإذا كان الجزر مفيداً لكل خلايا الجسم، فإن القلب له نصيب مهم من هذه الفائدة، فالعلماء بينوا ان أكل قسط وافر من الجزر والأغذية الأخرى الغنية بمادة "بيتا - كاروتين" ومركبات أخرى معقدة، تساهم في انقاص خطر تعرض القلب لشبح المرض، ويكفي الإنسان أن يتناول مئة غرام من الجزر لتحقيق الفائدة المرجوة، فهذه الكمية تؤمن له عشرة ميليغرامات من مادة "بيتا - كاروتين" وهي ضعف الكمية اللازمة له من أجل حماية قلبه وشرايينه. أخيراً وليس آخراً، فإن الجزر غني بالألياف، فالواحدة منه تؤمن للشخص غرامين من الألياف تقريباً، وعصير الجزر يجب أن يحتل مكانة مرموقة في وجباتنا، فتناوله يومياً يؤمن كميات أكبر من "بيتا - كاروتين" الذي افضل تسميته ب"الجزرين".