بعد قرارها تجميد الاجور العليا، خطت الحكومة المغربية خطوة جديدة باتجاه تطبيق برنامجها للاصلاح، بالاقدام على الغاء بعض الامتيازات التي كان يستفيد منها سابقاً كبار موظفي الدولة. وذكر وزير الاقتصاد والمال فتح الله ولعلو ان الحكومة الغت جملة من الامتيازات التي كان الموظفون الكبار يستفيدون منها، مثل مجانية الماء والكهرباء والهاتف والتعويضات عن النفقات الخاصة، وذلك في اطار تفعيل مقتضيات البرنامج الحكومي وترشيد الانفاق العام. وكان عبدالرحمن اليوسفي رئيس الحكومة، زعيم حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، أكد في البرنامج الذي عرضه أمام مجلس النواب في نيسان ابريل الماضي "ان الحكومة ستقوم بالغاء الامتيازات وتجميد الاجور العليا في انتظار مراجعة وترشيد نظام المرتبات الخاصة بالوظائف العامة وفق معايير منسجمة تعتمد على قيم العدالة والاستحقاق والمردودية". وعلى رغم ترحيب الأوساط السياسية المغربية بالقرار الحكومي واعتباره "مؤشراً ايجابياً لبلورة ميثاق حسن التدبير وضبط النفقات العامة" فقد سجل عليه "ان اثره سيكولوجي أكثر منه مادياً" لعدم شموله امتيازات "باذخة" أخرى كالسيارات والسكن والاصطياف ومخصصات اجتماعات مجالس الادارة، وبالتالي ضعف مردوديته المالية. وطبقاً لتقرير نشر في الرباط أخيراً، فإن كلاً من رئيس مجلسي النواب والمستشارين يتقاضى 80 ألف درهم شهرياً 8500 دولار تقريباً، في حين يتقاضى رئيس الحكومة 70 ألف درهم وباقي الوزراء 60 ألف درهم ووكلاء الوزارات 50 ألف درهم، أما رواتب الولاة والعمال المحافظون فتتراوح بين 59 و48 ألفاً. غير أن الراتب الخام لعدد من مديري المكاتب العامة وشبه العامة يتجاوز احياناً ما يتقاضاه رئيسا مجلس النواب والحكومة معاً، إذ يقرب من مليوني درهم سنوياً، من دون احتساب نفقات الامتيازات التي ترفعه الى 3 ملايين أو أربعة ملايين درهم، بينما يبلغ الحد الأدنى للاجور نحو 20 ألف درهم سنوياً. وكانت هذه المفارقة في سلم الرواتب، موضوع نقاش صاخب شهدته الدورة البرلمانية الأخيرة، حيث دعا نواب ومستشارون الى وقف سياسة التبذير وإعادة النظر في نظام الوظيفة العامة، والتعويضات المرتفعة المخصصة لكبار الموظفين كونها "تفوق امكانيات الدولة ولا تتناسب مع وضع المغرب الذي يواجه صعوبات مالية ومعضلات اجتماعية" في مقدمها معضلة البطالة. ويتوقع ان تعمد الحكومة الى مزيد من الاجراءات لخفض كتلة الاجور البالغة في الموازنة الحالية نحو 37 ملياراً و32 مليون درهم للدفع بخطة وضعتها أخيراً لتوظيف حملة الشهادات العاطلين 200 ألف عاطل تقريباً وتوفير حوالي 25 ألف منصب عمل سنوياً.