كثفت السعودية جهودها خلال الايام الماضية لمكافحة مرض حمى الوادي المتصدع الذي اودى بحياة اكثر من 33 شخص واصابة نحو 160 شخص حتى نهاية الاسبوع الماضي في عدد من المدن السعودية التي تعرضت لهذ المرض الخطير، حيث وجه النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران الامير سلطان بن عبدالعزيز بتخصيص اكثر من 20 طائرة لرش المناطق المشتبه فيها بوجود حمى الوادي المتصدع ، وتم وضع خطة استراتيجية شاملة للتعامل وتشخيص نوعية المرض الذي اصاب المنطقة ، اضافة الى مكافحته في كافة المحافظات ومراكز وقرى المنطقة ، وخصصت الحكومة السعودية 24 مليون ريال6.4 مليون دولار لمحاصرة الفيروس المسبب للمرض والقضاء عليه . وتشهد منطقة جازان حضوراً مكثف من الخبراء الذين تم دعوتهم من جنوب افريقيا ومن منظمة الصحة العالمية والمتخصصين من مركز مكافحة الامراض المعدية في اتلانتا على رغم تأكيد وزارة الصحة السعودية ان الاستعانة بهولاء الخبراء " لايعني في الضرورة عدم سيطرتها على تفشي المرض او خروجه من نطاق التحكم " . واتخذت السعودية اجراءات لمنع عمليات التهريب او التسلل عبر حدودها الجنوبية حيث تم الاعلان عن ضبط وإعادة اكثر من 735 متسللا اثناء محاولتهم الدخول الى البلاد اضافة الى ضبط عمليات تهريب الى السعودية . ووصل الى منطقة جازان اكثر من مليوني جرعة لقاح من جنوب افريقيا لاستخدامها للماشية في اطار مكافحة الحمى بهدف اعطاء المواشي مناعة ضد هذا المرض . واشارت وزارة الزراعة السعودية الى انها انهت نحو 95 في المئة من تجهيزات المختبر الذي يضم اجهزة تحاليل يجري عليها الخبراء تحاليل عينات دم تم جمعها من المواشي النافقة في عدد من محافظات منطقة جازان ، اضافة الى ان خبراء الحشرات جمعوا نحو 30 الفاً من البعوض ويجري حاليا دراستها لمعرفة انواع البعوضة الناقلة لمرض حمى الوادي المتصدع . الى ذلك اجتمع وزير الزراعة السعودي الدكتور عبدالله بن معمر مع نظيره وزير الزراعة اليمني علي الجبلي في مركز الطوال الحدود السعودية اليمنية وتم بحث سبل حصر المرض اضافة الى بحث موضوع التصدي لتهريب الماشية المريضة عبر الحدود ، وخطط الرش الجوي للمناطق المتضررة في السعودية واليمن من البعوض . إجراءات ناجعة لحصر المرض واكدت وزارة الصحة السعودية ان ظهوراربع اصابات بمرض الوادي المتصدع في الرياض لا يعني وجود المرض فيها لان مقومات مرض حمى الوادي المتصدع غير موجودة فى المنطقة وهى تتمثل فى الماشية والبعوض، مشيرة الى أن الحالات المرضية عامة لا زالت حتى الان مرتبطة بمنطقة جازان أو المنطقة الجغرافية المحيطة بها لان الحالات التى ظهرت فى المناطق الاخرى آتية من تلك المنطقة . ويأتي ذلك في الوقت الذي اكدت فيه امانة مدينة الرياض اهمية البدء المبكر في اتخاذ الخطوات الاحترازية للحيلولة دون انتقال اية اصابات الى مدينة الرياض ، مشيرة الى انه تم اعداد خطة متكاملة في هذا الصدد وذلك بالتركيز على الكشف على الماشية المعروضة في الاسواق ، والقضاء على البعوض وعوامل تكاثره . وكانت وزارة الزراعة والمياه السعودية ذكرت ان السلطات المختصة ابادت الاسبوع قبل الماضي الفي رأس من المواشي المصابة بفيروس حمى الوادي المتصدع وسوف يتم تعويض المواطنين الذين نفقت مواشيهم بسبب هذا الوباء والتي يقدر مجموعها حتى الآن نحو 6ر11 الف راس . "الوسط" سألت الدكتور خالد بن عبدالرحمن التركي طبيب استشاري مساعد المدير العام للرعاية الصحية الاولية في المنطقة الشرقية. كيف يتم انتقال مرض حمى الوادي؟ - مرض "حمى الوادي المتصدع" يسببه فيروس، ينقل المرض الى الانسان عن طريق لدغ البعوض الحامل لهذا الفيروس. وهناك نوعان من البعوض ينقلان المرض هما بعوضة الإيدس ADES وبعوضة كويلكسCULEX والمرض لا ينتقل مباشرة من المريض الى الأصحاء، لأن دورة حياة الفيروس تتطلب المرور بأحد الثدييات من المواشي، مثل الأغنام والأبقار، فالبعوضة تلدغ الحيوان المصاب بالمرض لتحصل على غذائها، فتحمل منه آثاراً من الدم الحامل للفيروس، ثم تلدغ انساناً سليماً فتنقل اليه المرض. وهنا نود أن نؤكد ان المرض لا ينتقل عن طريق الطعام والشراب، فلا خوف من أكل لحوم المواشي إذا كانت قد ذبحت تحت الاشراف البيطري، ولكن يجب الحذر من قبل البيطريين والجزارين في حال تعاملهم مع المواشي المصابة بالمرض، أو مع أجنتها التي أجهضتها بسبب الاصابة بالمرض، لأن دم الماشية المصابة قد يكون مصدراً للعدوى إذا لم تتخذ الاحتياطات الواجبة. متى ظهر هذا المرض للمرة الأولى؟ - اكتشف المرض للمرة الأولى في كينيا العام 1930، ومنذ ذلك الحين حدثت أوبئة عدة في افريقيا، منها وباء انتشر في كينيا عام 1950 - 1951، وآخر ظهر في جنوب افريقيا عام 1987، وكان أكبرها هو ذلك الوباء الذي حصل في مصر في الفترة من 1977 - 1978 حيث أصاب حوالي 200 ألف شخص وأودى بحياة 600 شخص، كما حصل وباء آخر في مصر عام 1993 أدى الى اصابة حوالي 600 شخص أيضاً. ما هي أعراض الوباء؟ - "حمى الوادي المتصدع" مرض متوسط الشدة غالباً، يسبب أعراضاً خفيفة في معظم الحالات، مثل الحمى الخفيفة، والاسهال، والتشنجات، والقيء والغثيان، مع آلام في البطن والمفاصل، وصداع، أي أعراض تشبه أعراض الانفلونزا تقريباً. وبحمد الله تعالى فإن معظم المرضى يتماثلون للشفاء في غضون 7 أيام من الاصابة بالمرض. وهناك نسبة ضئيلة جداً من المرضى تحصل لديهم مضاعفات حادة، مثل هبوط وظائف الكبد والكلى أو حصول نزيف وتخثر في الدم، وانخفاض نسبة الخضاب في الدم يؤدي الى فقر دم شديد يهدد حياتهم، وقد يحصل التهاب في المخ والسحايا، وقد تصاب شبكية العين فيحصل تشوش في الرؤية أو عمى دائم، وبصورة عامة لا تتعدى نسبة الوفيات 1-3 في المئة من المصابين. وكيف يتم تشخيص المرض؟ - يتأكد تشخيص الاصابة بحمى الوادي المتصدع عن طريق الفحوص المخبرية التي تجرى على دم المريض، وذلك بعزل الفيروس من الدم، أو بالاختبارات المصلية الخاصة بهذا المرض، الى جانب الأعراض التي تظهر على المريض. أما علاج حمى الوادي المتصدع فمثلها مثل بقية الأمراض التي تنتج عن الفيروسات ليس لها علاج نوعي خاص بها، بل تعالج أعراضها، ويعطى المريض السوائل اللازمة والدم عند الضرورة، وقد تستخدم بعض العقاقير المضادة للفيروسات لكن نتائجها غير مؤكدة، وعلى العموم فإن الرعاية الطبية الجيدة تعطي نتائج حسنة، ويتماثل معظم المرضى للشفاء. ما هي الاجراءات الوقائية؟ - عند الاشتباه بالمرض يجب عزل المريض في أقسام الحميات المخصصة للعزل، والتي تكون نوافذها مغطاة بشبك عازل يمنع دخول البعوض، مع وجود مراوح شفط تجعل الضغط داخل غرفة العزل سلبياً، الى جانب العناية الطبية اللازمة واتخاذ الاحتياطات الواجبة عند التعامل مع مفرزات المريض وعينات الدم التي تؤخذ منه، وعلى الطاقم الطبي ارتداء القفازات والكمامات والألبسة الواقية للحماية من المرض. أما المواشي التي يشتبه باصابتها بالمرض فيجب أن تخضع للفحص البيطري، ويتم إعدام المواشي المصابة بطريقة الحرق تحت اشراف البيطريين، وهناك لقاح يعطى للمواشي لوقايتها من هذا المرض. بماذا تنصحون المواطنين؟ - نظراً الى عدم وجود علاج نوعي لحمى الوادي المتصدع، وعدم وجود لقاح يقي من الاصابة، فإن الوقاية تبقى خير وسيلة لمنع انتشار هذا المرض، ولهذا ننصح بما يلي: في المناطق الموبوءة بالبعوض ننصح بعدم النوم في العراء، وفي حال الاضطرار لذلك يجب ارتداء الملابس الساترة أثناء النوم، مع استخدام الناموسيات التي تمنع وصول البعوض الى جسم النائم، ويستحسن أيضاً استخدام بعض المواد الطاردة للبعوض، مثل المراهم، أو الأبخرة الخاصة بذلك. تجنب الخروج من المنزل في أوقات نشاط البعوض، وبخاصة عند الشروق والغروب. تجنب ملامسة الحيوانات، وعند الضرورة ارتداء القفازات والكمامات والملابس الواقية. تجنب شرب الحليب إلا بعد غليه جيداً . في حال الاشتباه باصابة احدى المواشي يجب عرضها على البيطري عاجلاً. أكل اللحوم المطبوخة جيداً لا ينقل المرض. الدراسات التي تجرى على تلقيح الانسان مشجعة، لكنها لم تطبق بعد على نطاق واسع