متقنّعا وراء شخصية ملتبسة تترك ظلالها على الواقع، ينشىء غازي القصيبي معمار عمله الروائي الجديد "ابو شلاخ البرمائي" الصادر اخيرا عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت. والسخرية التي تُقرأ من عنوان الرواية، سرعان ما يكتشف القارئ أنّها سمة محوريّة من سمات هذا النصّ الجديد الذي يبدو انعطافة طريفة في مسيرة الأديب السعودي البارز، وامتداداً لأعماله السابقة في الآن نفسه. فالسخرية تنسحب على مجمل العمل بنيته وخطابه، وهي سخرية معطوفة على نقد قاس لأنماط اجتماعية جعلت الكذب ناموسها، واختلقت بطولات من العدم، وصنعت أوهاماً حول ذواتها. وإضافة إلى ذلك يشمل النقد بنية مجتمعة برمتها تتغذى على الخرافة، وتجترّ التهويل والمبالغة والاسطورة في شتى أنشطتها الحياتية. القصيبي يدين هذه النماذج بأسلوب حكائي بطله "السيد يعقوب المفضّح"، الشهير ب "ابو شلاخ البرمائي" الذي يكون هدفاً لمقابلات صحافية تجري معه على امتداد فصول الرواية السبعة التي تُستهل وتُختتم بأبيات شعر للمتنبي تحكي عن الاخلاق المستلبة، حيث المكارم صفقة، والمجد عرضة للربح والخسارة. ينتهز أبو شلاخ فرصة المقابلات الصحافية فيطلق العقال لتخيلاته، ويحكي كيف هام بمارلين مونرو واغرم بجاكلين كينيدي وايفا براون، وكيف التقى جيفارا وماوتسي تونغ وهوشي منه وروزفلت، وهتلر الذي قابله في مكتب "يفوق حجمه ملعب كرة قدم"... وانشد بين يديه قائلاً : "يا هتلر المنعوت بالجود والطيب أنا اشهد انك شمري من حموله يا من هجدت الانجليز المعازيب في ليلة ظلما بقنابل مهولة".