ما ان انتهى وقع مفاجأة قرعة التصفيات التمهيدية لكأس العالم في كرة القدم للعام 2002 حتى كانت المفاجأة الثانية: المانيا وانكلترا في مجموعة واحدة ايضاً في كأس الامم الاوروبية المقبلة. ويا لها من مفاجأة يفرك لها عشّاق اللعبة ايديهم انتظاراً للموقعة المبكرة مساء 17 حزيران يونيو المقبل على ملعب شارلوروا في بلجيكا، وهي موقعة ستكون بروفة لمعارك لاحقة في تصفيات كأس العالم التي ستجري في اليابان وكوريا الجنوبية. واذا كان المسؤولون عن المنتخبين الالماني والانكليزي قد اعترفوا بصعوبة المهمة لدى كل فريق، الا ان كل مدرب اكد ان فريقه على أتم الاستعداد للمقارعة. كيفن كيغان مدرب المنتخب الانكليزي اعتبر ان مواجهة المانيا ليست مجرد مزحة، بل هي طريفة، واكثر من ذلك انها مناسبة كبرى ليثبت المنتخب الانكليزي فعلياً مدى اهليته، خصوصاً اللاعبين الشباب الذين ينضمون الى الفريق للمرة الاولى. وهم في كل حال سيثبتون، كما يؤكد كيغان ان مستواهم اعلى من مستوى اللاعبين الالمان. اما المدرب الالماني اريك ريبيك فبدا اكثر تواضعاً عندما اعلن انه لم يكن يتمنى اطلاقاً ان يواجه الانكليز، معتبراً ان على لاعبيه ان يبذلوا جهوداً كبيرة للوصول الى ربع النهائي. وفي كل حال يرى ريبيك ان من الافضل مواجهة منافسين من مستوى عال لأن التركيز يصبح بدوره اكثر فعالية. ولم يخلُ سحب قرعة كأس العالم الاوروبية من مفاجآت اخرى، الى درجة دفعت احد مسؤولي الاتحاد الاوروبي الى القول "كم ان هذا العالم صغير" في اشارة الى وقوع نصف المنتخبات في المجموعات ذاتها في الكأس الاوروبية وفي تصفيات كأس العالم في اليابان وكوريا الجنوبية. فالسويد وتركيا في المجموعة ذاتها،في الكأسين، وسلوفينيا ويوغوسلافيا كذلك، والدانمرك وتشيخيا ايضاً. اما انكلترا والمانيا فتخوضان ثلاث مواجهات: الاولى في كأس الامم الاوروبية والثانية في كأس العالم والثالثة في الفوز بتنظيم كأس العالم للعام 2006 وفي هذه المواجهة الاخيرة يحشد البلدان كل ما يملكان من ملاعب وحسن ادارة وتنظيم للفوز، الى درجة ان مسؤولي الكرة في البلدين تبادلوا التصريحات الانتقادية. ومع ان كأس الامم الاوروبية لا تحظى بالاهمية نفسها لكأس العالم، الا انها تحولت الى ما يشبه حقل تجارب للمونديال، فهي تقع في منتصف السنوات الاربع التي تفصل كل مونديال، ونظراً الى المستوى الرفيع الذي بلغته الكرة الاوروبية وسيطرة منتخبات القارة القديمة مع منتخب البرازيل على جميع المنافسات الدولية، فان اوروبا اصبحت معقل كرة القدم، بل ان اللعبة تحولت الى مؤسسة قائمة بذاتها، عبر الاندية الغنية جداً، والمنتخبات التي تخصص لها موازنات حكومية ضخمة. في هذا السياق يأخذ وقوع فرنسا في مجموعة واحدة في كأس الامم الاوروبية مع كل من هولندا وتشيخيا والدانمرك مغزى معيناً، قبل عامين فقط من المونديال الآسيوي. ففرنسا المتأهلة حكماً لهذا المونديال كونها تحمل كأس العالم 1998، ستواجه فريق صاحب الارض، وهو فريق راسخ الاقدام وذو تجربة عريقة وفائز بكأس الامم الاوروبية العام 1988، اضافة الى نجاحاته المميزة طوال العقود الثلاثة الاخيرة في مباريات كأس العالم ووصوله اكثر من مرة الى الادوار النهائية او نصف النهائية. اما تشيخيا فبينها وبين فرنسا "ثأر" يعود الى العام 1996 عندما تغلبت تشيكوسلوفاكيا السابقة على فرنسا في نصف نهائي كأس الامم الاوروبية في انكلترا. وقد لا يقل مستوى الدانمرك عن مستوى تشيخيا، فهي كانت مفاجأة كأس العالم 1992 عندما انتزعتها وسط دهشة الجميع. لكن منذ ذلك الوقت تغيرت احوال الكرة الدانمركية ولم يبق من النجوم سوى حارس المرمى شمايكل الذي انتقل هذا الموسم من مانشستر يونايتد الى سبورتنغ لشبونة البرتغالي. وفي كل حال تبدو فرنسا محط الانظار، فهي حاملة كأس العالم ونتائج مبارياتها منذ خريف العام 1998 وحتى الآن غير مستقرة… الا اذا وفى لاعبها الاشهر بوعده لزميليه الهولنديين في فريق جوفنتوس فان دير ستار ودافيدز بتسجيل هدفين في مرمى هولندا، مثلما وفى بوعده عندما سجل هدفين في مرمى البرازيل في المونديال الاخير. واذا قال زيدان فصدّقوه!.