إنها واحدة من أكبر نجمات السينما على المستوى العالمي، ولا يزال ظهورها على الشاشة يثير دهشة الجمهور العريض واعجابه في كل مكان. عملت مع ألمع فتيان الشاشة من آلان ديلون إلى هنري فوندا مروراً ببيرت لانكاستر وكلاوس كينسكي وبيتر سيلرز، خصوصاً مارتشيلو ماستروياني الذي شاركها بطولات عدة. ومن ناحية المخرجين يحلو لكلوديا كاردينالي، نجمة النجمات، أن تذكر عباقرة عملت تحت إدارتهم من أمثال فيسكونتي وفلليني وريشارد بروكس وسرجيو ليوني وبليك ايدواردز وفيرنر هيرزوغ. ولدت كلود جوزيفين روز كاردينالي اسم كلوديا كاردينالي الحقيقي في تونس من اصل ايطالي وفازت وهي في السادسة عشرة من عمرها بلقب "أجمل ايطالية في تونس" قبل أن تكتشفها السينما وتطلقها بسرعة البرق إلى سماء نجماتها. وعلى الصعيد الخاص، فإن كلوديا اليوم أم لشاب اربعيني انجبته وهي في التاسعة عشرة، ولشابة عمرها 20 سنة تحمل اسم أمها، أي كلوديا. "الوسط" التقت النجمة الايطالية في مدينة بينوديه الفرنسية، حيث خصها مهرجان سينمائي يقام هناك بتكريم خاص، وكان هذا الحوار: يدور مهرجان مدينة بينوديه حول موضوع "الباحثون عن الروح"، فما هو انطباعك عنه؟ - اعتقد ان إدارة المهرجان قد أحسنت اختياري كضيفة شرف لأني بصفتي شرقية مولودة في حوض المتوسط، أعشق بطبيعتي كل ما يحيط بالروح. وأنا أرى مثلاً ان المياه لها علاقة مباشرة بالروح، وطبقاً لما أشهده هنا في بينوديه فالمياه من أبرز العناصر الطاغية على المنطقة والمكونة لجمالها وجاذبيتها وسحرها. هل هناك ضمن أفلامك ما قد يصلح للعرض هنا بسبب تعلقه بخبايا الروح؟ - أفلام فيسكونتي وفلليني كلها سواء كنت أنا فيها أم لا، لها علاقة بالروح البشرية. وفي ما يخص أفلامي أنا شخصياً اعتقد ان "الفهد" المصور في الستينات من اخراج فيسكونتي يصلح تماماً للعرض في إطار هذا المهرجان. أنت نجمة كبيرة... - اسمح لي بمقاطعة كلامك، فأنا ارفض تماماً لقب "نجمة". لست نجمة أبداً ولا اعتبر نفسي حتى ممثلة. انا امرأة تعيش أدوارها فوق الشاشة وتنغمس فيها إلى درجة أنها تشكل في النهاية كتلة واحدة مع كل دور تؤديه. أنا أتحول عندما أعمل إلى الشخصية المطلوب مني تقمصها. والفارق بيني وبين "الممثلة" هو اني الآن مثلاً وأنا اتحدث إليك لا أمثل أي دور وأبقى على طبيعتي، بينما ستلعب الممثلة المحترفة بعواطفك حتى تعطيك عن نفسها صورة ايجابية وتجعلك تحكي لمحيطك عن "مدى خفة ظلها" و"جاذبيتها الطبيعية". أما "النجمة" فهي ستأتي إلى اللقاء معك مرتدية نظارتها الشمسية السوداء جداً ومحاطة بحراسها الشخصيين، وهذا ما لم أفعله في حياتي حتى الآن ولا أنوي فعله أبداً. ولكن ما هو السؤال؟ على رغم معايشتك فترة سينمائية زاخرة بالحركة والعبقرية سواء في هوليوود أو أوروبا، وأقصد سينما الستينات، انت الآن مستمرة في العمل تحت إدارة الجيل الجديد من المخرجين كقيامك بأداء دور في فيلم "تحت أقدام النساء" للمخرجة رشيدة كريم، فكيف تتأقلمين مع الفترات الزمنية المختلفة التي لا علاقة بينها على الصعيد الفني؟ - أنا لا يمكنني أن أرد على مثل هذا السؤال إلا بقولي أنا أتأقلم جيداً مع الفترات الزمنية التي اعيشها. وليس فقط في السينما، بل في حياتي اليومية الخاصة. والحياة الآن مختلفة عما كانت عليه في الستينات ولا يعني الأمر اني سأنتحر أو أعيش متخفية في ذكرياتي، فلكل زمن مزاياه وعيوبه وخواصه، والسينما تتبع الحركة الاجتماعية العامة. أنا عملت مع عباقرة الفن السابع لأني كنت محظوظة جداً، وأود التركيز على هذه النقطة، فالحظ يحالفني مهنياَ منذ بدايتي السينمائية ولا يزال يرافقني الآن ويفتح أمامي أبواب العمل مع أبناء الجيل الجديد. أنا أحب مهنتي وبالتالي استمر في ممارستها مع أن فلليني وفيسكونتي وماستروياني قد رحلوا إلى الأبد. وبشأن مارتشيلو ماستروياني الذي كان أقرب أصدقائي إليّ، أود أن أقول انني أشعر دائماً أنه يختبئ تضحك وراء شجرة أو باب أو نافذة ويراقب تصرفاتي ويحميني ضد مطبات الحياة. ما هي ذكرياتك عن فترة عملك في هوليوود؟ - ان ذكرياتي الأميركية عادية، فأنا كنت أفضل العمل على الطريقة الأوروبية الأكثر دفئاً من الناحية الإنسانية، وإن كانت أقل فعالية على الصعيد التقني البحت. لا تنسَ اني شرقية وبالتالي حساسة جداً لكل ما يتعلق بالتعامل الإنساني. كيف يتصرف مخرج مبتدئ إذا أراد منح بطولة فيلمه إلى كلوديا كاردينالي؟ - يبدو انك لا تصدقني عندما أقول لك إني لا اتصرف مثل النجمات. أنا اطلب قراءة سيناريو الفيلم ثم لقاء المخرج للدردشة الودية معه، ومن ثم اتخذ قراري طبقاً لمدى ارتياحنا بعضناَ لبعض من الناحية الإنسانية. فهذا العنصر اعتبره أهم من نوعية النص لأني مثلما سبق وذكرت شرقية أعير العلاقة البشرية أهمية قصوى في ظروف حياتي كلها. أنا عملت أخيراً في فيلم مع غيوم دوبارديو، وهو نجل جيرار دوبارديو. وكم من مرة سمعت أنه لا يطاق ويتصرف مع الغير بطريقة مجردة من أبسط قواعد الذوق لأنه الابن المدلل الذي يرتكز على نجومية "بابا" في كل الأوقات والمناسبات. لكن في النهاية فوجئت بشاب مهذب حزين فتح لي قلبه وعرف كيف يكسب ثقتي ويهز أحاسيس الأمومة عندي تجاهه. ربما كان يحتاج فقط لمن يسمعه ولا يعتبره "ابن" دوبارديو العملاق. لقد صرح آلان ديلون أخيراً بحبه الكبير لك، فهل تبادلينه هذا الشعور؟ - لقد قال ديلون ذات مرة "كدت أعيش مع كلوديا كاردينالي حكاية حب قوية تحولت منذ بدايتها صداقة متينة ودائمة". إنه على حق وهذا أحسن رد على سؤالك. ما هي أجمل صفاتك؟ - تبتسم أنا إنسانة طبيعية جداً